هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
توافق مثقفون سودانيون من اليسار واليمين السياسي، على أن الرئيس المصري الراحل محمد مرسي، يُمثل أول رئيس مصري مدني منتخب في تاريخها، وأنه تعرض لجراحات الأذى على يد الدكتاتورية العسكرية التي كرهت منه خروجه من كنف المدنية الديمقراطية التي أغرقتها في الدم عبر التاريخ.
وقال المفكر البروفسور عبد الله علي إبراهيم لـ "عربي21": "لقد شقينا من إخوان السودان، ولكن لا تزر وازرة وزر أخرى"، مبينا بأنه ليس من الخُلق أن يسير طلائع التقدم في جنازة مفكر وعابد ومفسر مرموق للقرآن قتل غيلة.
ورأى إبراهيم أن مرسي يعتبر شهيدا للديمقراطية والمدنية، مؤكدا بأن الرئيس مرسي توفي في محكمة لعدالة الأنذال بتهمة التخابر ليرفع عرض محنته للحق عزّ وجلّ.
اقرأ أيضا: هذا ما قاله مرسي حرفيا في المحكمة قبل وفاته
وعبدالله علي إبراهيم مفكر ماركسي ومؤرخ وأكاديمي سوداني مرموق، جمع في اهتماماته الإبداعية بين القصة والمسرح والصحافة، وكان عضوا قياديا في الحزب الشيوعي السوداني، وله عدد كبير من المؤلفات حول الماركسية والإسلام والتاريخ والسياسة.
ونبه يساريي السودان إلى ألا يرتكبوا ذنبا غير مغفور إن لم يستنكروا بأغلظ العبارات ما يجري للإخوان المسلمين في عدوية والجيزة والقائد إبراهيم، ورأى أن قتلة الإخوان في تجمهرهم السلمي بعدوية هم قتلة راتبون.
ووفقا للبروفسور إبراهيم، فلن يحقن دم الإخوان إلا تحالف عريض (حتى ممن وقفوا ضدهم في 30 يونيو) لوقف الذبح للسياسة، مضيفا: "فالذبح للسياسة هو نهاية السياسة وكلنا إخوان مسلمون اليوم".
ودعا إلى عدم تكرار خطأ 1952، عندما جنح الشيوعيون نحو النظام الحاكم في مصر، على الرغم من أن الإخوان والشيوعيين اتفقا معا للاحتجاج على انقلاب 1952 في مصر، إذ صادم النظام الإخوان ووقعت المحاولة المزعومة لقتل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، واستباح النظام حرمات الإخوان، وحدث في الوقت نفسه، أن واجه النظام الشيوعيين بقتل "خميس والبقري" النقابيين ممن كانا في قيادة موكب للضغط لمطالب نقابية. ورتب الإخوان والشيوعيون حملات مشتركة للهجوم على الدكتاتورية العسكرية في مصر، وهكذا كان اسم ثورة يوليو يومها في جريدة الميدان (صحيفة ناطقة باسم الحزب الشيوعي السوداني)، موضحا بأن تلك الفترة شهدت اشتراك الشيوعيين مع الإخوان في السودان عبر لقاءات مشتركة للتنديد بالدكتاتورية في مصر، ثم جنح الشيوعيون نحو النظام بعدها كما هو معروف.
وحسب البروفسور إبراهيم، فإن ما سماه "تحقيق الكلب العجوز الذي لا يمكن أن تعلمه حيلة جديدة" مع الدكتور مرسي في هروبه الكبير من السجن خلال ثورة 25 كانون ثاني (يناير) 2011 بمساعدة من "حماس"، يُعيد إلى أيام في منتصف الستينيات حين اصطدم الإخوان المسلمون بنظام عبدالناصر، فألقت القبض على الشهيد سيد قطب، وراحت الدولة تذيع تآمر الإخوان لزعزعة أمن البلاد، ومن ضمن ذلك نشر صور لمصاحف مجوفة قيل إن الإخوان كانوا يخفون فيها مسدساتهم لوقت التخريب، "وصدّقناهم في حماستنا للناصرية، وقتلوا قطب وخرجنا في القوى التقدمية في مظاهرة لدعم النظام التقدمي في مصر من مؤامرات الإخوان. ولا أذكر ذلك اليوم إلا بهوان"، فليس من الخُلق أن يسير طلائع التقدم في جنازة مفكر وعابد ومفسر مرموق للقرآن قتل غيلة.
ووصف مناصرة قيادات مصرية بارزة لنداء الرئيس عبد الفتاح السيسى لمواجهة الإخوان المسلمين، بأنها معجونة من لغة "تحالف الشعب العامل" في أسوأ نسخه.
على الصعيد ذاته، يقول الأكاديمي الإسلامي البروفسور التجاني عبد القادر، إن كل الناس يموتون، ولكن بعض الناس يموتون فتكتب لهم الحياة، ويفنون فيكتب لهم البقاء، ويمنعون من القليل الفاني فينالون الجزيل الباقي، داعيا الأحياء إلى عدم المساومة في حقوق الإنسان، وأضاف: "علينا ألا نتردد في مقاومة الظلم، وألا نهادن أنظمة القمع والاستبداد، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون".
أما الدكتور طارق جبريل، فقد أكد لـ"عربي 21" بأنه على الرغم من الخلفية الأيديولوجية للدكتور مرسي، إلا أنه كان أول رئيس مصري منتخب وجرى انتزاع الحكم منه بتلك الطريقة التآمرية الانقلابية العسكرية.
ورأى أن مرسي أظهر في تجربته المحدودة تنزيلا لمعنى الدين واسترداد هيبة المسلم.
وأدان الصحفي السوداني اللامع فيصل محمد صالح على صفحته الشخصية، الوضع الذي واجهه الرئيس الراحل محمد مرسي، وكتب: "رحم الله الرئيس المصري السابق محمد مرسي وأحسن إليه، ولا شك عندي مطلقا أنه مات مظلوما، ولم يجد لا المعاملة اللائقة ولا المحاكمة العادلة التي يستحقها أي إنسان لمجرد أنه إنسان"، وفق تعبيره.
يذكر أن وفاة الرئيس المصري السابق محمد مرسي، التي جاءت مطلع الأسبوع الجاري في أثناء محاكمته بتهمة التخابر، تتزامن مع استمرار الحراك السوداني من أجل التغيير والانتقال الديمقراطي، الذي انطلق منذ نهاية كانون أول (ديسمبر) الماضي، وتمكن من الإطاحة بحكم الرئيس عمر البشير، ولازال يطالب بنقل السلطة من العسكر إلى المدنيين.
اقرأ أيضا: دعوات إلى مظاهرات في عموم مصر الجمعة بعد وفاة مرسي