هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "إندبندنت" مقالا للكاتب ديفيد أوزبورن، تحت عنوان "ترامب وعد وأوفى لكنه فبرك وضلل طول الطريق"، يقول فيه إن قرار الرئيس دونالد ترامب الخروج من الاتفاقية النووية مع إيران كان متوقعا.
ويقول أوزبورن إن قرار الرئيس دونالد ترامب الخروج من الاتفاقية النووية مع إيران نابع من رغبته في الوفاء بوعوده الانتخابية، "فهو مهووس بفكرة الوفاء بوعوده الانتخابية".
ويشير الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى "الفوضى التي تتسم بها سياسة ترامب الخارجية، حيث خرج من اتفاقية التجارة الحرة مع دول الباسيفيك، وفكر مرة أخرى بالعودة إليها، وخرج من اتفاقية باريس وفكر بالعودة، وبدأ حربا تجارة عالمية عندما فرض تعرفة على الفولاذـ ولا نعلم هل سيتراجع أم لا".
ويلفت أوزبورن إلى قول ترامب إن قراراته نابعة من استراتيجية واعية، وليست فوضى، وقال: "يجب علينا كأمة أن نكون عصيين على التكهن"، فهو يرى ضرورة بترك الجميع يخمنون، حيث كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قادرا على فهم باراك أوباما، لكن ليس ترامب.
ويعلق الكاتب قائلا إن "هذا الأمر واضح من قراره الأخير الخروج من الاتفاقية النووية، التي وقعتها مجموعة الدول الخمس دائمة العضوية بالإضافة إلى ألمانيا، حيث رأى حدود الدبلوماسية المقبولة وقرر القفز عليها".
ويجد أوزبورن أن "هناك طريقة أخرى لفهم قراراته، وهي ربطها بحملته الانتخابية، فهو مهووس بفكرة الوفاء بوعوده الانتخابية، التي لم يستطع تحقيق بعضها، مثل بناء الجدار مع المكسيك، لكن في الأمور التي بدت سهلة فإنه قرر التحرك، كما هو الحال مع الاتفاقية النووية، وعند النظر إلى القرار فإننا نجد أنه كان متوقعا، خاصة أنه وصف الاتفاقية بأنها أسوأ صفقة في التاريخ، و(المجنونة)، و(كان يجب ألا توقع أبدا)".
ويقول الكاتب: "كما يتحدثون عن الزوج الذي يخون زوجته، فإن ترامب قد فعل ذلك لأنه يستطيع، وفعله بالتأكيد لأن باراك أوباما وقع على الصفقة، فتفكيك إرث الرئيس السابق هو ما يحدد بوصلته السياسية".
ويضيف أوزبورن: "ربما فعل هذا لأنه شعر بالجرأة من التقدم على الملف الكوري الشمالي، والحديث عن جائزة نوبل للسلام، التي تمنح لترامب المتهور، وبلا شك فربما دفعه وزير الخارجية الجديد مايك بومبيو ومستشاره للأمن القومي الجديد جون بولتون للتحرك، وكان الأخير يقف عند الباب عندما أعلن ترامب عن قراره، وقال: (لم تعد أمريكا تطلق وعودا فارغة.. عندما أعد أحافظ على الوعود)، وكشف عن رحلة ثانية لبومبيو إلى كوريا الشمالية؛ للاتفاق على النقاط التي سيبحثها مع نظيره كيم جونغ- أون".
ويؤكد الكاتب أن "وعده الاكبر كان هو (أمريكا أولا)، لكن كيف سيجعلها قراره آمنة، فبعد دقائق من إعلانه كانت البنتاغون في حالة تأهب، عقب تقارير عن هجوم قريب لإيران على إسرائيل، التي أدت دورا مهما لدفع ترامب إلى هذا القرار، لكنه نفر حلفاءه الأوروبيين، خاصة فرنسا وبريطانيا وألمانيا، التي حاولت جهدها لمنعه من الذهاب إلى الهاوية".
ويبين أوزبورن أنه "مع أنه يركز على كوريا الشمالية، لكنها لا تشبه إيران، حيث خلق ترامب أزمة نووية غير ضرورية معها، وها هو يخلق أزمتين، وهناك ثالثة في المنطقة، دبلوماسية وعسكرية، وتتعلق بتحقيق الاستقرار في اليمن وسوريا، حيث تلاشت الآمال هنا، ولا يوجد ما يمنع من أن القرار الأخير سيجعل من التوصل لتسوية مع كوريا الشمالية أمرا عسيرا".
ويرى الكاتب أن "ترامب روّج قراره بناء على افتراضات خاطئة، فلم يفشل في تحديد المخاطر، لكنه كذب في كل كلمة قالها، فقال إن إيران تقوم ببناء قنبلة نووية الآن، وهذا غير صحيح، ولم يقل به أحد إلا هو، وتحدث عن 1.7 مليار دولار قدمتها إدارة أوباما بعد سريان المفعول وكأنها رشوة للإيرانيين وسرا، ولم تكن كذلك، وقال هذا ليثير مشاعر قاعدته الانتخابية، ولم يقل إن هذه الأموال دين على أمريكا تعود إلى إيران؛ بسبب عدم تسليمها الأسلحة التي كان يجب على أمريكا تسليمها لها".
ويورد أوزبورن أن "ترامب أشار إلى كلام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بأن إيران تقوم ببناء قدرات نووية سرية، وبناء على وثائق سرقها الموساد، وكلام نتنياهو كله خداع، ولا جديد فيه، وزعم ترامب أنه كان بالإمكان التوصل إلى اتفاقية أفضل عام 2015، وهذا غير صحيح".
وينوه الكاتب إلى أن "دراسة مسحية أجراها معهد (بيو) أشارت إلى أن الأمريكيين الذين يتحدث إليهم ترامب ليسوا مغفلين، كما يعتقد، صحيح أن نسبة 40% لا توافق على الاتفاقية مقابل 32%، لكن هذا لا يعني أن وجودها ليس منطقيا، خاصة أن نسبة 50% ليست واثقة من الطريقة التي يعالج فيها ترامب الملف الإيراني".
ويختم أوزبورن مقاله بالقول: "قد يعود ترامب إلى مكتبه البيضاوي ويهنئ نفسه بأنه حقق وعدا جديدا من وعود أمريكا أولا، وخطوة أخرى نحو أمريكا آمنة، لكنه حمل معه الجرة ذاتها التي كان يبيعها للأمريكيين منذ قراره الترشح في الانتخابات، وعلى خلاف قرار الخروج من اتفاقية باريس والتعرفة الجمركية على الفولاذ، فإن هذا القرار لا رجعة فيه".