هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
دعت باحثة أمريكية إلى إنهاء التحالف الأمريكي مع السعودية، مشيرة إلى أن التحالف لم يبدأ كما يقول البعض بعد الحرب العالمية الثانية، بل في عقد السبعينيات من القرن الماضي.
وتقول الأستاذة في جامعة نوتردام روزميري كيلانيك، في مقال نشره موقع مجلة "ناشونال إنترست"، إن الخوف من التهديد السوفييتي وصدام حسين هو ما دفع الولايات المتحدة لدعم السعودية.
وتشير الباحثة في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الرئيس دونالد ترامب تعهد بالوقوف إلى جانب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، رغم علاقته بمقتل جمال خاشقجي في قنصلية السعودية في اسطنبول، مستدركة بأن خبراء السياسة الخارجية المتعاطفين مع الرياض، مثل وزير الخارجية الأمريكي جيمس بيكر، حذروا داعين إلى موازنة الدفاع عن المبادئ الديمقراطية مع "القيم الجوهرية والملزمة لعلاقتنا الاستراتيجية مع السعوديين".
وتعلق كيلانيك قائلة إن ما لم يعترف به بيكر هو أن القيم الاستراتيجية للولايات المتحدة للتحالف غير الرسمي الأمريكي السعودي قد تراجعت في العقود السابقة، مشيرة إلى أن العلاقات القوية مع السعوديين خدمت المصالح الأمريكية الجيوسياسية في أثناء الحرب الباردة، التي انتهت قبل 30 عاما.
وتتساءل الكاتبة إن كانت هذه العلاقات لا تزال مفيدة اليوم، مجيبة أن العلاقة ليست مهمة من ناحية النفط وأمنه.
وتقول كيلانيك إن "النفط ظل المحدد والدافع للعلاقات الأمريكية السعودية، مع أن المعلقين يحبون أن يستعيدوا عادة اللقاء الذي تم بين الرئيس فرانكلين روزفلت والملك عبد العزيز بن سعود، على متن البارجة الأمريكية كوينسي في شباط/ فبراير 1945 كونه بداية لعلاقة (الأمن مقابل النفط)، وفي الحقيقة فلم تتمظهر العلاقات بين البلدين إلا في عقد السبعينات من القرن الماضي، وكانت نتاجا لعدة ظروف لم تعد قائمة اليوم".
وتلفت الباحثة إلى أن "خروج بريطانيا من منطقة الخليج عام 1971، هدد بخلق فراغ خشيت واشنطن أن تسارع موسكو بملئه، إما مباشرة أو عبر وكلاء السوفييت في العراق وسوريا، وفهم الأمريكيون أنه لو عزز الاتحاد السوفييتي تأثيره على نفط المنطقة كله فإنه سيكون قادرا على ابتزاز العالم الحر كله، من خلال حرمانه من الوصول إلى البترول، ومن هنا فإنه كان من الضروري أن تقوم الشركات المنتجة للنفط بالحصول على منفذ للبترول في السعودية وإيران ومشيخات الخليج، والتأكد من عدم وقوعها في الفلك السوفييتي".
وتنوه كيلانيك إلى أن "التهديد السوفييتي دفع ريتشارد نيكسون لتبني سياسة قائمة على دعامتين، التي عززت من خلالها الولايات المتحدة علاقتها مع إيران والسعودية وبيعهما السلاح والدعم العسكري؛ أملا في أن يقوم البلدان باحتواء التأثير السوفييتي، وكانت السعودية الشريك الأصغر في هذه الاستراتيجية، وحصلت على 612 مليون دولار على شكل أسلحة في ظل إدارة نيكسون، مقارنة مع 7.6 مليارات دولار التي تلقتها إيران على شكل أسلحة".
وتبين الكاتبة أنه "من أجل توضيح التناقض، فإن الدور السعودي لم يكن عسكريا، وضمت للتحالف الأمريكي في المنطقة من أجل المظهر ولتفادي إغضاب دول الخليج بالاعتماد على إيران فقط دون إشراك دول عربية فيه، لكن بعد انهيار التحالف الأمريكي مع الشاه، عندما سقط نظامه عام 1979، زادت الولايات المتحدة دعمها العسكري للسعودية، بالإضافة إلى أن أهمية الأخيرة زادت بعد اجتياح صدام حسين الكويت في عام 1990، وهدد مباشرة الحدود السعودية، حيث تحولت الولايات المتحدة للضامن الوحيد لأمن المملكة ونفطها عبر عملية (عاصفة الصحراء)".
وتجد كيلانيك أن "هذا كله يؤكد أن الشراكة بين البلدين ليست بعيدة في الزمن، ونبعت من عدوانيين محددين: الاتحاد السوفييتي وصدام حسين، وكلاهما لم يعد قائما".
وتؤكد الباحثة أن "المبالغة في الحديث عن التهديد الإيراني لا تأخذ في الاعتبار عدم قدرة إيران على السيطرة على مصادر النفط في الخليج بالطريقة التي كان بإمكان الاتحاد السوفييتي أو العراق القيام بها، ويمكن لإيران أن تزعج السعودية، من خلال حروب الوكالة، لكنها لا تستطيع تهديد سيادة الحدود السعودية، ويمكن للسعوديين بنفطهم منع الإيرانيين وردعهم دون مساعدة أحد، ولا يحتاجون للولايات المتحدة في توفير الدعم الأمني لهم".
وترى كيلانيك أن "العلاقات مع آل سعود تحمل ثمنا استراتيجيا هائلا، بالإضافة إلى الخسارة المعنوية من خلال تببيض أفعال النظام الإجرامي، ويجب ألا ننسى أن الدعم الأمريكي للسعودية كان سببا من الأسباب التي دفعت أسامة بن لادن لشن هجوم على أمريكا، كما يبدو أن السعوديين يريدون وضع الأمريكيين في مصيدة لجرهم في حرب بالنيابة عنهم ضد الإيرانيين، بالإضافة إلى أن الحرب اليمنية التي ذكرت تشير إلى الكيفية التي استخدم فيها السلاح الأمريكي لارتكاب أفعال بربرية ضد المدنيين وتقويض الأمن الأمريكي، من خلال إثارة المشاعر المعادية للولايات المتحدة، التي حفزت 15 انتحاريا سعوديا من بين 19 شخصا لتنفيذ هجمات أيلول/ سبتمبر 2001".
وتختم الكاتبة مقالها بالقول: "كوني واقعية فإني أدعم مناشدة بيكر لموازنة المصالح الأمريكية الاستراتيجية مع المصالح الأخلاقية في التعامل مع السعوديين، واليوم أكثر من وقت مضى فالحاجة للخروج باتت ضرورية".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)