هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا لمراسلتها في بيروت مارغاريتا ستانكاتي، ومراسلتها في القاهرة أميرة الفقي، تقولان فيه إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يسعى لتحسين صورته خلال رحلته الخارجية الأولى منذ مقتل الصحافي جمال خاشقجي، من خلال زيارة الدول العربية الحليفة، قبل أن تعقد قمة الـG20، حيث يتوقع أن يواجه أسئلة صعبة حول جريمة القتل.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن جريمة قتل خاشقجي البشعة داخل القنصلية السعودية في اسطنبول، في الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر، تسببت بأكبر فضيحة سياسة خارجية للسعودية منذ هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001، ما وتر العلاقات مع الحلفاء الغربيين.
وتقول الكاتبتان إنه يتوقع أن يقوم الأمير محمد بعد جولته الشرق أوسطية بحضور قمة الـ G20، التي ستنعقد في بيونيس آيريس، وتبدأ يوم الجمعة، مشيرتين إلى أن احتمال أن يواجه الأمير تهما جنائية في الأرجنتين قد تعقد خطته، التي لم تؤكدها الحكومة السعودية بعد.
وتلفت الصحيفة إلى أن هذه القمة ستكون هي المرة الأولى منذ جريمة القتل التي سيلتقي فيها الأمير، البالغ من العمر 33 عاما، وجها لوجه مع زعماء العالم، بمن فيهم الرئيس ترامب، الذي دافع عن التحالف مع المملكة بعد وقوع الأزمة، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي أبقى الضغط على السعودية، ورعى غضبا عالميا على الجريمة.
وينوه التقرير إلى أن القيادة في السعودية تحرص أن تضع قضية خاشقجي خلفها، وبدأت في محاولة الحصول على الدعم من أقرب حلفائها العرب، الذين استقبلوا الأمير الشاب بفرش السجاد الأحمر خلال جولته في الشرق الأوسط، ففي القاهرة استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي الأمير محمد بحفاوة في المطار، وقال مكتب الرئيس المصري بعد لقاء بينهما، إن أمن واستقرار المملكة ضروريان لأمن مصر، وأضاف أن الجانبين اتفقا على العمل معا لحماية الأمن القومي العربي، ولمواجهة التهديدات الخارجية.
وتفيد الكاتبتان بأن كلا من مصر والإمارات العربية المتحدة والبحرين وقفت مع السعودية في الوقت الذي واجهت فيه انتقادا واسعا بسبب مقتل الصحافي، بما في ذلك من حلفائها الغربيين، لافتتين إلى أن الإعلام المحلي الموالي للحكومات أهمل خلال توقف الأمير محمد في الدول العربية الثلاث قضية القتل بشكل كبير، فيما كانت ذروة الرحلة عندما حضر الأمير احتفال نهاية سباق الـ"فورمولا وان غراند بري" في الإمارات، وافتتاح خط نفط جديد في البحرين.
وتنقل الصحيفة عن المتخصص في الشأن المصري في "أتلانتك كاونسل" ومعهد "رويال يونايتد سيرفيسز" هـ. ا. هيلير، قوله: "من الواضح أن (أم بي أس) يحاول بعث رسالة دوليا بأن لديه أصدقاء، وسيجد (أم بي أس) أن من الصعب في هذه المرحلة إجراء جولة في أوروبا بسبب التداعيات الإعلامية لقضية خاشقجي".
ويبين التقرير أن خلف هذه الابتسامات الرسمية والمصافحة، فإن جريمة القتل تلقي بظلالها، ففي تونس، المثال الديمقراطي في المنطقة، كانت هناك جدارية قماشية كبيرة للأمير، ومعه منشار آلي، معلقة على أحد الجدران قبل وصول الأمير مساء الثلاثاء، وتظاهر التونسيون ليومين متتاليين ضد زيارته، حيث تجمع المئات وسط العاصمة تونس لشجب المملكة وولي عهدها.
وتجد الكاتبتان أن جريمة القتل شكلت اختبارا لعلاقات المملكة مع الحلفاء الأمريكيين والأوروبيين، ومع تركيا، التي تعد منافسا إقليميا، مشيرتين إلى أن وكالة الاستخبارات المركزية استنتجت أن الأمير محمد هو من أمر بالقتل، وهو استنتاج تنكره الحكومة السعودية، ولا يعيره ترامب اهتماما.
وتورد الصحيفة نقلا عن الحكومة السعودية، قولها إن ولي العهد لم يكن على علم بالعملية، وبأن خاشقجي قتل على يد فريق من العملاء الذين تم إرسالهم من الرياض، وكان مطلوبا منهم القيام باختطاف الصحافي وليس قتله، لافتو إلى أن وزارة الخزانة الأمريكية قامت بفرض عقوبات على 17 مسؤولا سعوديا؛ بسبب دورهم في جريمة القتل، فيما توقفت ألمانيا عن بيع الأسلحة للرياض.
ويكشف التقرير عن أن السلطات الأرجنتينية تبحث إمكانية رفع دعوى ضد الأمير محمد، بعد تلقيها طلبا من منظمة "هيومان رايتس ووتش"، وأشارت المنظمة إلى فقرة حول جرائم الحرب في الدستور الأرجنتيني لرفع القضية، التي تحدثت عن تصرفات التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، ومقتل خاشقجي، والتهمة بتعذيب الناشطات المدافعات عن حقوق المرأة.
وتقول الكاتبتان إن حلفاء السعودية يخشون من أن تؤدي جريمة القتل إلى إضعاف إمكانية المملكة من السعي لتحقيق أهداف إقليمية، مثل مواجهة إيران، بحسب مسؤولين وخبراء في حكومات عربية وغربية.
وتنقل الصحيفة عن المحلل مع معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط تيموثي كلداس، قوله إن "أم بي أس" يريد من خلال جولته في الشرق الأوسط "أن يقوي هذه الفكرة في الخارج، وهي أنه عمود للاستقرار، وأصل استراتيجي في المنطقة، وأن معارضته، أو السعي لاستبداله، أو فرض عقوبات عليه، ستضر بالاستقرار الهش للمنطقة".
ويضيف كلداس، مشيرا إلى حرب اليمن وأزمة خاشقجي وقرار السعودية الضغط على رئيس الوزراء اللبناني أن يستقيل العام الماضي: "الحقيقة هي أن (أم بي أس) هو واحد من أكثر قوى زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط".
وبحسب التقرير، فإن القاهرة، تحت حكم السيسي، استفادت من دعم الرياض السياسي والمالي، حيث تنظر السعودية لمصر، أكثر البلاد العربية سكانا، بصفتها بلدا أساسيا لمنع تكرار ثورات الربيع العربي لعام 2011، التي أطاحت بعدد من الزعماء الإقليميين، وأخافت دول الخليج، مستدركا بأن أولويات الحليفين الإقليميين لم تكن دائما متطابقة.
وتذكر الكاتبتان أنه عندما انسحب المسؤولون والمديرون الغربيون من مؤتمر الرياض التجاري بعد مقتل خاشقجي، فإن مصر تواصلت مع الزعامات الإقليمية لحضوره، وكان من بين من حضر في آخر دقيقة ملك الأردن الملك عبدالله الثاني، ورئيس وزراء باكستان عمران خان، فيما كان السيسي قد دعي لكنه لم يذهب.
وتختم "وول ستريت جورنال" تقريرها بالإشارة إلى أن متحدثا رسميا للسيسي رفض أن يرد على طلبها للتعليق على الموضوع.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)