هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "إندبندنت" تقريرا لكل من بيثان ماكرينان ولوسي تاوزر، تكشفان فيه عن خطط احتلال إماراتي لجزيرة سقطرى اليمنية.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن جزيرة سقطرى تحتوي على أغرب وأجمل الأشجار في العالم، والمعروفة باسم "دم الأخوين" أو "دم التنين".
وتلفت الكاتبتان إلى أن قصة هابيل وقابيل تمثل اليوم الصراع على السلطة بين الحكومة اليمنية الضعيفة والحليف ذي الطموحات الجيوسياسية: الإمارات العربية المتحدة، فالجزيرة هي آخر ما سيطرت عليه الإمبراطورية المتصاعدة للإمارات العربية المتحدة، التي تضم قاعدة عسكرية في أرتيريا وجيبوتي وجمهورية أرض الصومال والجزيرة اليمنية بريم.
وتذكر الصحيفة أن الإمارات قامت بضم هذه الجزيرة تحت السيادة الإماراتية، وأنشأت قاعدة عسكرية، وشبكة من الاتصالات، وقامت بعملية إحصاء للسكان، ودعت سكان الجزيرة إلى أبو ظبي بالطائرات؛ من أجل الحصول على العناية الصحية وأذونات العمل.
ويورد التقرير نقلا عن نقاد، قولهم إن الإمارات تحاول تحويل الجزيرة إلى قاعدة عسكرية دائمة، ومنتجع سياحي، وربما "سرقة" تراثها، حيث اعتبرت اليونسكو الأشجار السقطرية جزءا من التراث العالمي.
وتفيد الصحافيتان بأن دخول الإمارات الهادئ تم من خلال التظاهر بمساعدة اليمن، مشيرتين إلى أن 60 ألف مواطن يعيشون في جزيرة سقطرى بسلام ووئام مع الطبيعة، ومنذ آلاف السنين، ومعزولين تقريبا عن العالم.
وتبين الصحيفة أنه بعد اندلاع الحرب الأهلية، ووصول قوة محتلة، ووجود مخاطر التغير المناخي، فإن الجزيرة تواجه عاصفة شديدة تتكثف على شواطئها، لافتة إلى أنه بعد ثلاثة أعوام من الحرب، فإن الدولة اليمنية المتمزقة أصبحت متاحة للجميع، واكتشفت الإمارات، التي ظلت ولوقت طويل في ظل القوة الإقليمية السعودية، أن اليمن يمكن أن يكون الأرض المثالية لفحص طموحاتها في مرحلة ما بعد الربيع العربي وحاكمها الفعلي، ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد.
ويفيد التقرير بأن الطموحات الإماراتية عسكرية وتجارية، حيث كانت الجزيرة تقع في العالم القديم على طريق الحرير بين أفريقيا وآسيا، واًصبحت اليوم في طريق النفط، مشيرا إلى سيطرة الإمارات على موانئ البحر الأحمر والخليج، من خلال منع التنافس، وصد الحوثيين، الذين تدعمهم إيران من السيطرة عليها.
وتنوه الكاتبتان إلى أن السلطات اليمنية تخلت عن سقطرى بشكل كامل بعد إعصارين كبيرين ضربا الأرخبيل في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، ولهذا قبل السكان المحليون عرض الإمارات إعادة بناء المدارس والمستشفيات والطرق، لافتتين إلى أن الإماراتيين لم يغادروا بعد عامين ونصف، ولا نية لهم بالمغادرة قريبا، بل أصبح وجودهم جزءا من الحياة اليومية، كما يقول سكان الجزيرة.
وشاهدت مراسلتا الصحيفة العلم الإماراتي مرفرفا في عدد من القرى، وعلى البنايات الرسمية، ومرسوما على جوانب الجبال، مع رسائل شكر للشيخ ابن زايد على كرمه.
وتقول الصحيفة إن هناك شائعات تتردد في الجزيرة بأن الإماراتيين يخططون لعقد استفتاء على انفصال سقطرى عن اليمن، لتصبح جزءا من الإمارات، أي استفتاء على غرار ما نظمه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في شبه جزيرة القرم، وهو ما ترفضه الحكومة اليمنية.
وينقل التقرير عن عدد من سكان الجزيرة، قولهم إن المسؤولين الإماراتيين قاموا بالذهاب إلى بيوت السكان بيتا بيتا، وأجروا إحصاء لعدد السكان، وهو أمر لم تشهده سقطرى منذ عام 2004، مشيرا إلى أنه تم ترغيب السكان بالمال مستقبلا لو تطوعوا بذكر أسمائهم، وتعاونوا مع المسؤولين في تقديم التفاصيل.
وتجد الكاتبتان أن غياب الشفافية أدى إلى انتشار المخاوف بين سكان الجزيرة حول خطط الإمارات في بلدهم، مشيرتين إلى أن هناك اعتقادا وتقارير صحافية بأن الرئيس عبد ربه منصور هادي قام قبل فراره من صنعاء، وسيطرة الحوثيين على شمال البلاد، بتأجير سقطرى وثلاث جزر أخرى للإماراتيين لمدة 99 عاما.
وتعلق الصحيفة قائلة إنه مثل الأخبار القادمة من اليمن كلها، فإن المعلومات المغلوطة والشائعات منتشرة، لكن كلا من الحكومة اليمنية في المنفى في الرياض ومسؤولي أبو ظبي رفضوا تأكيد هذه الأخبار.
ويذكر التقرير أن محاولات الإماراتيين منع القات لم تنجح، حيث حاولوا حرق حمولة قاربين، ما أدى إلى تظاهرات ودعوات إلى رحيلهم في العام الماضي، ومنذ تشرين الأول/ أكتوبر أصبحت التظاهرات منتظمة، مشيرا إلى أن أبو ظبي أرسلت موظفين إماراتيين من أصول سقطرية يعرفون اللغة المحلية لتخفيف غضب السكان.
وتشير الكاتبتان إلى أن شركة الاتصالات الإماراتية أقامت فرعا لها، منوهتين إلى أن رفوف المحال مليئة بالبضائع المنتجة في الإمارات، التي لا يمكن للسكان المحليين شراؤها؛ نظرا لغلاء أسعارها.
وتستدرك الصحيفة بأن رغم كون 70% من أراضي الجزيرة محمية طبيعية، إلا أن هذا لم يمنع الإمارات من تجريف مناطق؛ تحضيرا لمشاريع بناء فندق وسياحة، لافتة إلى أنه مع أن الإمارات لم تكشف عن خطط تطوير أو خطط سياحة واسعة، لكنها اعترفت في أيار/ مايو الماضي بأنها ترسل المجندين إلى سقطرى؛ من أجل تلقي مهارات قتالية متقدمة واستخدام السلاح ودورات إسعاف أولي، حيث يتم نقل هذه القوات فيما بعد لجبهات القتال في الأراضي اليمنية الأخرى.
ويفيد التقرير بأنه بالإضافة إلى رحلتين أسبوعتين تقوم بهما الخطوط اليمنية إلى المدن اليمنية الأخرى، فإن الخطوط الجوية الخاصة، التي تملكها أبوظبي "روتانا"، بدأت بتسيير رحلات أسبوعية ما بين حديبو وأبو ظبي، دون إذن من السلطات المركزية اليمنية، مشيرا إلى أنه في الوقت الذي فتح فيه إنشاء مدرج للطائرات عام 1999 المجال أمام رجال الأعمال من الأراضي اليمنية، وعلماء البيئة، والمحافظين على النباتات والسياح، إلا أنه لم يتم استصدار تأشيرات لأحد منذ عام 2015.
وتذكر الصحافيتان أن شركات السياحة المحلية اضطرت لإغلاق أبوابها، والبحث عن عمل آخر، مشيرة إلى أن شركة "روتانا" لا تحمل إلا الإماراتيين "الحالمين بحشو جيوبهم بالمال في المستقبل، لا سكان سقطرى".
وتنقل الصحيفة عن رجل أعمال إماراتي، قوله إنه يقوم ببناء فندق من خمس نجوم على رمال سقطرى البيضاء، وليس بعيدا عن الشعب المرجانية، ويبدو أنه ندم على تفاخره، وأعطى سائق القارب اليمني 100 دولار مع رسالة، قال فيها: "لا تقل أي شيء للأجانب عن وجود الإمارات في الجزيرة"، وعندما اتصلت فيه الصحيفة عبر تطبيق "واتساب" لتوضيح ما يريد عمله، فإنه لم يستجب.
ويورد التقرير نقلا عن بعض السكان، قولهم إن ظروف الحياة تحسنت منذ وصول الإماراتيين، حيث وفروا وظائف لـ5 آلاف جندي جديد مع رواتب، لافتا إلى أنه نظرا لمحدودية الخدمات الصحية في الجزيرة وقلة الأطباء المتخصصين، فإن عددا من سكانها يتلقون العلاج في أبو ظبي.
وتقول الكاتبتان إنه لم يكن لدى مدينة حديبو كهرباء في المساء، حتى أنشأ الإماراتيون محطة توليد طاقة كهربائية، مع أن كلفة الكهرباء عالية للكثير من السكان، مشيرتين إلى أن الإمارات تقدم المساعدة في تزويج الشباب من خلال حفلات زفاف جماعي.
وتفيد الصحيفة بأن عددا من السكان عبروا عن غضبهم من الحكام المتعاقبين على جزيرتهم، والمقربين من الإمارات، وخرجوا لشوارع مدينة حديبو، أو من خلال وسائل التواصل للتعبير عن غضبهم، إلا أن معظمهم يخشى التعبير بصراحة في ظل مناخ حرب من غير المعلوم من المنتصر فيها.
ويورد التقرير أن أحدهم كتب على صفحته على "فيسبوك" قائلا: "الناس يخافون الحديث.. ليس واضحا ماذا سيحدث"، منوها إلى أن هناك تقارير تشير إلى أن هناك حوالي 18 سجنا سريا في البر اليمني، تديرها الإمارات، حيث تم جر المئات في ملاحقات تنظيم القاعدة والمناوئين السياسيين، ممن عذبوا، وتم نقل بعض المعتقلين إلى سجون في القاعدة العسكرية في أرتيريا.
وتلفت الكاتبتان إلى ضعف الحكومة اليمنية، مشيرتين إلى أن الإمارات وبعيدا عن حليفتها السعودية وحكومة هادي، دعمت تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي جدد مطالبه بالانفصال عن الشمال.
وترى الصحيفة أن احتلال سقطرى إلى جانب تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي هو خطوة باتجاه تشكيل "الإمارة الثامنة التابعة"، ويرمز إلى تحول اليمن إلى دولة فاشلة.
ويذهب التقرير إلى أن "هناك إشارات إلى أن اليمن سيخسر سقطرى بشكل كامل، وهو ما أغضب السياسيين، الذين باتوا يتحدثون بشكل صريح، ففي بداية هذا العام أرسل وزير السياحة رسالة إلى الأمم المتحدة، يطلب فيها من مجلس الأمن استصدار قرار يمنع (القوى المحتلة) من تدمير الجمال الطبيعي للجزيرة، وجاء في الطلب التحذير من خطوة (غير مسبوقة، دعت فيها الإمارات أهل الجزيرة للاستفتاء على تقرير المصير والانضمام إليهم، وهذه خطوة خطيرة)".
وتعلق الكاتبتان قائلتين إنه في الوقت الذي بدأت فيه السلطات بالتعبير عن قلقها، إلا أن الزخم الإماراتي متصاعد، ولا يمكن وقفه، وقد أشارت تقارير محلية إلى رفض الإماراتيين، الذين يسيطرون على مطار عدن، السماح بعودة هادي في الأسابيع الماضية.
وتكشف الصحيفة عن أن هناك مخاوف من خسارة الجزيرة عجائبها، حيث تنتشر شائعات عن نقل الثروات النادرة إلى الإمارات بطريقة غير قانونية، ويعتقد السقطريون أن الطائرات الإماراتية، التي تغادر أسبوعيا دون إذن من الطيران اليمني، تنقل معها ثروات وكنوز الجزيرة.
ويبين التقرير أن توسيع ميناء الجزيرة بقيمة 1.6 مليون دولار قوّى من صلات النقل بين الإمارات والأرض الجديدة التي غزتها، مشيرا إلى أنه لا يسمح للعمال المحليين بالاقتراب من الميناء عندما يتم تحميل أو إنزال البضائع من السفن الإماراتية.
وتنوه الكاتبتان إلى أن الدمار بدا على الأرض في فيديو للجنة الإنقاذ الدولية، حيث يقول الناشطون إن نباتات وشعبا مرجانية وصخورا تم تحميلها لنقلها إلى الإمارات.
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى قول عامل في ميناء صلالة في جنوب عمان، إنه شاهد شجرة دم التنين، وهي من النباتات النادرة، تنزل من حاوية بعد وصولها من سقطرى.