صحافة دولية

مونيتور: كيف تنظر روسيا للاحتجاجات في لبنان والعراق؟

مونيتور: روسيا نتعامل مع أي مظاهر غضب من خلال عكسها على شأنها الداخلي- جيتي
مونيتور: روسيا نتعامل مع أي مظاهر غضب من خلال عكسها على شأنها الداخلي- جيتي

نشر موقع "المونيتور" مقالا للكاتبة المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط مارينا بلينكايا، تتحدث فيه عن موقف موسكو من الاحتجاجات التي يشهدها كل من العراق ولبنان. 

 

وتقول بلينكايا في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، إن "التظاهرات في لبنان لفتت انتباه المسؤولين الروس، وكذلك الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي، مع أن الاهتمام عكس الواقع المحلي وعلاقاته بالتطورات في الشرق الأوسط". 

 

وتجد الكاتبة أنه لهذا السبب تأخرت موسكو لفترة لتعبر عن رأيها في الأحداث العراقية واللبنانية، ففي الخامس من تشرين الثاني/ نوفمبر التقى نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغاندوف، الذي يعمل أيضا مبعوثا خاصا لمنطقة الشرق الأوسط، بالمستشار للرئيس اللبناني ميشال عون، أمل أبو زيد، مشيرة إلى أن وزارة الخارجية الروسية أصدرت بعد اللقاء بيانا اعتبرت فيه أن أي محاولة للتدخل الخارجي في لبنان غير مقبولة. 

 

ويورد الموقع نقلا عن البيان، قوله: "تدعم روسيا سيادة واستقلال ووحدة واستقرار لبنان، وتؤكد موقفها الواضح والمستمر بأن على اللبنانيين التعامل مع القضايا الوطنية داخل الإطار القانوني، ومن خلال الحوار الذي يخدم مصالح السلم المدني والنظام"، وأكد البيان رفض روسيا لأي محاولة خارجية للتدخل في شؤون لبنان أو زيادة الخلافات الحالية. 

 

وتشير بلينكايا إلى أن المسؤول الروسي التقى مع مستشار الرئيس اللبناني، الذي كان في زيارة لموسكو، حيث حصل على جائزة السلام إلى جانب 15 شخصا من جنسيات مختلفة، لافتة إلى أن احتفال توزيع الجوائز تزامن مع يوم الوحدة الوطني في روسيا، وهو يوم عطلة رسمية.

 

وتذكر الكاتبة أن أبا زيد أشار إلى ما يجري في بلاده أثناء حفلة التكريم، فقال متحدثا أمام الرئيس فلاديمير بوتين: "نراكم حماة ومنقذين من السياسات ضيقة النظر للدول الغربية، التي تحاول محو المجتمعات المتعددة الإثنيات في المنطقة، ودعم المتطرفين والإرهابيين، ومنع الجهود الروسية لعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم"، وأضاف: "نقدر كثيرا عملكم لإحلال السلام والاستقرار". 

 

ويلفت الموقع إلى أنه بعيدا عن رد فعل وزارة الخارجية على الأحداث في لبنان، فإن موقف المسؤولين الروس كان هادئا ومقتضبا، ففي ردها على استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري، أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية، ماريا زخاروفا، أهمية "تجاوز الأزمة بناء على الحوار الشامل"، وطالبت القوى الخارجية باحترام سيادة واستقلال لبنان. 

 

وتفيد بلينكايا بأن الرد المسهب كان من رئيس لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الفيدرالي قسطنطين كوساتشيف، فقال السيناتور إن استقالة الحريري قد تكون خطوة نحو تسوية الأزمة، وأضاف أن مطالب المحتجين اجتماعية- سياسية، وتتمحور حول مجموعة من المطالب المعروفة في المنطقة، وأشار إلى أن الغضب زاد ودفع الجماهير إلى الشوارع، وتساءل عما سيحدث لو "انزلقت التظاهرات السلمية وتحولت إلى شيء أكبر". 

 

ويذكر الموقع أن كوساتشيف أشار إلى بيان وزارة الخارجية الأمريكية الداعم لمطالب المحتجين، قائلا إن هناك "من يرغبون بإعادة تغيير أوراق اللعبة اللبنانية"، واستشهد كوساتشيف بكلام زعيم حزب الله حسن نصر الله، الذي قال إن "هناك أشخاصا من الناشطين في حركة الاحتجاج مرتبطون بقنوات أجنبية وأجهزة مخابرات".

 

وتنقل الكاتبة عن كوساتشيف، قوله إن القوى العاقلة في لبنان وجيرانه وروسيا، الصديقة تقليديا مع بيروت، يريدون تسوية سلمية للأزمة، مشيرا إلى أن استقالة الحريري هي خطوة في هذا الاتجاه، قائلا: "دعونا ننتظر رد المتظاهرين، والكل يعرف ما هو البديل، العنف، وهو السيناريو الذي تكشف في دول الجوار، ولم ينتفع منه إلا اللاعبون الخارجيون". 

 

وتبين بلينكايا أن "كل ما يجمع التصريحات الروسية هو أمر واحد، وهو تعامل موسكو مع الأزمة على أنها شأن داخلي، ورفض التدخل الخارجي، وترك الحل للبنانيين أنفسهم، فروسيا الخائفة من الاحتجاجات تتعامل مع أي مظاهر غضب من خلال عكسها على شأنها الداخلي".

 

وتفيد الكاتبة بأنه "مع خوف الكرملين بشكل واضح من احتمال الثورات الملونة، فإن الدوائر الليبرالية في موسكو لم تكن تنظر للأحداث في لبنان بعين الحسد، وهذا واضح من النقاشات على منابر التواصل الاجتماعي التي تحدث فيها الناشطون عن تنازلات الحكومة اللبنانية للمتظاهرين من خلال تخفيض رواتب الوزراء ونواب البرلمان إلى النصف، وحفلت صفحات (فيسبوك) والمواقع الساخرة بنكتة عن صديقين روسيين يتحدثان عن الوضع في لبنان، وسأل أحدهما الآخر: (مليونا لبناني خرجا إلى الشوارع في تظاهرات معادية للفساد، هل تعتقد أن هذا ممكن في روسيا؟)، فرد الآخر ضاحكا: (كيف يمكن لروسيا تجميع مليوني لبناني)". 

 

وتقول بلينكايا إن "من الملاحظ أن احتجاجات لبنان وهونغ كونغ، هي وحدها التي لفتت انتباه الروس، فالعراق الذي يعاني من العنف ومنذ وقت طويل لا يتم نقاش موضوعه إلا داخل الدوائر الأكاديمية، وربما كان السبب هو أن التظاهرات في هونغ كونغ ولبنان كانت ذات طابع كرنفالي، وليس مثل العراق الذي شهد قمعا للمتظاهرين ومقتل أكثر من 250 شخصا".

 

وتنوه الكاتبة إلى أن الكرملين لم يهتم بالتعليق على أحداث العراق بشكل مبكر، فقد تجنب وزير الخارجية سيرغي لافروف الحديث عن التظاهرات أثناء زيارته إلى بغداد، وأصدرت وزارة الخارجية الروسية بيانها الوحيد عن الأحداث في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر، أي بعد شهر من اندلاع الأحداث، وكان البيان عبارة عن متابعة لما جرى في لقاء مع السفير العراقي في موسكو حيدر منصور هادي، وورد فيه دعوة للأطراف السياسية في العراق كلها لضبط النفس أمام التظاهرات الجماهيرية.

 

وتشير بلينكايا إلى أن البيان حمل الملامح السياسة الروسية القائمة على رفض التدخل، وتجنب إطلاق تصريحات قد تفهم على أنها محاولة للتدخل من المسؤولين العراقيين. 

 

وتلفت الكاتبة إلى أن التصريحات الروسية المتعلقة بلبنان جاءت بعد استقالة الحريري، وقبل ذلك اكتفت وزارة الخارجية بتحذير المواطنين الروس الذي يريدون زيارة بيروت بتوخي الحذر والحيطة أثناء وجودهم هناك. 

 

وتقول بلينكايا إن الخطوط الجوية الروسية لا تزال تسير رحلتين يوميا إلى بيروت، مشيرة إلى هناك آلاف الروسيات المتزوجات من لبنانيين يعشن في لبنان، فيما تواصل الشركات الروسية عملها هناك، ويستمر الطلاب في دورات اللغة المشتركة في المعاهد اللبنانية. 

 

وتختم الكاتبة مقالها بالقول إن "الاهتمام بلبنان يعكس العلاقات المشتركة بين البلدين مقارنة مع العراق الذي يظل فيه التعاون محدودا، ومن يعمل من الروس فيه فإنه قد تعود على المخاطر".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)