هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ألقت تصريحات رجل الأعمال والفنان المصري، محمد علي، بشأن إشراف القوات المسلحة المصرية على غالبية المشروعات، وإسنادها لمئات المقاولين (بالباطن) الضوء على معاناة الكثير منهم قبل وأثناء وبعد التنفيذ في ما يتعلق بالشق المادي واستحقاقاتهم لدى الجيش.
وأقر قائد الانقلاب، عبدالفتاح السيسي، السبت الماضي، في رده على تصريحات محمد علي، بأن الجيش أشرف بالفعل على آلاف المشروعات تُقدر قيمتها بأربعة تريليونات جنيه مصري (250 مليار دولار) خلال السنوات الماضية.
وأضاف، خلال مؤتمر الشباب، في نسخته الثامنة، الذي دعا إليه على عجل وبشكل مفاجئ، أن هناك آلاف المقاولين الذين يعملون مع الجيش في هذه المشروعات ولهم مستحقات بمليارات الدولارات.
ورصد مراسل "عربي21" أحد أول وأكبر تلك المشروعات، الذي تأخرت الحكومة في تسليمه لنحو سنتين، وهو مشروع "دار مصر" السكني للطبقة المتوسطة، والذي أعلنت عنه الحكومة في منتصف عام 2014، عقب تولي السيسي زمام الحكم، باعتباره مشروعا قوميا.
اقرأ أيضا: مشروع سكني للجيش بمصر يكشف حجم الإهمال والتأخير ( صور)
إسناد بالأمر المباشر
ومشروع "دار مصر" كما تعرفه وزارة الإسكان على موقعها قبل تدشين المرحلتين الثالثة والرابعة، هو "بناء 150 ألف وحدة سكنية بمساحات تتراوح بين 100م2 و 150م2 على أعلى مستوى تشطيب، وجار تنفيذ 58 ألف وحدة بالمرحلتين الأولى والثانية باستثمارات 15 مليار جنيه (نحو ملياري دولار بأسعار عام 2014).
وفي آب/ أغسطس 2014، قامتا وزارتا الإسكان والدفاع بتوقيع بروتوكول لتنفيذ 100 ألف وحدة سكنية من الإسكان المتوسط، بمساحات تتراوح بين 110 و 130 مترا مربعا، على 3 مراحل، في 12 مدينة كاملة التشطيب.
ووفقاً للبروتوكول الموقع بين وزارتي الإسكان والدفاع الذي تتولى بموجبه الأخيرة بالأمر المباشر، تنفيذ 150 ألف وحدة، تُقَدر تكلفة المشروع 42 مليار جنيه (5.4 مليار دولار بأسعار 2016)، قبل أن يوجه السيسي بزيادة عدد وحدات المشروع لتبلغ 250 ألف وحدة.
كم أرباح الجيش؟
وقال المهندس المعماري، علي محمود، بإحدى شركات المقاولات لـ"عربي21": "إن شركتنا التي أعمل فيها كمهندس مدني، لم تتقدم للحصول على إنشاء عمارات سكنية بالمشروع، بل تم استدعاء رئيس الشركة وتكليفه ببناء عدد 5 عمارات بعد أن كانت 10 متعللا بعدم وجود سيولة لديه".
وعن السبب في عدم القبول بالعدد كاملا أوضح أن "رئيس الشركة حاول رفض الموضوع بسبب هامش الربح البسيط 5%- 10% الذي حدده له المسؤلون العسكريون في الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، ودفع التكاليف من خزانة الشركة".
وقدّر أرباح الهيئة الهندسية للقوات المسلحة من المشروع "بنحو 15 و20 بالمئة من قيمة الوحدات البالغ عددها نحو مائة ألف وحدة بمتوسط سعر 600 ألف جنيه، خاصة أن الهيئة لم تتكلف جنيها واحدا ثمن الأرض التي هي ملك للدولة".
اقرأ أيضا: السيسي يرد على اتهامات محمد علي حول الجيش ووالدته (شاهد)
تأخر المستحقات
وكشف المقاول محمود عطية، صاحب إحدى شركات البناء، لـ"عربي21" أن "شركته تكبدت خسائر كبيرة، وتعطل العمل لديه في العديد من المشروعات الأخرى؛ بسبب عدم صرف مستحقاتنا، وعدم استطاعتنا المطالبة بها".
وأضف أن "ما زاد الطين بلة، هو استلام المشروع قبل تعويم الجنيه في عام 2015، بنسبة أرباح قليلة، ثم حدثت أزمة التعويم أثناء عملنا، وارتفعت تكاليف البناء شيئا فشيئا حتى وصلت إلى 50 بالمئة ثم 100 بالمئة، فمثلا ارتفع سعر طن الحديد من نحو خمسة آلاف جنيه إلى 10 آلاف، وتحملنا جزءا كبيرا من الخسائر بسبب مماطلة المسؤولين في تعويضنا عن فرق الأسعار".
وأكد أن "الجيش كان يقوم بدور الإشراف فقط، في هذا المشروع الضخم، ولم يستخدم آلة أو ماكينة واحدة، وكانت جميع الأموال باسم الهيئة الهندسية لقوات المسلحة، ونتيجة تأخر المستحقات توقف مئات المقاولين عن العمل، وتأخر تسليم المشروع حتى الآن، رغم أن كراسة الشروط تنص على تسليمه بعد عام ونصف من التعاقد في مارس 2015".
زيارة ميدانية للمشروع
واشتكى آلاف الحاجزين في مشروع "دار مصر" بعدة مدن من تأخر استلام وحداتهم، مع مطالبتهم بدفع الأقساط أو تغريمهم وسحب الوحدة منهم، بالإضافة إلى تحملهم ثمن إيجار وحداتهم السكنية التي يعيشون بها لمدة سنتين".
وفي وقت سابق من العام الجاري، زار مراسل "عربي21" أحد مواقع "دار مصر"، حيث لا تزال أعمال البناء في معظم المشروع، وتشوب الوحدات عيوب داخلية، وتسببت أعمال الردم والحفر والرصف في طمر واجهات العمارات الجديدة، وباتت بحاجة إلى إعادة طلاء.
والتقى مراسل "عربي21" بعدد من المقاولين والحاجزين الذين أعربوا عن تذمرهم من تأخر استلامهم لوحداتهم من جهة، ووجود عيوب مشينة في الوحدات، وتأخر صرف مستحقات المقاولين من جهة أخرى، وتكبدهم خسائر وصفوها "بالقاسية".