هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكد سياسيون ومراقبون أن التزام مصر الصمت حيال ما كشفته وكالة "رويترز" للأنباء عن انسحابها من مشروع تشكيل "الناتو العربي"، بقيادة الولايات المتحدة، يفتح الباب أمام العديد من التكهنات والتساؤلات.
وأوضحوا في تصريحات لـ"عربي21" أن عدم صدور رد مصري رسمي قد يكون هدفه هو تحقيق المزيد من المكاسب من دول التحالف المزمع تشكيله سواء مادية أو سياسية، أو جس نبض الشركاء الآخرين حيال انسحابها من التحالف المنتظر.
وكانت وكالة رويترز، الخميس، نقلت عن أربعة مصادر قولها إن مصر انسحبت من الجهود الأمريكية لتشكيل "الناتو العربي"، على غرار حلف شمال الأطلسي مع الحلفاء العرب الرئيسيين، فيما يمثل ضربة لمساعي إدارة الرئيس دونالد ترامب لاحتواء نفوذ إيران.
إلا أن مصادر أكدت أن الدول المتبقية في التحالف تمضي قدما في المبادرة وستحاول إقناع مصر عن طريق الدبلوماسية بالعدول عن الانسحاب وذكر أحدهما أن القرار ليس نهائيا على ما يبدو.
اقرأ أيضا: رويترز: مصر تنسحب من مبادرة تشكيل "الناتو العربي"
ترحيب إيراني
وفي أول تعليق لها؛ رحبت إيران، بانسحاب مصر من الناتو العربي، مشيرة إلى أن مصر تعدّ واحدة من الدول المهمة والقوية في العالمين العربي والإسلامي، ومن شأنها أن تلعب دورا مهما في إرساء السلام والاستقرار والأمن في منطقة غرب آسيا.
ونقلت وكالة إرنا الإيرانية عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، قوله: "هذا النبأ لم تؤكده بعد المصادر الرسمية، ولا توجد معلومات دقيقة حول صحة هذا الخبر من عدمه"، مؤكدا أن بلاده ترحب به في حال تأكد صحته.
اقرأ أيضا: كيف علقت إيران على أنباء انسحاب مصر من "الناتو العربي"؟
مبررات واهية
وفند عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشعب السابق، أسامة سليمان، ما جاء في بعض التقارير بأن انسحاب مصر من مشروع الناتو – إن صح – هدفه عدم وضوح الرؤية، وعدم زيادة التوتر مع إيران، قائلا: "هذا الأمر خارج حسابات السيسي، ما حدث هو نوع من أنواع الابتزاز المصري الأمريكي للسعودية".
وأكد لـ"عربي21" أن "من يبحث عن المصلحة العليا لبلاده لابد أن يكون أتى بإرادة شعبية، أما من أتى بالانقلاب فيبقى أسير الحفاظ على كرسي الحكم، وعدم محاكمته، وهذه نقطه ضعفه (السيسي) التي يبني عليها الآخرون علاقتهم به، خاصة أنه بحاجة إلى دعم مالي عاجل نتيجة العجز الكبير في الموازنة الجديدة".
ولم يستبعد أن يكون هناك اتفاق مصري- أمريكي قائلا: "معلوم أن السيسي رهن أوامر ترامب بالدخول أو الخارج من التحالف، ولكن ما يحدث هو ابتزاز مصري – أمريكي من أجل الدفع (المال) للسيسي، أما ما يتم الترويج له من أن سبب الانسحاب- إن وجد- هو غموض الموقف فهو للتمويه".
تغيرات المنطقة
وعلق السياسي المصري، محمد سودان، بالقول: "من الواضح أن هناك قلقا في منطقة الخليج بعد أحداث الجزائر والسودان، وكذلك ما يتم الآن في ليبيا بضغط خليجي"، مشيرا إلى أن "مصر بموقعها في غرب ليبيا والمطامع الكثيرة من الغرب في ليبيا، وتعاون بعض هذه الدول مع السيسي لتسهيل مطامعهم في ليبيا منحه بعض القوة لأخذ قرار الانسحاب من الناتو العربي".
وأضاف لـ"عربي21": "علاوة على أن هناك بعض القلق بسبب الضغوط الحالية على ترامب بسبب تحالفه اللا محدود مع النظام السعودي والإماراتي، ومن الواضح أن شعبية ترامب تتهاوى لهذه الأسباب وغيرها؛ وبالتالي هناك احتمال كبير بعدم نجاح ترامب في الانتخابات المقبلة".
وأعرب عن اعتقاده بأن "في النهاية، السيسي لا يجرؤ على أن يأخذ هكذا قرار دون موافقة واشنطن، وربما كان مبرره القلاقل التي تحدث في دول الجوار، ولا يريد الزج بأي من الوحدات العسكرية المصرية في هذا المشروع، وإرسالها خارج البلاد".
حسابات السيسي
يقول مدير ومؤسس المعهد الدولي للعلوم السياسية والإستراتيجية، ممدوح المنير: "على الرغم من أنه لا يوجد تأكيد أو نفي مصري رسمي، فإن الحلف في الوقت الحالي لا يمثل مكسب للنظام المصري، ولن يشارك فيه إلا مكرها إن حدث؛ بسبب التغييرات السياسية المتلاحقة بالمنطقة".
وأكد لـ"عربي21": "أن فكرة الناتو العربي صعب أن يقبل بها النظام المصري الحالي، ما لم تكن هناك محفزات قوية لا تتوافر حاليا في الوضع العربي، فالعديد من الدول لديها ملفات ساخنة حاليا لا تتلاءم مع التحالف ولا مستهدفاته مثل قطر والأردن".
وأشار إلى أن "السيسي حريص على علاقات قوية مع روسيا وإيران فهما يمثلان الخطة (ب) إن جازت التسمية للسيسي، في حال انقلاب الإدارة الأمريكية عليه في حال عدم فوز ترامب بفترة رئاسة ثانية، أو أي تصادم متوقع في موضوع صفقة القرن ودوره فيها".