صحافة دولية

WP: هل يكذب ترامب حول دفع الرياض تكاليف القوات الأمريكية؟

واشنطن بوست: ترامب لديه نقطة ضعف تجاه السعودية- جيتي
واشنطن بوست: ترامب لديه نقطة ضعف تجاه السعودية- جيتي

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للكاتب غلين كيسلر، تحت عنوان "ترامب يزعم أن السعوديين سيدفعون 100% من الثمن"، يتحدث فيه عن مزاعم الرئيس دونالد ترامب بتكفل السعوديين بثمن إرسال القوات الأمريكية إلى المملكة.

 

ويشير كيسلر في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى تعليقات ترامب للصحافيين في 16 تشرين الأول/ أكتوبر، التي قال فيها: "لقد قرأتم أننا سنرسل بعضا من قواتنا إلى السعودية، وهذا صحيح، لأننا نريد مساعدة السعودية، وكانوا حلفاء جيدين لنا، ووافقوا على دفع ثمن إرسال القوات، وسيدفعون الثمن كاملا وعن كل شيء.. ستدفع السعودية 100% من الثمن، بما في ذلك كلفة جنودنا، وقد استغرق هذا التفاوض فترة قصيرة جدا، ربما حوالي 35 ثانية".

 

ويلفت الكاتب إلى أن هذا هو ما قاله ذاته في 11 تشرين الأول/ أكتوبر، فقال: "سنرسل قوات وغير ذلك إلى الشرق الأوسط لمساعدة السعودية، لكن هل نحن مستعدون؟ ووافقت السعودية، بناء على طلب مني، على التكفل بثمن كل شيء نقوم به، هذا أولا، لكن السعودية ودولا أخرى أيضا".

 

وتنقل الصحيفة عن المتحدثة باسم مجلس النواب نانسي بيلوسي، تعليقها قائلة في 17 تشرين الأول/ أكتوبر: "ثم قال الرئيس: (السبب الذي لأجله نسحب فيه القوات من سوريا لأنني وعدت في الحملة الانتخابية بإعادة جنودنا إلى الوطن)، وسؤالي له: هل السعودية هي الوطن؟ هل السعودية هي الوطن؟ لماذا تذهب قواتنا إلى السعودية مع أنك وعدت بإحضارهم إلى الوطن؟ وكان رده: (حسنا السعوديين يدفعون)، هل نقوم حقا بتعريض جنودنا للخطر لأنهم يدفعون لنا، هذا كلام لا معنى له". 

 

ويعلق كيسلر قائلا إن "الرئيس ترامب لديه نقطة ضعف باتجاه السعودية، ولهذا السبب اختارها لأن تكون أول محطة له في زيارته الخارجية بعد توليه الرئاسة، وعمل أيضا على إعادة تأهيل الحاكم الفعلي ولي العهد محمد بن سلمان على المسرح الدولي بعدما توصلت المخابرات المركزية (سي آي إيه) إلى أنه متورط في جريمة مقتل الصحافي جمال خاشقجي عام 2018، وكانت الإدارة قد أعلنت في 11 تشرين الأول/ أكتوبر أنها سترسل 3 آلاف جندي ومعدات عسكرية إلى السعودية، بما فيها سرب من المقاتلات وبطاريات باتريوت، وذلك ردا على الهجمات التي تعرضت لها منشآت النفط السعودية التي حملت أمريكا إيران مسؤوليتها". 

 

وتورد الصحيفة نقلا عن المبعوث الخاص من وزارة الخارجية في ملف إيران بريان هوك، قوله: "تقوم الولايات المتحدة بزيادة التكاليف على مغامرات الحرس الثوري، في الوقت الذي تزيد فيه الحوافز لتنتصر البراغماتية". 

 

ويعلق الكاتب قائلا: "ما أثار انتباهنا هو زعم الرئيس أن السعودية ستدفع الكلفة كلها (100%) بما في ذلك (كلفة جنودنا)، واتهم النقاد الرئيس ترامب بأنه يحول القوات الأمريكية إلى قوات مرتزقة جاهزة لمن يدفع السعر الأعلى، ولأن الرئيس لديه تاريخ في المبالغة بما يفترض أنه تفاوض به مع السعوديين، فاعتقدنا أنه يجب علينا التحقيق".

 

ويلاحظ كيسلر أن "الرئيس تحدث عن تفاوض مع السعوديين (تم في فترة قصيرة، حوالي 35 ثانية)، لكن البيت الأبيض عادة ما يقدم ملخصا لما جرى في المفاوضات ليظهر الطريقة التي حدث فيها (الانقلاب)، وفي هذه المرة كان هناك مجرد هدوء باستثناء تباهي الرئيس، ولم يقدم المسؤولون في البيت الأبيض تفسيرات حول ما الذي كان يريده الرئيس". 

 

ويقول الكاتب إنه حاول التأكد من كلام الرئيس والاتصال بالبنتاغون، التي حاولت تجنب السؤال وحولته إلى وزارة الخارجية، مشيرا إلى أن "غياب الجواب الواضح يعني، كما علمتنا التجربة، أن الصفقة لا تزال قيد المفاوضات، وإلا لكانت وزارة الدفاع سعيدة بمناقشة الموضوع مع الصحافيين، وما حصلت عليه الصحيفة لاحقا هو بيان كتب بلغة حذرة أكدت الانطباع بأن كلام الرئيس غير دقيق". 

 

وينوه كيسلر إلى أن مجمل ما جاء في البيان هو ما قاله المتحدث باسم الخارجية، وهو أن الوزارة لا تعلق على الاتفاقيات الدفاعية المشتركة، وأن الولايات المتحدة تشجع على التشارك في تحمل العبء في المجال الأمني المشترك، بما في ذلك الدفاع عن دول الخليج العربي. 

 

ويعلق الكاتب قائلا إن "(التشجيع على تحمل العبء) هو في النهاية نوع من الطموح وليس نتيجة مفاوضات، وأن الخارجية لا تتحدث عن (اتفاقيات دفاع ثنائية) مع أن الرئيس نفسه يكشف عنها، هذا كلام فارغ".

 

ويذكر كيسلر أن الصحيفة لم تعثر على جواب من اللجان المعنية في مجلسي الشيوخ والنواب، تشير إلى أن هناك اتفاقا قد تم، مشيرا إلى أن السفارة السعودية في واشنطن لم ترد لطلب التوضيح. 

 

ويشير الكاتب إلى أنه عندما نشرت شبكة "أن بي سي" خبرا في تموز/ يوليو، عن نشر قوات أمريكية في قاعدة الأمير سلطان الجوية، فإنها نقلت عن مصدر أمريكي، لم يكشف عن هويته، قوله: "وافقت السعودية على دفع جزء من الكلفة المتعلقة بوجود قوات أمريكية وأرصدة هناك"، أي أقل من "100%" التي يتحدث عنها الرئيس، لافتا إلى أنه في محاولات التأكد من صحة الكلام فإن كلا من الوزارتين، الدفاع والخارجية، حولتا الأسئلة للطرف الآخر. 

 

وتنقل الصحيفة عن المحلل السابق في "سي آي إيه" والباحث حاليا في معهد بروكينغز، بروس ريدل، قوله: "عندما تم نقل القوات إلى قاعدة الأمير سلطان الجوية عام 1996، بعد عملية الخبر، فإني ساعدت في التفاوض على الاتفاق"، وأضاف ريدل: "لقد وافق السعوديون على بناء الثكنات العسكرية والبنى الأخرى للقاعدة، التي كانت ملكهم بالطبع، لكنهم قاموا بعمل التغييرات المناسبة لسلاح الجو الأمريكي والسلاح الجوي الملكي البريطاني والطاقم الجوي الفرنسي، ولم يسددوا أي نفقات"، مشيرا إلى أن رفض البنتاغون التعليق أمر مهم. 

 

ويورد كيسلر نقلا عن الباحث البارز في معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية، أنتوني كوردسمان، قوله: "لا يوجد هناك تعريف رسمي (للتشارك في العبء)، وقد يكون توفير المنشآت والخدمات للقوات الأمريكية مجانا أو بأسعار مخفضة وشراء أسلحة أو مقايضة أو تحويلات مالية مباشرة وغير مباشرة، ولا يوجد هناك إشراف مالي، ولا تقارير، ويتم منح بعض البرامج صفة السرية، وبناء على هذا فإنه يمكن للرئيس قول ما يريد، وبطريقة مبالغ فيها، كما فعل بشأن صفقات السلاح السعودية".

 

ويستدرك الكاتب بأن كوردسمان قال إن السعودية تحملت العبء المالي الأكبر في عمليات حرب الخليج، في الفترة ما بين 1990- 1991، وقال: "عادة ما تدفع متأخرة أو مقدما.. قد تكون قلقة من الميول الأمريكية المتزايدة للانسحاب أو الفشل للتحرك، ولهذا تحاول ضمان الدعم الأمريكي من خلال دفع شكل من أشكال الزيادة". 

 

ويقول كيسلر: "في الوقت الحالي هناك فاتورة ضخمة لم يدفعها السعوديون، وبحسب التقارير فإن السعودية لم تدفع للبنتاغون فاتورة بـ181 مليون دولار لقاء عمليات توفير الوقود لمقاتلاتها في الجو أثناء عمليات القصف لليمن". 

 

وتنقل الصحيفة عن المتحدثة باسم البنتاغون، ريبيكا ريباريتش، قولها إن السعوديين حققوا تقدما من خلال دفع جزء من الفاتورة المستحقة عليهم، وتضيف أن "عملية سداد الدين مستمرة، ونتوقع سداد المبلغ الكامل لقاء توفير الوقود". 

 

ويختم الكاتب مقاله بالقول إنه "بعد سنوات على مراقبة ترامب فإن هناك جزءا من الحقيقة في كلامه، لكن تمت البالغة فيه، ورفض المسؤولين في الإدارة مناقشة المفاوضات يعد مثيرا للشك، ولا يمكن الاعتماد على كلام الرئيس، الذي لم يكن كلامه صحيحا، خاصة فيما يتعلق بالعقود العسكرية مع السعودية".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)