هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا لرئيس ومؤسس جماعة الضغط اليهودية في أمريكا "جي ستريت" جيرمي بن عامي، يدعو فيه إلى وقف السفير الأمريكي في إسرائيل عند حده، معتبرا إياه "هدية" لليمين المتطرف.
ويقول بن عامي في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن "الوقت قد حان ليتحرك الكونغرس، ويحاسب السفير ديفيد فريدمان، الذي خرق كل عرف دبلوماسي يمكن التفكير فيه".
ويضيف الكاتب: "مضى عام على تولي ديفيد فريدمان، الداعم الطويل لحركة الاستيطان، والمعارض لحل الدولتين، منصب سفير الولايات المتحدة في إسرائيل، وفي ذلك الوقت استخدم فريدمان منبرا شخصيا لممارسة البلطجة، ولإعادة تشكيل السياسة الأمريكية، ودعم أجندته الشخصية المتطرفة, وبالضبط فإنه لم يتبع ما تعهد به أمام لجنة مجلس الشيوخ للشؤون الخارجية".
ويجد بن عامي أنه "قد حان الوقت لأن يستدعي الكونغرس فريدمان، لتوجيه أسئلة قاسية له، وعليهم البدء بسؤال: هل من المناسب أن يتحول سفير الولايات المتحدة في إسرائيل لمحام أو متحدث باسم حركة الاستيطان، وليس تمثيل مصالح أمريكا؟".
ويقول الكاتب إن "فريدمان بصفته سفيرا قام بحرف الكفة لشرعنة التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، وتنفير القادة الفلسطينيين المعتدلين وتهميشهم، وتقويض منظور حل الدولتين لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، إنه في إدارة يقوم فيها منكرو التغيرات المناخية بتنظيم المناخ، فيما يقوم المعادون للأجانب بتشكيل السياسة تجاه المهاجرين، فلن يكون صادما في هذه الحالة أن يقوم المستوطنون في الضفة الغربية بقلب السياسة الأمريكية من النزاع".
ويستدرك بن عامي بأن "مهمة مجلس الشيوخ المخول بالرقابة والإشراف على الفرع التنفيذي من الحكومة لتحذير السفير، الذي خرق كل عرف دبلوماسي يمكن التفكير فيه، وهز صورة ومصداقية الولايات المتحدة بصفتها وسيطا نزيها، وصب الزيت على نار النزاع الإسرائيلي الفلسطيني المتفجر".
ويشير الكاتب إلى أن "فريدمان أكد مرة تلو الأخرى شرعية وقانونية الاستيطان، في خرق واضح للسياسة الأمريكية المعروفة، وأخبر الإعلام كاذبا بأن المستوطنات هي جزء من إسرائيل، وأن هذه لا تحتل سوى نسبة 2% من الضفة الغربية، مع أن نسبة 80%من الضفة هي تحت سيطرة إسرائيل، وفي نهاية عام 2017 طلب من وزارة الخارجية التوقف عن استخدام كلمة (احتلال) أو (المناطق التي تحتلها إسرائيل)، واستخدام بدلا من ذلك حكم إسرائيل في الضفة الغربية، قائلا إن المستوطنين باقون ولن يذهبوا لأي مكان".
ويلفت بن عامي إلى أن "فريدمان أخبر الصحافيين في بداية الشهر بأن عليهم (إغلاق أفواههم)، بدلا من الحديث عن أفعال إسرائيل في غزة، لكن فريدمان هو الذي لم يكن قادرا على كبح جماح نفسه، حيث هاجم القادة الفلسطينيين والديمقراطيين وداعمي إسرائيل والأمريكيين المؤيدين للسلام".
ويفيد الكاتب بأنه "منذ افتتاح السفارة الأمريكية في القدس يبدو أن فريدمان يركز نظره على تأثير أوسع، فهو يريد السيطرة على القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية، التي تقوم تقليديا بتنسيق العلاقات مع السلطة الوطنية، ويمكن النظر لهذا التحرك على أنه محاولة لتخفيض العلاقات الدبلوماسية الفلسطينية مع واشنطن، وخطوة أخرى من إدارة ترامب للتخلي عن حل الدولتين، وفي تقرير صحافي كشف عن أن فريدمان رفض الالتزام بمطالب المفتش العام لوزارة الخارجية، التي تطلب تحسين طرق التدقيق في معايير حقوق الإنسان في الدول الأجنبية التي تتلقى دعما عسكريا أمريكيا، ومنها إسرائيل".
ويقول بن عامي إن "أفعال فريدمان وتأثيره على سياسات إدارة ترامب تعد هدية للأقلية اليمينية اليهودية الأمريكية، والمسيحيين الإنجيليين، وصقور المحافظين الجدد، الذين يريدون التحكم في الخطاب العام عن إسرائيل، وتشكيل مستقبل الشرق الأوسط".
ويرى الكاتب أن "هذه الرؤية بسيطة وتدميرية في الوقت ذاته، وتقوم على توسيع دون حدود للمستوطنات، وسيطرة دائمة على (إسرائيل الكبرى)، ويجب على الفلسطينيين التخلي عن الدولة والحقوق المدنية، ويجب منع حل الدولتين بأي طريقة وثمن، وعلى إسرائيل أن تتجاهل غالبية الرأي العام اليهودي في أمريكا والديمقراطيين والمجتمع الدولي، وعليها عوضا عن ذلك الاعتماد على دعم الإنجيليين المسيحيين والقادة الديكتاتوريين".
وينوه بن عامي إلى أن "فريدمان وحلفاءه قاموا وعلى مر السنين بدعم صعود الجماعات المتطرفة خارج الحكومة، وقد منحوا الآن سلطة على السياسة الأمريكية، ويقومون باستخدامها لتقويض القيم والسياسات التي كانت دائما في قلب العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، ولو سمح لهم بعمل ما يريدون فإن النتيجة ستكون كارثية، وستدفع الحكومة الإسرائيلية باتجاه ضم شامل للضفة الغربية، مغلقة بهذا أي أمل أمام حل الدولتين، وسيتم تجريد المؤسسات الديمقراطية الإسرائيلية من محتواها، ويسيطر عليها قادة متشددون قوميون، وسيفقد القادة الفلسطينيون المعتدلون التأثير، ويتقوى المتطرفون، وسيبتعد ملايين اليهود الأمريكيين عن البلد الذي سيرونه ديكتاتوريا ومتعصبا".
ويعتقد الكاتب أنه "لمنع هذا المستقبل الكابوسي، فإنه يجب على المشرعين استخدام سلطاتهم الدستورية، ومحاسبة ديفيد فريدمان، والتأكد من التزامه بالوعد الذي قطعه على نفسه، وهو وضع مواقفه الشخصية جانبا والتصرف بصفته ممثلا جديا لمصالح الولايات المتحدة وسياستها، ومن الواضح أنه حنث بوعوده".
ويقول بن عامي: "يجب على الشيوخ الأمريكيين دعوة السفير إلى واشنطن؛ ليقدم تفسيرات واضحة في شهادة عامة، وبهذه الطريقة سيرسلون رسالة واضحة بأن حكومتنا لن تتسامح مع السفراء الذين يستخدمون مواقعهم لعرقلة الدبلوماسية، وإشعال التوتر، ودعم أهدافهم الخاصة".
ويختم الكاتب مقاله بالقول: "في وقت تتحطم فيه أعراف الحكم الأساسية، فإن مجلس الشيوخ لا يمكنه تجاهل الضرر بعيد المدى الذي يقوم به ديفيد فريدمان وشركاه على مصالح أمريكا القومية وعلى إسرائيل ومنظور السلام في الشرق الأوسط".