هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ربط سياسيون ومختصون
مصريون الزيارة المفاجئة لرئيس جهاز المخابرات المصرية اللواء عباس كامل لدولة
جنوب السودان، بقرار البرلمان الأوغندي لتفعيل اتفاقية عنتيبي، التي تتزعمها
إثيوبيا لإعادة توزيع حصص مياه النيل على دول المنبع والمصب.
وأكد المختصون أن
البرلمان الأوغندي طلب قبل أيام من حكومته تفعيل الانضمام للاتفاقية، التي سبق أن
وقعت عليها أوغندا بالأحرف الأولي، لتنضم بذلك لدول حوض النيل الأخرى التي فعلت
الاتفاقية بشكل رسمي.
ووفق الخبراء الذين
تحدثوا لـ"عربي21"، فإن تفعيل أوغندا للاتفاقية يمثل ضربة موجعة للنظام
المصري برئاسة عبد الفتاح السيسي، الذي يرأس الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي، كما
أنه يدعم موقف إثيوبيا، التي تطالب بإعادة النظر في اتفاقية حوض النيل الموقعة عام
1929.
اقرأ أيضا: كيف خدعت إثيوبيا نظام السيسي لإتمام مشروع سد النهضة؟
وكانت وسائل الإعلام
المصرية نشرت خبرا مقتضبا عن زيارة سريعة قام بها عباس كامل، صباح الأربعاء، لجنوب
السودان، دون توضيح سبب الزيارة، مكتفين بأنه سلم رئيس جنوب السودان رسالة من
السيسي عن تنمية العلاقات الأمنية بين البلدين.
وتزامنت زيارة كامل
لجنوب السودان وقرار البرلمان الأوغندي مع اجتماع طارئ عقده السيسي بعد ظهر أمس
الأربعاء مع وزير الدفاع الفريق أول محمد زكي، ورئيس أركان حرب القوات المسلحة
الفريق محمد فريد.
ولم تشر رئاسة
الجمهورية لأسباب الاجتماع، واكتفت بأنه يأتي ضمن اهتمام السيسي بتحفيز رجال
القوات المسلحة، ودعم جهودهم في التنمية الشاملة.
وفي الإطار ذاته، كشفت
مصادر إعلامية أن مجلس الوزراء المصري عقد اجتماعا طارئا صباح الأربعاء خاصا
باللجنة العليا لمياه النيل، برئاسة رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، وبحضور الوزراء،
والمسؤولين المعنيين بملف المياه، وناقشوا سبل الرد الدبلوماسي والسياسي على
الخطوة الأوغندية المفاجئة بتفعيل اتفاقية عنتيبي.
تحرك متأخر
من جانبه، يؤكد مساعد
وزير الخارجية المصري السابق، عبد الله الأشعل، لـ"عربي21"، أن التحركات
المصرية فيما يتعلق بملف مياه النيل دائما تأتي متأخرة، وبعد فوات الآن، خاصة أن
مصر كان لديها العديد من الفرص لإفشال اتفاقية عنتيبي، أو على الأقل تحييد الدول
المشاركة فيها، بإجراءات اقتصادية وسياسية مع هذه الدول، كانت كفيلة بعدم إقدام
أوغندا على هذه الخطوة بعد أكثر من عشر سنوات على إطلاق إثيوبيا للاتفاقية.
ويوضح الأشعل أن
اتفاقية عنتيبي تنتزع من مصر حقها الثابت في مياه النيل، التي تقدر بـ55 مليار
متر مكعب سنويا، كما تمنح الاتفاقية الحق لدول المنبع بإنشاء أي مشروعات على مجري
النيل دون الرجوع لدول المصب، مثلما فعلت إثيوبيا في بناء سد النهضة.
ويضيف الأشعل: "الدول الأفريقية المشاركة في حوض النيل حققت خلال السنوات الماضية معدلات نمو
اقتصادي كبيرة، وبدأت تبحث عن الاستفادة المثلى من المقومات الطبيعية التي تتمتع
بها، وأهمها مياه النيل، وبالتالي فإن البحث عن مصالحها سيكون هو الغالب، خاصة في
ظل ضعف الدور المصري الواضح بأفريقيا، على المستويين السياسي والاقتصادي".
وقال الأشعل إنه يجب
على النظام أن يضع تصورا حقيقيا لتنمية الدول الأفريقية، بإنشاء المشروعات،
واستقدام البعثات الأفريقية للدراسة بالقاهرة، لإحداث تأثير حقيقي على الرأي العام
بهذه الدول، بدلا من المؤتمرات التي لا تهدف إلا لـ"الشو" الإعلامي فقط.
لا حروب
ويستبعد الخبير
الاستراتيجي، اللواء مجدي الأسيوطي، في حديثه لـ"عربي21"، وجود خيارات
عسكرية لنظام السيسي، لعدة اعتبارات، أهمها حرصه على عدم الدخول في مواجهة عسكرية
مباشرة مع أي طرف من الأطراف الإقليمية، وإلا كان تحرك في بداية أزمة سد النهضة.
ويضيف الأسيوطي:
"منذ أيام، أعلنت إسرائيل تركيب منظومة دفاع صاروخية لحماية سد النهضة، وفشلت
كل الوساطات المصرية مع إسرائيل لوقف هذه الخطوة، وهو ما يعكس أن النظام المصري
ليس له تأثير على المجتمع الدولي، وأنه نظام مشبوه، وليس من حقه الاعتراض، لأنه في
النهاية لن يقوم بأي خطوة من شأنها التورط في صدام عسكري قد يهدد وجوده".
ويتهم الخبير
الاستراتيجي المخابرات المصرية بالمسؤولية المباشرة عن أزمة مياه النيل، مشيرا إلى
أن مسؤولي المخابرات بدلا من الاهتمام بأمن مصر الخارجي وأهمه الأمن المائي،
تفرغوا لحماية النظام، والسيطرة على الإعلام، واحتكار الاقتصاد، وتشديد الخناق على
المعارضين في الخارج والداخل.
ويشير الأسيوطي إلى أن
مصر تعاني منذ سنوات من خطر اتفاقية عنتيبي، التي وقعت عليها كل من إثيوبيا وأوغندا
ورواندا وتنزانيا وكينيا، بينما تحفظت عليها دولتا المصب، مصر والسودان، وانضمت
إليهما دولة جنوب السودان بعد الانفصال عام 2011، وهو ما يعني أن توازن القوى داخل
دول الحوض ليس في صالح دول المصب التي بات عليها أن تنتظر ما يقرره الآخرين.
وحول تفعيل أوغندا
للاتفاقية رغم رئاسة السيسي للاتحاد الأفريقي، يوضح الأسيوطي أنها رئاسة ليست ذات
قيمة، وقد روجها نظام السيسي باعتبارها إنجازا، وهو ما جعل النظام في ورطة، بعد
القرار الأوغندي الذي أظهر السيسي كأنه عديم الفاعلية والتأثير.