هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "ناشونال إنترست" مقالا للباحث سيث فرانتزمان، يتحدث فيه عن تداعيات ضم الضفة الغربية على الأردن.
ويقول فرانتزمان في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن الملك عبد الله الثاني سافر في 29 آذار/ مارس إلى أسيزي في إيطاليا؛ لتلقي جائزة لجهوده في دعم السلام، وأكد أهمية استمرار الأردن في دورها بصفتها حارسة للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، قائلا إن "التزام الأردن بالانسجام والسلام يؤكد دورنا وقتالنا الإرهاب على الجبهات كلها ضمن نهج شمولي".
ويرى الكاتب أنه "في ظل نتائج الانتخابات الإسرائيلية في 9 نيسان/ أبريل، والتأخير المستمر في الإعلان عن خطة السلام الأمريكية، فإن دور الأردن مهم لنجاح أي خطة والاستقرار في المنطقة، وأكد خطاب الملك سياسة المملكة، وهي البلد الصغير لديه اقتصاد متعثر، وهي في مركز حيوي للأمن بين إسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية وسوريا والسعودية والعراق، واستقبل الأردن في الآونة الأخيرة القمة الاقتصادية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكذلك لقاء للقادة العرب من أجل مناقشة مستقبل المنطقة".
ويقول فرانتزمان إنه زار الأردن في بداية نيسان/ أبريل، حيث لاحظ أن التحديات الاقتصادية حقيقية، مشيرا إلى أن "أكثر من مليون سوري هربوا من الحرب الأهلية في بلادهم، منهم 660 ألف مسجلون لدى المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة، ولديه ثاني أعلى نسبة لاجئين في العالم، بحسب معدل الفرد، ويعاني اللاجئون من الفقر ونسبة 80% يعيشون تحت معدل الفقر، ومعظمهم في الأرياف، وهناك نسبة 51% من السكان أطفال، ولا يعيش الكثيرون منهم في مخيمات اللاجئين، ما يعني أنهم يعيشون في شمال البلاد والعاصمة عمان".
ويشير الباحث إلى أن "اللاجئين لم يعودوا إلى سوريا رغم استعادة النظام السوري منطقة الجنوب من البلاد، ومنحه عفوا للمقاتلين، وفتحه الحدود مع الأردن، وهم بحاجة لمساعدات كبيرة، وقدمت المفوضية السامية لـ132 ألفا من اللاجئين المساعدات المالية، ومن بين هؤلاء 124 ألفا من سوريا، وهذا يتطلب تمويلا يصل إلى أكثر من 500 مليون دولار سنويا لدعمهم".
ويلفت فرانتزمان إلى أن "الأردن أدى حتى السبعينيات من القرن الماضي دورا مهما في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، من السيطرة على الضفة الغربية حتى عام 1967، لمواجهة الفصائل الفلسطينية المسلحة عام 1970، واستقبل الأردن ملايين الفلسطينيين، إلا أن الأمور بدأت تتغير من نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، حيث وقع الأردن وإسرائيل اتفاقية سلام عام 1994".
ويفيد الكاتب بأنه "منذ وصول دونالد ترامب إلى السلطة والملك عبدالله على تواصل مستمر معه، وسافر الملك إلى واشنطن مخبرا ترامب أن القضاء على تنظيم الدولة، وحل الأزمة السورية، مهمان لأمن الأردن، وعبر عن قلقه من خطة ترامب لنقل السفارة، وكيفية حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وزار الملك عبد الله واشنطن في نيسان/ أبريل 2017، مؤكدا أهمية مقاومة الإرهاب والأمن الإقليمي، ورفض الأردن نقل السفارة الأمريكية في كانون الأول/ ديسمبر 2017، وعقدت محادثات أردنية أمريكية أخرى في حزيران/ يونيو 2018 وآذار/ مارس 2018؛ لفحص خطة السلام التي يعد لها البيت الأبيض".
ويعلق فرانتزمان قائلا: "يبدو أن الأردن حاول الحصول على علاقة عمل وثيقة مع الولايات المتحدة، ودعا للحذر من نقل السفارة، فيما حاول التأثير على خطة السلام الأمريكية، وقررت الإدارة تأخير الإعلان عن الخطة لما بعد الانتخابات الإسرائيلية".
ويقول الباحث إنه زار الأردن قبل ثلاثة أعوام، حيث "كانت المملكة واحدة من أكبر الدول التي تستقبل اللاجئين، ومركز برنامج لتدريب المعارضة السورية المعتدلة، وأوقف البرنامج في تموز/ يوليو 2017، وبعدها انتقلت الولايات المتحدة إلى منطقة التنف الحدودية القريبة من الأردن والعراق، ولا يعرف مصير القاعدة العسكرية منذ ذلك الوقت، مشيرا إلى أن قائد القيادة المركزية جوزيف فوتيل زار القاعدة قبل إعلان ترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا، وصور النظام السوري والروس الوجود الأمريكي في التنف على أنه احتلال ومعاناة للاجئين السوريين الذين فروا ليجدوا أنفسهم تحت المظلة الأمريكية".
وينوه فرانتزمان إلى أن "المشرعين يرون أن هذه القاعدة تساعد على ردع التأثير الإيراني، وتشكل حاجزا ضد (الممر الإيراني) الممتد من طهران عبر العراق وسوريا ولبنان، واستهدف الطيران الأمريكي المليشيات المدعومة من إيران التي تقدمت نحو التنف، فعلى الجانب العراقي من الحدود واجهت القوات الأمريكية تحرشات من المليشيات الشيعية، والآن بعد تصنيف الولايات المتحدة قوات الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، ومطالبة إيران بجلاء القوات الأمريكية عن العراق، أصبحت قاعدة التنف والأردن أكثر أهمية للسياسة الأمريكية في المنطقة".
ويفيد الكاتب بأن "إيران تراقب الوضع عن كثب، حيث قالت تقارير صحافية إن الأردن لن يحل محل القوات الأمريكية لو غادرت هذه قاعدة التنف، وفي الوقت الحالي فإنه من المحتمل أن تبقي الولايات المتحدة قوات لها في سوريا، في حال سحبت مجمل قواتها بعد هزيمة تنظيم الدولة".
ويبين فرانتزمان أن "ما يواجه الأردن هو التوازن، فهو يريد الحفاظ على علاقات قريبة من السلطة الوطنية الفلسطينية، ولا يريد زعزعة للاستقرار في الضفة الغربية، فأفعال إسرائيل في القدس، والخطة الأمريكية، وحتى تداعيات ما يجري في غزة، كلها تؤثر على استقرار الضفة".
ويشير الباحث إلى أن "الأردن طالب بشكل متكرر بحل عادل وشامل للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي يقود إلى دولتين، ويرغب الأردن في بناء إجماع بين دول الجنوب العربي، بما فيها الإمارات العربية والسعودية والبحرين والكويت ومصر، ويريد أن يستخدم تأثيره؛ ليس من أجل الدفع باتجاه إعادة سوريا إلى الجامعة العربية فقط، لكن مناقشة دفء العلاقات بين إسرائيل ودول الخليج، وكان الأردن ناقدا في المنتدى الاقتصادي العالمي في البحر الميت لعُمان، الذي انعقد في 7 نيسان/ أبريل، وقال إن إسرائيل تحتل أرضا عربية غرب الأردن، في وقت تقوم فيه عُمان ببناء علاقات معها".
ويجد فرانتزمان أن "الأردن لا يريد بناء توازن مع السياسة الأمريكية: ومرحلة ما بعد الحرب السورية والنزاع الإسرائيلي الفلسطيني فقط، لكنه يريد مناقشة قضية اللاجئين السوريين، وفي المناقشات مع اللاجئين السوريين في الأردن لم يعبر أي منهم عن رغبة في العودة، وفي مقابلات عدة قالوا إنهم بعد آمال العام الماضي فإن من عاد منهم سجن، فيما نقل الشباب للتجنيد، وبعضهم يعيش في الأردن منذ 7 أعوام، وولد له ولد أو اثنان، وهو جزء من تزايد عدد اللاجئين السوريين".
ويلفت الكاتب إلى أن "معظم اللاجئين السوريين جاءوا من جنوب سوريا، ولديهم روابط عائلية في الأردن، ولهذا اندمجوا بسهولة في الأردن، وخففت الحكومة من القيود على عملهم في قطاعات معينة، مثل العمالة الرخيصة، والفكرة هي منعهم من المنافسة في قطاع الأعمال المخصص للأردنيين، ومع زيادة أسعار الإيجارات، وتزايد كلفة المعيشة، فإن السخط على اللاجئين متزايد، وتؤكد الجمعيات التي تساعد اللاجئين، مثل كاريتاس الأردن ومؤسسة الإغاثة الكاثوليكية، أن الأردن يرى نفسه أنه يقوم بواجبه (الأخوي) تجاه اللاجئين".
ويرى فرانتزمان أن "المشكلة على المدى البعيد هي إن قرر اللاجئون البقاء في الأردن لمدة طويلة، فإن ذلك سيؤدي إلى ولادة جيل جديد منهم، ويشكل اللاجئون السوريون نسبة 10% من سكان الأردن، البالغ عددهم 10 ملايين نسمة، وواجه الأردن أزمات صغيرة، خاصة بعد وقف أمريكا المعونات لوكالة الأونروا، بشكل أثار مخاوف من تخفيض النفقات على اللاجئين الفلسطينيين".
ويذهب الباحث إلى القول إن "الأردن يؤدي دورا رئيسيا في أمن المنطقة في السنة المقبلة، وعلى صناع السياسة الاعتراف بهذا والبناء عليه، وموقف الملك منسجم وواضح، ففي إيطاليا عبر عن دعمه لدولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة، وعلى حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية إلى جانب إسرائيل آمنة، وجزء من منطقتها، ومعترف بها في العالمين العربي والإسلامي".
ويختم فرانتزمان مقاله بالقول إن "الطريقة التي ستختار فيها إدارة ترامب تقديم خطتها للسلام، واختيار بنيامين نتنياهو بعد الانتخابات ضم أجزاء من الضفة الغربية، سيتركان تداعياتهما على أمن الأردن".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)