هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "ذي تريبيون" تقريرا للكاتب العضو في جمعية أصدقاء بوليفيا، مات ويلغرس، يقول فيه إن الأيام الأخيرة شهدت المرحلة التراجيدية لما بعد الانقلاب ضد إيفو موراليس وحكومته في بوليفيا.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه تم إطلاق النار على المتظاهرين المدافعين عن الديمقراطية في مدينة إل ألتو، بالإضافة إلى أنه تم اعتقال مناصري حزب موراليس، الحركة نحو الاشتراكية (MAS)، من بيوتهم، فيما قام أفراد الشرطة الملثمون باستعراض المسؤولين أمام الكاميرات، وتم نشر الجيش في الشوارع.
ويلفت ويلغرس إلى أنه "في وقت كتابة هذا التقرير، كانت المحرضة اليمينية، جينين أنييس، قد أعلنت نفسها رئيسة لبوليفيا، وأنييس عنصرية تعتقد بتفوق العرق الأبيض، وقد غردت كيف (تحلم في بوليفيا حرة من الطقوس الشيطانية التي يمارسها سكان البلد الأصليون)، وكيف أن العاصمة (ليست للهنود (الحمر)، فهم ينتمون للهضاب العالية أو إقليم تشاكو)، وقد صادق عليها يوم الثلاثاء برلمان يفتقد إلى غالبية المنتخبين فيه، أي أنه لم يكتمل النصاب الدستوري فيه، بالإضافة إلى أنه تم إهمال عملية انتقال السلطة، لكن لا شيء من هذا يهم بالنسبة للجيش الذي يدير بوليفيا الآن".
وتجد المجلة أن "هذه التحركات تظهر بأنه، مهما ادعى الإعلام (الليبرالي)، فإن الأحداث الأخيرة في بوليفيا ترقى إلى انقلاب، الذي كان عبارة عن استيلاء على السلطة دون اتباع التقاليد الديمقراطية، نظمته النخبة في اليمين المتطرف الذين رفضوا أي عملية تفاوض ولا حتى عرض موراليس بإجراء انتخابات جديدة، وأدركت القوى التقدمية في الأمريكيتين هذا الواقع من وزير الخارجية المكسيكي مارسيلو إبراردو إلى رئيس الأرجنتين المنتخب، والرئيس البرازيلي السابق لولا، الذي أطلق سراحه مؤخرا، والسياسية الأمريكية إلهان عمر، التي وصفت الحالة باختصار حين قالت: (هناك كلمة لرئيس بلد يقوم الجيش بإخراجه، إنه انقلاب)".
ويفيد التقرير بأن إخراج الجيش البوليفي لموراليس من الرئاسة جاء بعد موجة من عنف المعارضة التي هاجمت مؤيدي الحكومة التقدمية، وبالذات ضد سكان البلد الأصليين والفلاحين، مشيرا إلى أن اللافت للنظر هو أن ذلك تضمن تخريب البيت الرئاسي لموراليس وحرق بيت أخته، بالإضافة إلى عمل قوات الأمن مع العصابات اليمينية لاعتقال مؤيدي MAS من المناطق الفقيرة في مدن بوليفيا.
وينوه الكاتب إلى أن من الحالات الصادمة حالة باتريشا آرسي، عمدة منطقة فينتو في مدينة كوتشامبابا، التي تعد قلب التأييد لحزب MAS، حيث قامت العصابات الانقلابية باعتقالها وحلق شعرها ورشها بالصبغ الأحمر، وهو لون اليمين في بوليفيا، وأجبروها على المشي حافية في شوارع فينتو، وأن تركع وتطلب العفو لتأييدها لموراليس، وقيل إنها رفضت أن تعتذر، وبأنه تم إنقاذها في نهاية المطاف من المتظاهرين المؤيدين لموراليس، إلا أن هذا لم يمنع من أن يتم إشعال النار في مبنى البلدية في فينتو.
وتذكر المجلة أن الشرطة والجيش قاما بالسيطرة على شوارع لاباز، وأقاما حواجز لمنع مؤيدي موراليس من التظاهر في المدينة، مشيرة إلى أن هناك اليوم صدامات عنيفة بين قوى الانقلاب والمتظاهرين من سكان البلد الأصليين، ما أدى إلى إطلاق النار على 6 مواطنين على الأقل، وإصابة حوالي 30 شخصا، ونشرت الشرطة البوليفية فيديوهات تظهرهم يزيلون علم ويفالا، الذي يرمز لسكان البلد الأصليين، عن زيهم العسكري وعن البنايات الرسمية، وتظهرهم الفيديوهات يقفون مع عصابات اليمين المسلحة، ويصدرون التهديدات لمؤيدي حزب MAS في أنحاء البلد.
ويشير التقرير إلى أن سبب الانقلاب يرجع إلى خسارة اليمين في بوليفيا انتخابات 20 تشرين الأول/ أكتوبر، حيث فاز حزب MAS بنسبة 47.8% أمام أكثر مرشحي اليمين أصواتا، كارلوس ميسا، الذي حصل على 36.5%، بالإضافة إلى أن حزب MAS فاز بالأكثرية في الكونغرس ومجلس الشيوخ.
وينقل ويلغرس عن منظمة الدول الأمريكية، المقربة من الولايات المتحدة، قولها إنه كانت هناك مخالفات في الانتخابات، لكن مركز دراسات CEPR قدم ورقة مفصلة حول الانتخابات، توصلت إلى أنه "ليست هناك أدلة على وجود مخالفات أو تزوير أثرا على النتائج الرسمية التي منحت (موراليس) فوزا من الجولة الأولى".
وتقول المجلة إنه "يتوقع أن يزيد هذا الوضع توترا في الأيام القادمة، ويؤكد أنه انقلاب سيؤدي إلى حكومة يمينية تدعمها الأقلية، والأهم من هذا هو أن إدارة ترامب رحبت بهذه التطورات، كون الإدارة على علاقة قوية بمن قادوا الانقلاب، وكانت أمريكا تدفع نحو انقلاب في بوليفيا لبعض الوقت، ودعمت عناصر اليمين المتطرف في البلد، ورحبت الآن بالنتيجة لاعتبارها انتصارا للديمقراطية".
ويلفت التقرير إلى أن مجلس الشيوخ وافق في 12 نيسان/ أبريل، على قرار يعرب عن "قلقه" من عزم موراليس الترشح لدورة رابعة في الرئاسة، وأشار إلى استفتاء خسره الرئيس بهامش صغير عام 2016 حول تعديل الدستور، لكنه أهمل قرار المحكمة الانتخابية العليا في كانون الثاني/ يناير 2019، الذي سمح بترشح موراليس للمنصب.
ويجد الكاتب أن "المثير للدهشة أنه في اليوم ذاته نشر 15 عضوا برلمانيا بوليفيا من اليمين المتطرف رسالة مفتوحة إلى دونالد ترامب، يطلبون فيها من أمريكا (التدخل في أمريكا اللاتينية لمنع إيفو موراليس من الترشح للرئاسة مرة أخرى في بوليفيا)".
وتبين المجلة أن ما يزداد وضوحا هو أن الشركات الأمريكية لديها خطط لمخزون الليثيوم في بوليفيا، الذي يعد الأكبر من أي بلد في العالم، لافتة إلى أن موراليس قد أشار في خططه إلى نيته تأميم صناعة الليثيوم، الذي ستصبح له سوقا أهم مع زيادة انتشار السيارات الكهربائية، والتنافس في السوق الدولية بدلا من بيع هذا المورد لشركات متعددة الجنسيات بأسعار رخيصة.
ويستدرك التقرير بأنه بالرغم من القوى المصطفة ضد بوليفيا التقدمية، فإن المعركة لم تنته، والآن هناك في لاباز آلاف المؤيدين لإيفو موراليس، الذين يحشدون ضد عنف الانقلاب وعنصريته، بالإضافة إلى أن المعارضة الدولية للانقلاب في تزايد، فقد شجب الانقلاب كل من بيرني ساندرز وجيريمي كوربين وبابلو إغليسياس، من بين زعماء اليسار في الغرب، وقد غرد رئيس الوزراء البريطاني المحتمل، جيريمي كوربين، قائلا بأنه يقف مع حق الشعب البوليفي في الكفاح لأجل "الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والاستقلال".
ويقول ويلغرس: "هنا في بريطانيا، يجب علينا أن نتضامن مع أولئك الذين يقاومون الانقلاب في بوليفيا بالنزول للشارع، والانضمام للتجمعات والمظاهرات الداعمة لموراليس وحركات السكان الأصليين التقدمية في بوليفيا، لكن أيضا حان الوقت لانتخاب حكومة تكسر ما يسمى (العلاقة الخاصة) بين بريطانيا وإدارة ترامب، التي تجعل الحكومة البريطانية داعمة للحروب الرجعية وعمليات (تغيير الأنظمة) في أمريكا اللاتينية وفي أنحاء العالم".
وتنوه المجلة إلى أنه الآن وقد أصبح موراليس لاجئا سياسيا في المكسيك، فإنه يعد بأنه سيعود إلى بوليفيا لمواجهة قوى الاستبداد، وكتب وهو في طريقه إلى المنفى، قائلا إنه "ممتن جدا لتضامن الشعب والأخوة من بوليفيا ومن العالم، الذين يتواصلون بتوصيات ومقترحات وتعبير عن الاعتراف، تمنحنا تشجيعا وقوة وطاقة، لقد أثرت بي إلى درجة البكاء، لم يتخلوا عني وأنا لن أتخلى عنهم".
وتختم "ذي تريبيون" تقريرها بالقول: "على التقدميين في أنحاء العالم كله مراقبة ما يحصل في بوليفيا عن كثب، في الوقت الذي تتصاعد فيه التطورات في الأيام المقبلة، لقد حان الوقت للتأكد من أنه لا عودة لظلام السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي في أمريكا اللاتينية".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)