هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
وفي
13حزيران/ يونيو الماضي، ومع حلول عيد الفطر المبارك، قالت دار الإفتاء:
"صلاة الرجال بجوار النساء بمصلى العيد بصف واحد دون فاصل تعدٍّ صريح على
قواعد الشرع الشريف (لا يجوز)"، وفي اليوم التالي، أفتى الأزهر قائلا:
"ينبغي ألّا تصلي المرأة بجوار الرجل إلا بوجود حائل بينهما".
ورغم
منح الضبطية القضائية لقيادات ومفتشي وزارة الأوقاف، في تشرين الثاني/ نوفمبر
2014، إلا أنه لم يتحرك أحد من الوزارة لوقف المخالفات بالصلاة، ومنع الرقص أمام
المساجد.
3 محاور
وفي
تعليقه على تلك الظاهرة، قال الإعلامي والباحث السياسي، أحمد رشدي، إن هناك عدة
محاور: أولها: الجانب الشرعي، مبينا أن "هذا الأمر يحتوي على جملة من
المخالفات الشرعية، سواء كان اختلاط الصفوف بالصلاة، وهو أمر غير جائز شرعا ومرفوض
عرفا ومُقبح عقلا، أو الرقص والمجون أعقاب الصلاة، وما يصاحب ذلك من محرمات كثيرة".
رشدي
قال لـ"عربي21"، إنما
"شُرعت الأعياد للاحتفاء بمواسم الطاعات، فبعد طاعات المسلمين برمضان يأتي
عيد الفطر، لنحتفي ونسعد بما قدمنا لله من قربات. ومع طواف الحجيج وبعد عتق الرقاب
في عرفات، نحتفي ونسعد بهذا العتق وهذه الظاهرة الكونية (الحج) بعيد الأضحى"،
مضيفا: "ولذا يجب أن يكون الفرح بالعيد مناسبا لغايات العيد، وطبقا لقوله
تعالى: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ
خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)".
وبين
أن المحور الثاني هو التغطية الإعلامية للحدث، موضحا أن "الإعلام منذ سنوات
العسكر بمصر وسيلة لنشر السلبيات ووأد الإيجابيات"، متسائلا: "لماذا لا
نرى التركيز بالصلوات على الصفوف الصحيحة، ولا نرى بالمجتمع التركيز على الظواهر
الصحية كذلك؟"، مؤكدا أن "كثرة نشر هذه الأفعال المخالفة لقيمنا ومبادئ
مجتمعاتنا يجعل الأمر مألوفا للناظرين".
الباحث
المصري، أشار أيضا إلى "عدم إتاحة الفرصة لتصحيح مثل هذه الأمور وغيرها من
السلبيات، وكتم الأصوات التي تتحدث عن محاولات تغيير الصورة الذهنية للمجتمع عن
العادات والتقاليد، والاتجاه الواحد بالإعلام الذي يسير نحو دعم هذه القيم السلبية
بتكرار النشر، فيعتادها المواطنون"، موضحا أن هذه "جريمة إعلامية
وأخلاقية يجب أن نبرز خطرها".
وعن
المحور الثالث، قال رشدي إنه "الشق السياسي"، مضيفا: "فمن المعلوم
أنه حتى تستطيع أن تسيطر على شعب وتقضي على مستقبله، عليك أولا أن تشغله بالسفاسف،
ثم أن تقتل شبابه، ولا يُشترط أن يكون القتل بمعناه الذي نراه من تصفية جسدية تحت
مسمى المحاكمات الجائرة أو ذريعة الحرب على الإرهاب"، موضحا: "بل إن
القتل الأخطر للشباب هو أن تقتل بداخلة الحلم، وأن تحطم بنيان همته، وتذبح طموحاته،
وتشغله بغرائزه".
وأكد،
أن "هذا ما يقوم به العسكر منذ سنين، حتى أصبحت الأسماء الناجحة الطموحة
المصرية نراها فقط خارج حدود الوطن، وهو ما يمعن عبدالفتاح السيسي وعصابته منذ
الانقلاب العسكري في تطبيقه بمصر".
وبين
رشدي أن "الشباب المصري إما واعٍ يطارد أحلامه ويطمح نحو تحقيق أمانيه ورفعة
بلاده، وهذا هو الإرهاب بعينه كما يراه السيسي، أو هو ذلك بائع الفريسكة الذي ليس
له حلم إلا أن يجني بضع جنيهات يمضي بها يومه، أو هو ذلك المتسكع الذي لا يعرف
لنفسه مستقبلا، ولا حلم لديه"، موضحا أن "الصنفين الأخيرين هما
المرغوبان اللذين يسعى السيسي وإعلامه وأدواته كلها أن يستنسخهما، ولا يكون بين
الشباب غيرهم".
من
خطة الإفساد
وحول
الصلاة بصف يجمع النساء والرجال والرقص بمحيط مسجد محمود، أكد إمام مسجد الهدى
بالولايات المتحدة، الشيخ شعبان عبدالمجيد، أن "هذا أمر غريب"، مضيفا أن
"الصلاة المختلطة بين الرجال والنساء صلاة باطلة قولا واحدا، بل وحرام اختلاط
الرجال بالنساء على هذه الهيئة".
الداعية
المصري، قال لـ"عربي21"، إن
"هذه الصلوات الباطلة تعبر عن توجه النظام الانقلابي الفاشل لتخريب المفاهيم،
وخلط الحابل بالنابل"، مبينا أن "قبول الأوقاف بهذا إنما هو من قبيل
رضوخ الوزير لإرضاء رأس السلطة"، مضيفا: "ولا أدري لم يصمت الأزهر حتى
الآن عن الظاهرة الغريبة، ولم لا يصدر فتوى بمنعها"، مشيرا إلى أن "هذا
أيضا من ضعف مشيخة الأزهر".
وحول
منح مسؤولي وزارة الأوقاف حق الضبطية القضائية وعد تطبيقها على المخالفين
والراقصات أمام المساجد وتطبيقها فقط على من يخالف تعليمات الأمن والوزارة
بالمساجد، قال عبدالمجيد، إن "وزير الأوقاف (مختار جمعة)، جزء من خطة الإفساد
بمصر".
زمن
الانبطاح
ويقول
الأستاذ بجامعة الأزهر الدكتور ياسر محمد: "لا يجوز أن يصطف الرجال والنساء
بصف واحد، وإنما الرجال أولا ثم الأطفال ثم النساء، وهكذا كانت الصلاة على عهد
الرسول والصحابة ومن بعدهم".
محمد،
أضاف لـ"عربي21": "وأما الرقص، فهو إثم
ومعصية، سواء كان بالمسجد أو خارجه، وسواء الرجال والنساء ما دام يحدث اختلاط،
وهذا قمة المعصية".
وعن
عدم استخدام الضبطية القضائية من الأوقاف لإزالة هذه المخالفات، قال إن "هذا
الأمر يحتاج إلى قانون، والأوقاف تابعة فيما تؤمر به، وليس لها من الأمر
شيء"، مضيفا: "وكان يكفي التنويه إلى هذه المخالفة وإبلاغ الشرطة، أو
تحذير الناس من مغبة المجاهرة بالمعصية"، مضيفا: "ولكن لا حراك.. نحن
بزمن الانبطاح".
من
أغضبهم الأمر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قالوا إن هذه الظواهر زادت مع غياب
الدعاة بالسجون والمنافي، وقصر إمامة الصلاة على موظفي الأوقاف، فيما يرى الكاتب
الصحفي جمال عرفة، أن "هذه أمور باتت تحتاج دراسة عما جرى بالسنوات
الأخيرة"، متسائلا عبر "فيسبوك": "هل هو غياب التعليم الديني
الصحيح؟ أم تدمير القيم والأخلاق، وانتشار قلة الأدب والسوقية والبلطجة الكلامية؟".