هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشف معتقلون سابقون ينتمون للإخوان المسلمين، ومختصون في شؤون التنظيمات الاسلامية، أن المبادرة التي تم الإعلان عنها قبل أيام تحت عنوان "مبادرة الشباب المستقل"، واحدة من المبادرات التي تشهدها السجون بين الحين والآخر، لإحداث إنشقاق بين قيادات الإخوان وشباب الجماعة أو الجماعات الأخري.
ويؤكد المختصون لـ "عربي21"، أن قيادات الإخوان المعتقلين، معظمهم بسجن العقرب، وخروج أي مبادرة عن السجون لا تضمن موافقتهم، مشكوك فيه لعدة أمور، منها استحالة التواصل مع هذه القيادات، وصعوبة التواصل بين بعضهم البعض، بالإضافة إلى أن هذه المبادرات عليها كثير من علامات الاستفهام.
وتشير تحليلات المختصين بشؤون الحركات الإسلامية إلى أن كل المبادرات التي تصدر من السجون موجهة ضد قيادات الإخوان، وتحمل القيادات المعتقلة مسؤولية استمرار سجن الشباب وإعدامهم، ما يؤكد أن مصدر معظم المبادرات هو قطاع الأمن الوطني الذي يستغل رغبة الشباب في الخروج من السجون.
وكان عدد من المعتقلين بسجن الاستقبال بطرة، أطلقوا مبادرة، أثارت الشكوك حول توقيتها، وطريقة طرحها، والتعاطي الإعلامي معها، وقد دعوا فيها لإجراء مراجعات لأفكار الجماعات الموجودة بالسجون مثل الإخوان والسلفين وأعضاء تنظيم القاعدة، وطريقة تعاملهم مع النظام الحاكم.
وأكد أصحاب المبادرة التي حملت عنوان "مبادرة الشباب المستقل"، أنهم طرحوها منذ عام ونصف، ولكنها لم تحظ بأي ردود أفعال خاصة من الإخوان المسلمين، معلنين أن هدفهم من طرحها مجددا، إنهاء الانشقاق المجتمعي الذي تشهده مصر، وإنقاذ الشباب من براثن الأفكار التكفيرية المنحرفة، ووضع حد للخروج على الحكام بالسلاح والقوة.
اقرأ أيضا: تحقيق.. هكذا قتل الأمن المصري مئات الشباب بحجة "الاشتباك"
وطالبوا النظام المصري بتوفير المناخ الصحي للمراجعات الفكرية الفردية بالسجون، وتيسير الأوضاع المعيشية وتحسين الزيارات، والاهتمام بالملف الصحي وذوي الأمراض المزمنة وإجراء العمليات الجراحية العاجلة وتفعيل الإفراج الصحي وتقنين العفو الشامل.
شاهد عيان
وفي تعليقه على المبادرة أكد قيادي إخواني خرج مؤخرا من سجن الاستقبال، بأنهم اعتادوا مع كل مناسبة انتخابية على ظهور مثل هذه المبادرات، التي يشرف عليها مكتب الأمن الوطني بالسجون، ويسعى من ورائها لإعلان الشباب التخلي عن القيادات الكبرى في جماعة الإخوان وتحميلهم مسؤولية الاستمرار بالسجون.
ويشير القيادي الإخواني لـ "عربي21"، طالبا عدم ذكر اسمه خشية الملاحقات الأمنية، أنه خرج من سجن الاستقبال نهاية عام 2018، بعد اعتقال استمر ثلاث سنوات، وخلال هذه الفترة سمع عن عشرات المبادرات، وبعضها كان بحسن نية، والآخر كان موجها من الأمن الوطني، وبعضها كانت نتيجة لمراجعات فكرية خضع لها عدد من المعتقلين، وكان يشرف عليها الشيخ أسامة الأزهري مستشار رئيس نظام الإنقلاب للشؤون الدينية.
ويستدل القيادي الإخواني بالمبادرة التي طرحها بعض الشباب في قضية أحداث مطاي، المتهم فيها المرشد العام للإخوان المسلمين، والتي طرحت أمام وسائل الإعلام داخل المحكمة، ووجهوا السباب والشتائم للمرشد العام، بعد أن وعدهم ضابط الأمن الوطني أحمد سيف، بحصولهم على البراءة، ولكن الأحكام جاءت ضدهم بالمؤبد والسجن لفترات طويلة، فقاموا بالاعتذار للمرشد، وكشفوا أنهم تعرضوا لخديعة من الأمن الوطني، وضغوط من أهاليهم للإعلان عن مبادرتهم.
غياب طرفي الصراع
من جانبه يؤكد الباحث في التنظيمات الإسلامية عبد الله حماد لـ "عربي21" أن أسلوب المبادرات قديم في السجون المصرية، وهي وسيلة تستخدمها الأجهزة الأمنية حاليا لإحداث الانشقاقات بين الشباب وقيادات الإخوان، من خلال وعدهم بالخروج من السجون في الإعفاءات الرئاسية أو من خلال الإفراج الصحي.
ويضيف حماد قائلا: " نظام السيسي اعتمد على سياسية واضحة منذ كانون الثاني/ يناير 2014، وتحديدا بعد عملية تفجير مبنى مديرية أمن القاهرة، وهو فصل وعزل قيادات الإخوان داخل سجن العقرب، وبعد حادثة مقتل النائب العام السابق في 30 حزيران/ يونيو 2015، تم عزل قيادات الإخوان عن بعضهم البعض داخل السجن نفسه، من خلال حبسهم في زنازين انفرادية، ومنع الزيارات عن عدد منهم لمدة تصل لثلاث سنوات، ومنع الزيارة عن السجن كله خلال العامين الأخيرين".
اقرأ أيضا: اعتراف إسرائيلي خطير عن الانقلاب على مرسي.. تفاصيل
ويشير الباحث بالتنظيمات الإسلامية، أن تعامل الجهاز الأمني وفقا للأسلوب السابق، "فشل حتى الآن في إحداث الانشقاقات المأمولة حتى بين جناحي الإخوان المتنازعين في الخارج، ولم نسمع عن تأثيراتها داخل السجون، ما يجعل ظهور مثل هذه المبادرات من فترة لأخري أمرا متوقعا، ولكنها في النهاية مبادرات ولدت ميتة لأنها لم تخرج عن طرفي الصدام وهما النظام العسكري وقيادات جماعة الإخوان".
ويؤكد حماد أن ما يدعو للاستغراب أيضا هو طريقة طرح المبادرة وتوقيتها وكيفية خروجها لوسائل الإعلام التي احتفت بها كثيرا، رغم أنها لم تخرج عن مطالبتهم للنظام الحاكم بتحسين أحوالهم المعيشية داخل السجون، وتهيئة الظروف لإجراء مراجعتهم الفكرية، وهو ما يدعم أن الهدف من هذه المبادرات هو إقرار أن الصراع الحالي فكري وليس سياسي، وهو ما ما يتنافى مع وجهة نظر الإخوان بشكل قاطع.