هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا من إعداد لويزا لافلاك ومصطفى سالم، يتحدثان فيه عن المخاوف التي تنتشر بين المتظاهرين في العراق، في وقت تواصل فيه الحكومة قمعها وتتكتم على أعداد القتلى.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن العراقيين يواجهون منذ أكثر من شهر الرصاص الحي والقنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه وهم يهتفون مطالبين بإزاحة النظام السياسي في البلاد بأكمله.
ويقول الكاتبان إن النخبة السياسية بحثت عن مخرج، ومن ثم اتحدت معا، في وقت تراجعت فيه حدة التظاهرات، لكن القمع لم يتوقف، إلا أن الخوف يتسلل في أوساط المتظاهرين، وبدأ رجال غرباء يظهرون في مخيمات المتظاهرين ويلتقطون صورا ثم يختفون، مشيرين إلى أن الشرطة تقول للمتظاهرين الذين تعتقلهم إنه من الأفضل إخبار أصدقائهم.
وتلفت الصحيفة إلى أنه قتل حتى الآن أكثر من 319 شخصا، فيما جرح 15 ألف شخص منذ بداية الاحتجاجات في المدن الجنوبية في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر، بحسب مفوضية حقوق الإنسان العراقية.
ويفيد التقرير بأن حملة قمع واسعة بدأت مع تراجع حدة التظاهرات، فاعتقل مئات من الناشطين، فيما اختفى المتطوعون الطبيون وهم في الطريق إلى ساحة التحرير في بغداد، ولم يسمع منهم حتى الآن.
وينوه الكاتبان إلى أن محتجين ورجال إسعاف قالوا في مقابلات معهم إن ضباط أمن وأفرادا يحضرون إلى الخيام التي تزدحم بالأصدقاء ثم يلتقطون الصور على هواتفهم النقالة ويغادرون، مشيرين إلى أن الناشطين أظهروا رسائل تهديد على هواتفهم النقالة، أو رسائل تنصحهم بالعودة إلى بيوتهم.
وتورد الصحيفة نقلا عن غيث محمد (28 عاما)، الذي كان يجلس في غرفة مع زملائه تحيط بهم صور صديقتهم صفاء السراي، التي قتلت في 28 تشرين الأول/ أكتوبر، بعدما أطلقت الشرطة عليها علبة غاز مسيل للدموع أصابتها في الرأس، قوله: "العودة إلى البيت تعني الاختطاف على يد قوات الأمن، ونحن مستعدون للبقاء هنا من أجل حقوقنا".
ويشير التقرير إلى أنه تمت السيطرة على التظاهرات في البداية قبل أن تستأنف من جديد بعد عدة أسابيع، وتتحول إلى مواجهات جيلية بين الجيل الشاب الذي نشأ في ظل الاحتلال الأمريكي، والنخبة السياسية التي انتفعت من النظام الانتخابي الذي ساعدت الولايات المتحدة على تصميمه.
ويذكر الكاتبان أنه في محاولة لامتصاص غضب الجماهير بسبب البطالة العالية في بلد يعد غنيا بالنفط، حاول رئيس الوزراء عادل عبد المهدي والرئيس برهم صالح تقديم وعود بتوفير الأعمال والتعديلات القانونية، لافتين إلى أن الشارع تلقى وعودهما بنوع من الصدمة.
وتنقل الصحيفة عن علي صالح، وهو الطالب الذي شارك في الاحتجاجات، قوله: "في كل مرة نحتج فيها يعدون، لكن لا نريد تنازلات أو تغيير القوانين، بل نريد التغيير الأساسي في طبيعة الحكم.. لم يعرفوا ماذا سيفعلون بنا في البداية، لكننا نريد أن نكون واضحين الآن".
ويلفت التقرير إلى أن التظاهرات أدت إلى صدمة عرابي السلطة، فاقتنع عبد المهدي في البداية بتحضير نفسه للاستقالة قبل أن يقنعه داعموه في بغداد وطهران بالعدول عن استقالته، وذلك بحسب ثلاثة مسؤولين على معرفة بالأمر، الذين رفضوا الكشف عن هويتهم، مشيرا إلى أن الأطراف السياسية بأطيافها كلها اتفقت في الأسابيع التي تبعت المظاهرات على حماية النظام.
ويورد الكاتبان نقلا عن المستشار السابق لعبد المهدي، عزت الشهبندر، قوله: "الجميع يقف خلف رئيس الوزراء، فلو ترك فستكون هناك فوضى ولا أحد يريد هذا الأمر"، فيما كتب كل من المحللين عمر السيري وريناد منصور في موقع "مدى مصر"، قائلين: "لم تعد النخبة في بغداد قادرة على الاعتماد على الوعود الفارغة، ولهذا عادت إلى الاستراتيجية المعروفة، وهي اللجوء لتهدئة التهديد الوجودي الذي يمثله هذا الحراك الشعبي: عبر العنف".
وتبين الصحيفة أن آية الله علي السيستاني، الذي قالت ممثلة الأمم المتحدة في العراق جانين هينس- بالاستشار بعد لقائها به، إنه قلق من عدم جدية النخبة السياسية في تنفيذ الإصلاحات اللازمة، يجد نفسه في وسط الاحتجاجات، وقالت بالاستشار في مؤتمر صحافي: "كان السيستاني واضحا بأنه يدعم إصلاحا جديا في مدة زمنية معقولة"، مشيرة إلى أن هتافات المتظاهرين عكست كلماته، وكتب على يافطات أن المتظاهرين لن ينهوا احتجاجاتهم قبل تحقيق الإصلاحات الجدية.
ويذكر التقرير أن الخارجية الأمريكية عبرت في بيان لها عن قلقها "حول العنف المستمر والهجمات التي تستهدف المحتجين، لافتا إلى أنه من غير المعلوم حجم الدماء التي سفكت في التظاهرات.
وينقل الكاتبان عن المسعفين ومسؤولي حقوق الإنسان، قولهم إن مكتب رئيس الوزراء منع المستشفيات من تقديم معلومات حقيقية عن الضحايا لمؤسسات الدولة التي تقوم بتوثيق عدد القتلى.
وتورد الصحيفة عن ممثلين عن المشارح، قولهم إنهم لا يملكون صلاحية الكشف عن عدد الجثث التي يتلقونها يوميا، مشيرة إلى أن صور القتلى تنتشر في ميدان التحرير وفي الشوارع وتحت الجسور التي شهدت مواجهات في الأيام الماضية، بالإضافة إلى انتشار بقايا عبوات الغاز المسيل للدموع.
وينقل التقرير عن آدم رونزلي، وهو الكاتب المشارك في موقع "بيلينغكات"، قوله إن العلامات على العبوات تظهر أنها مصنوعة في إيران، فيما يقول الباحثون إنها نقلت إلى الجيش العراقي خلال الحرب ضد تنظيم الدولة.
ويورد الكاتبان نقلا عن كبير مستشاري الأزمات في منظمة "أمنستي إنترناشونال" بريان كاستنر، قوله: "لم نر قنابل استخدمت بهذا الحجم وبهذه الطريقة في أي احتجاج مدني"، وأضاف: "الصور قد لا تكون قابلة للمشاركة نظرا لفظاعتها".
وبحسب الصحيفة، فإن زنة العبوة تبلغ عشرة أضعاف العبوة العادية التي تستخدم عادة في السيطرة على الجماهير، وذلك بحسب الأطباء الذين يعملون في مستشفيات بغداد، والذين قالوا إنها تهشم الجماجم، وقتلت على الأقل 31 شخصا.
ويفيد التقرير بأنه في خيمة إسعاف قام مسعف متطوع وضابط سابق في المخابرات بوزن حجم العبوة في يده، وقال: "اسمع، كنا نستخدم هذه العبوات ضد تنظيم الدولة، وكنا نرميها في البناية، ولم نكن نهتم بما يحدث لأنهم أعداء.. لم يقصد استخدامها ضد المدنيين أو رميها بين الجماهير"، فيما كان على هاتفه النقال رسائل من الأمن يطالبون بمعلومات وتفاصيل وأسماء المحتجين.
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أنه كون المسؤولين يرفضون الكشف عن حجم الضحايا، فإن المتظاهرين باتوا يخشون من الذهاب إلى المستشفيات خشية الرقابة أو الاعتقال.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)