ورشة البحرين مرآة الحقيقة

أيام قليلة تفصلنا عن ورشة البحرين التطبيعية، هذه الورشة المسخ التي يزينها عرّاب "مؤامرة القرن" ترامب، فيدعو الدول للمشاركة بها للتنعم بالجزرة الموهومة، ومن أبى فالتلويح له بالعصا.

قد يُفهم دافع الإدارة الأمريكية المنحازة للكيان المحتل بخلفيتها الإنجيلية الصهيونية، لكن المؤسف وغير المفهوم أن بعض المطبلين لهذه الورشة التطبيعية والمحتفين بها؛ وكلاء عرب من أبناء جلدتنا، جهدهم الجهيد وجل مخططاتهم وأعمالهم وإنفاق براميل نفطهم لإجهاض آمال الأمة بالتحرر من الاستبداد والدكتاتورية والعيش بحياة مدنية كريمة حرة، فشكلوا حلفاً للثورات المضادة في المنطقة، يتفنن بإدارة الانقلابات العسكرية الدموية ودعمها، ووأد أي حلم عربي ديمقراطي، إلى أن وصل بهم الأمر للتآمر على فلسطين وشعبها والانخراط في صفقات تصفية القضية الفلسطينية بمقاس صهيوني يميني.

ورشة البحرين هي الوجه الاقتصادي العلني لصفقة القرن المؤامرة، والمشاركة فيها لا يحتاج إلى تبرير أو تزيين، فالمواطن العربي واعٍ ولا تنطلي عليه التصريحات المتلاعبة بالعواطف

ورشة البحرين هي الوجه الاقتصادي العلني لصفقة القرن المؤامرة، والمشاركة فيها لا يحتاج إلى تبرير أو تزيين، فالمواطن العربي واعٍ ولا تنطلي عليه التصريحات المتلاعبة بالعواطف. ومما هو بدهي أنه ستطوى صفحة ورشة البحرين، وستسقط صفقة القرن أمام صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة؛ التي تشكل الدرع الحصين للقضية الفلسطينية أمام مؤامرات استهدافها، وستكون الأمة بكل ألوانها وأطيافها، وفي مقدمتها الشعب الأردني، مع الشعب الفلسطيني في نضاله وجهاده ودفاعه عن وطنه وأرضه ومقدساته، حتى التحرير ورد العدوان. ولكن التاريخ سيكتب، والتاريخ لا يرحم من باع ومن اشترى وتاجر بأشرف وأعدل قضية عرفتها البشرية.

تبرر بعض دول الإقليم تهافتها المجاني نحو التطبيع مع الكيان المحتل؛ بأن هنالك دولا عربية سبقتها بإقامة علاقات ومعاهدات معه، ومنها مصر والأردن، وبطبيعة الحال السلطة الفلسطينية بعد أوسلو.. اليوم موقف السلطة من صفقة القرن إيجابي، ورفضها للمشاركة في مؤتمر البحرين التطبيعي خطوة منسجمة مع الموقف الشعبي الفلسطيني المناضل، فلماذا تسعى حكومتنا الأردنية لتجعلنا مرة أخرى "علاّقة" تعلق عليها دول المنطقة مبررات هرولتها للتطبيع مع المحتل، والمشاركة في أولى خطوات صفقة القرن الاقتصادية؟ّ! وكيف يمكن أن ينسجم موقف الحكومة مع اللاءات الثلاثة التي أطلقها ملك البلاد وأصبحت مدار حديث كل الأردنيين؟! ولماذا تريد الحكومة أن تجعل من أكتاف الشعب الأردني صغيرة؟ ولمصلحة من؟! هذا الشعب الذي وقف موقفا مشرفا مع وطنه ودولته وقيادته عندما رفض أن يُجر إلى المشاركة في حفر الباطن في مطلع التسعينيات، فخلّد التاريخ أن الشعب الأردني يجوع ولا يقبل التآمر على أمته وشعوبها، وأن الأردن كبير قوي بشعبه الحر.

مؤسف ومؤلم هو الأداء الحكومي العام، فلقد سقطت في محطات اختبار متعددة، وها هي الآن تهوي بشعبيتها إلى الحضيض، بعد هذه المشاركة المخيبة لآمال الشعب الأردني, فلقد ذهبت الحكومة مجردة من أي دعم وطني بكل أطيافه الحزبية والسياسية والشعبية.