هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة إيكونوميست البريطانية تقريرا، تحت عنوان "شوارع الغضب"، تتحدث فيه عن الاحتجاجات في العراق.
ويجد التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، أن الحكومة العراقية تبدو عاجزة عن وقف الاحتجاجات، لافتا إلى مقتل أكثر من 100 شخص بعد اندلاع التظاهرات التي تعبر عن الإحباط الاقتصادي والسياسي في البلاد.
وتقول المجلة إن الشيعةـ الذين سيحيون أربعينية الحسين بن علي، حفيد النبي محمد "صلى الله عليه وسلم"، سيندبون أيضا مقتل 110 شخصا، كلهم شيعة، قتلوا في التظاهرات الأخيرة، وجاء هذا رغم أن الحكومة فرضت حظرا للتجول، وأغلقت الإنترنت، واعتقلت المئات، إلا أن الكثير من العراقيين يقولون إنهم بعد سيرهم نحو كربلاء، التي تبعد 105 كيلومترات عن بغداد سيواصلون مواجهة الحكومة.
ويجد التقرير أنه بالرغم من أن الحكومة العراقية واجهت في السنوات الماضية انتفاضات في مناطق السنة، ومطالب انفصالية في المناطق الكردية، إلا أن التظاهرات في الجنوب، قلب الوجود الشيعي، قد تكون أعظم تحد لها، فما بدأ تظاهرات صغيرة للعاطلين عن العمل والباعة المتجولين كبر وتحول إلى احتجاجات ضخمة، واشتكوا، كما في الماضي، من قلة الوظائف، وسوء الخدمات والفساد المتفشي.
وتشير المجلة إلى أن الدبلوماسيين الغربيين يتساءلون عن قدرة عادل عبد المهدي (77 عاما)، الذي تم تعيينه رئيسا للوزراء قبل عام، على السيطرة على الوضع من جديد.
ويلفت التقرير إلى أن العراق شهد احتجاجات عام 2016، عندما هاجم الآلاف المنطقة الخضراء في بغداد، مطالبين بالإصلاح الاقتصادي والسياسي، لكن لم يحدث أي تغير، رغم زيادة موارد النفط والأمن الاجتماعي النسبي بعد سنوات من الحرب الأهلية، فلم تكن الحكومة قادرة على مواجهة معدلات الفقر العالية، أو التعامل مع زيادة البطالة بين الشباب التي تصل إلى 25%، فيما لا تزال المناطق التي دمرتها الحرب على حالها، مشيرا إلى أن عادل عبد المهدي قام في الأيام القليلة الماضية بالكشف عن عدد من الإجراءات، مثل توزيع الأراضي، وزيادة الضمان الاجتماعي، وتعهد بمكافحة الفساد ومعاقبة المسؤولين عن العنف، إلا ان قلة من العراقيين يصدقون وعوده.
وترى المجلة أن "المشكلة، في جزء منها، هي تصميم الحكومة، فبعد الإطاحة بصدام حسين عام 2003، أرادت أمريكا منع ظهور رجل قوي في العراق، إلا أن النظام الجديد سمح للأحزاب الطائفية والعرقية بالسيطرة على البلد، التي تقوم هذه بالحصول على الوظائف وتوزيعها على الموالين لها، وتتعامل مع الوزارات كآلات صراف آلي، ورئيس الوزراء نفسه مدين بوظيفته للحزب الذي عينه، ولهذا فهو ليس في وضع يسمح له بمواجهة زملائه".
وينوه التقرير إلى أن المحتجين يتهمون الحكومة بنهب ثروات العراق النفطية، فقال متظاهر في الحلة إن أموال النفط "تذهب للإنفاق على قصور عائلاتهم في لندن"، مشيرا إلى أن من المفارقة أن هناك الكثير من المتظاهرين يدعون إلى عودة الرجل القوي.
وتقول المجلة إن "الإحباط الاقتصادي والسياسي هو في قلب المطالب للمحتجين، لكن الغضب موجه ضد إيران، التي ينظر إليها على أنها تتمتع بنفوذ قوي على الحكومة، فعزل الجنرال عبد الوهاب الساعدي، الجنرال المشهور، أدى إلى خروج عدد من أبناء عشيرته في الجنوب، الذين اعتقدوا أنه عزل بسبب محاولاته مواجهة الفساد، خاصة بين المليشيات الشيعية التي تحظى بدعم من إيران، ويعتقد أن بعض هذه الجماعات تقوم بقمع المتظاهرين، وانتشرت هتافات (إيران برا)، فيما رفع بعض المتظاهرين صور الساعدي".
ويفيد التقرير بأن "أمريكا لا تقوم إلا بجهد قليل لمواجهة التأثير الإيراني، وقررت الخارجية الأمريكية إجلاء مئات من دبلوماسييها العاملين في العراق في أيار/ مايو، وذلك بعد تلقيها معلومات استخباراتية عن هجمات محتملة من إيران أو وكلائها لضرب مصالح أمريكية في المنطقة، وزادت من عملية الإجلاء بعد ضربات على موقع تستخدمه شركات النفط الدولية والقواعد العسكرية الأمريكية، التي يعمل منها الأمريكيون، ولم تعد السفارة الأمريكية في بغداد، التي كانت أكبر سفارة لواشنطن في العالم، إلا مجموعة من الدبلوماسيين الذين لا يغادرون المجمع إلا نادرا".
وتبين المجلة أن "المحتجين كانوا في الماضي يستمعون إلى نصائح المرجعية في النجف، جنوب العراق، إلا أن آية الله علي السيستاني يفقد سلطته بصفته حكما بين الحكومة والجماهير، ويتم تلقي دعواته في خطب الجامعة للاعتدال بنوع من السخرية، ويقول محتج في البصرة: (لا تقف المرجعية مع الشعب) ورجالها (يعيشون من أموال الحكومة)".
ويشير التقرير إلى أنه في السياق ذاته، فإن رجل الدين مقتدى الصدر فقد طريقه، وهو الذي كان يتحدث نيابة عن المحرومين، لافتا إلى أنه مع أن كتلته "سائرون" فازت بمعظم مقاعد البرلمان العام الماضي، إلا أنه ومنذ دخول حزبه الحكومة، يقضي معظم وقته في إيران، في إشارة، كما يقول المتظاهرون، إلى ضمه للمحور الإيراني.
وتختم "إيكونوميست" تقريرها بالإشارة إلى أن "المسؤولين يعترفون بأن خياراتهم تنفد، فيقول عبد المهدي: (لا يوجد حل سحري)، ويتم إلقاء قنابل حارقة على مقرات الأحزاب، ويقول المسؤولون إنهم يتعرضون للهجوم، وهناك من يتحدث بتشاؤم عن وضع يشبه ما حدث في سوريا، ومع أن الديمقراطية العراقية الناشئة ليست غريبة على الاضطرابات، إلا أنها تواجه أخطر مراحلها".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)