هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "التايمز" تقريرا لمراسلها أنطوني لويد، تحت عنوان "الجثث تتراكم في أسوأ يوم من معركة طرابلس"، يقول فيه إن الموظفين في مركز طبي مؤقت يشعرون بالثمن الدموي للحرب الأهلية في ليبيا.
ويقول لويد إن الطبيب كان يتحدث إليه عندما مرت رصاصة من جانب رأسه، مشيرا إلى أنهما كانا يقفان أمام مرآب للسيارات تم تحويله إلى مركز طبي على الجبهة عندما حدث هذا، وكان يوما غائما في عين زارة، وهو الحي الواقع في جنوب طرابلس.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الدكتور عبد الرؤوف غيباني وفريقه كانوا يستقبلون المصابين، فكان هناك ستة جراحين في داخل المكان بانتظار الجرحى عندما وصلت أول الرصاصات المنطلقة من قذائف الهاون من خارج جدران المكان.
وتفيد الصحيفة بأن الجبهة لم تهدأ طوال اليوم، حيث ظلت أصوات النيران واضحة بين الوحدات التي خرجت من طرابلس لمواجهة القوات المحاصرة للعاصمة، التي تعود إلى المارشال خليفة حفتر، مشيرة إلى أن قواته موجودة في الجانب الجنوبي للعاصمة التي وصلوا إليها في 4 نيسان/ أبريل، في محاولة للسيطرة على العاصمة من الحكومة المعترف بها دوليا.
ويقول الكاتب إن الجولة الأخيرة من القتال تغذيها الأموال والأسلحة والذخيرة التي يقدمها الداعمون الأجانب، التي قتل فيها حتى الآن 600 شخص، وأدت إلى إصابة الآلاف من الجرحى، وتشريد 75 ألف شخص، مشيرا إلى أن المبعوث الأممي غسان سلامة حذر قبل عشرة أيام من حرب أهلية لا يمكن وقفها، وقد تؤدي إلى تقسيم البلاد وللأبد.
ويلفت التقرير إلى أن الدكتور غيباني (33 عاما) قدم للصحافي تفاصيل عن الأحداث عندما وصلت الرصاصة، قائلا: "أسوأ يوم عشناه منذ هجوم حفتر هو ذلك الذي استقبلنا فيه 30 جريحا"، مشيرا إلى أنه لم يكد ينهي كلامه حتى اخترقت رصاصة الجدار وطارت من فوق رأسه، ووقعت إلى جانب قدمه.
وتنوه الصحيفة إلى أن الطبيب علق قائلا: "غريب"، إلا أنه كان هادئا، والتقط الصحافي الرصاصة التي كانت ساخنة وأعطاها إياها، كونها علامة على النجاة من الموت، وعلق الطبيب قائلا: "أنا محظوظ بالتأكيد".
ويقول لويد إنه بعد هذا ذهب أي شعور بالهدوء، ووصل أول الجرحى بعد دقائق حيث جره رفاق السلاح، وكان يئن من الجرح بعد إصابته بشظية في رجله، أما الثاني فقد أصيب في صدره، حيث اخترقت الرصاصة إلى ظهره، وقال غيباني: "سيعيش، في الحقيقة" حيث أخذ يغطي جرحه الغائر، وأضاف: "هناك إشارات جيدة فلم تصب الرصاصة رئتيه".
وبحسب التقرير، فإن "الجرحى تدفقوا بعد ذلك وزادت كثافة النيران، جثة مضرجة بالدماء تلو الأخرى، والجميع وصلوا بالعربات التي كانت تصل بمجموعات، ما زاد من عبء الأطباء قبل إرسالهم في سيارات إلى المستشفيات في طرابلس".
وتقول الصحيفة: "شيئا فشيئا، ازدحم المرآب ولم يعد يحتمل، وكانت إصابات بعض الجرحى التابعين للحكومة إلى درجة كانوا فيها قادرين على النقاش مع الأطباء بشأن العلاج بطريقة لا تفسد الصيام، فيما همس البعض بكلام عن اللحظات الأخيرة قبل إصابتهم".
ويورد الكاتب نقلا عن قائد، قوله: "لديهم قناصة في بناية من ثلاثة طوابق، وخسرت رجلين من رجالي"، مشيرا إلى أنه كان هناك الكثيرون ممن أصيبوا إصابات بالغة ولم يكونوا قادرين على قول شيء، فكان أحدهم ميتا عند وصوله، وقد كشطت قنبلة مضادة للطائرات جزءا من رأسه، فيما كان جسد آخر محترقا بسبب الحديد الذي اخترق جسده، وبدا آخر وقد خرجت أحشاؤه أمامه.
ويفيد التقرير بأن ثلاثة ماتوا أمام الصحافي قبل وصول الفرق الطبية، وتم نقل جثثهم إلى مكان في المرآب، فيما انطلق الأطباء للنظر في حالة بقية الجرحى.
وتبين الصحيفة أنه في مرحلة ما كان هناك 15 جريحا في وقت عمل فيه الدكتور غيباني لمعالجة الجرحى، وكان صوت الحرب يقترب من المقر الطبي الميداني، وكان القتال قريبا لدرجة أن المقاتلين كانوا يحضرون الجرحى للمرآب، ثم يعودون إلى مراكزهم لمواصلة القتال.
ويشير لويد إلى أن قائدا قام بنقل جريح على كتفه ليعود مرة أخرى ليقول إنه أصيب في قدمه، لافتا إلى أن مظاهر الهدوء اختفت كلها، فقد صرخ الرجال فوق جثث أصدقائهم، وشاهد أحدهم شقيقه وهو يموت بين يديه، ليصاب بحالة من العنف، و"يبدو أن الوضع كان أفضل في مواقع أخرى في المدينة المحاصرة".
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن قوات حفتر فشلت في تحقيق الهدف الرئيسي لها واختراق دفاعات المدينة، لكنها تقدمت في يوم السبت في عين زارة، وقتلت عددا من قوات الحكومة، لافتة إلى أنه "مع غروب الشمس بدا وكأن أنه لا منطقة قد خسرت ولا انتصارا قد تحقق".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)