يخوض المزارع
الجزائري حسن ميري في الأرض الطينية وهو يتفقد حقله المزروع بالقمح لمساعدة بلده المنتج للنفط في جهوده الرامية لزيادة الإنتاج الزراعي وتقليص واردات الغذاء.
يقول ميري الذي يملك أراض مزروعة بالحبوب والخضراوات في بورقيقة التي تبعد نحو 80 كيلومترا جنوبي العاصمة الجزائر: "تسير الأمور بخطى بطيئة، ولكن على نحو أفضل من السنوات الماضية".
وبعد أسابيع من هطول أمطار غزيرة في الجزائر أعقبت فترة طويلة من الجفاف، قال ميري: "أنا متفائل".
ولطالما أهملت الجزائر، عضو منظمة أوبك، مزارعيها وركزت على قطاع
النفط والغاز الذي يدر نحو 60 في المئة من إيرادات الحكومة.
لكن انهيار أسعار النفط من فوق 100 دولار للبرميل في 2014 إلى ما دون 30 دولارا في 2016 جعل الجزائر تواجه صعوبات في تمويل فاتورة وارداتها السنوية البالغة 50 مليار دولار ودفع الحكومة للبحث عن وسائل لتخفيف الضغوط على المالية العامة.
حملات مكثفة
وحيث أن الغذاء يشكل 20 في المئة من فاتورة الواردات، أطلقت الحكومة حملة لزيادة الإنتاج المحلي، حيث تسعى لتشجيع المزارعين بحوافز مثل قروض بفائدة منخفضة وتطعيمات مجانية للماشية.
ويقول مسؤولون إن الحكومة تتوسع أيضا في استخدام الري لتغطية مليوني هكتار في 2019، ارتفاعا من 1.3 مليون هكتار حاليا، وهو ما يساعد المزارعين الذين يعتمدون على الأمطار التي قد تشح.
وتشيد الحكومة 15 سدا جديدا تضاف إلى 80 سدا قائما لري أراض مزروعة بالحبوب تغطي مساحة 600 ألف هكتار، ارتفاعا من 60 ألف هكتار فقط حاليا.
وقال محمد جاهد رئيس لجنة الفلاحة والصيد البحري وحماية البيئة بالبرلمان: "الآن الجزائر تدعم الميدان الفلاحي تدعيما كبيرا، أموال باهظة تقدم للتدعيم من أجل توفير الإنتاج ومن أجل تأمين الغذاء لجميع المواطنين الجزائريين".
وتريد الحكومة زيادة إنتاج القمح، أحد المكونات الرئيسية في فاتورة واردات الغذاء، إلى 5.3 ملايين طن بحلول 2022 من 3.5 ملايين طن في 2017.
وقالت إدارة الخدمات الزراعية الدولية بوزارة الزراعة الأمريكية إن من المتوقع أن تستهلك الجزائر، أحد أكبر مستوردي القمح في العالم، 10.55 ملايين طن من القمح في موسم 2018-2019.
وتريد الجزائر أيضا مضاعفة الإنتاج من منتجات أخرى مثل البطاطا والحليب واللحوم على مدى أربع سنوات.
وبالإضافة إلى زيادة الإنتاج، وضعت الحكومة قائمة تضم 851 سلعة محظور استيرادها الآن، من بينها بعض المنتجات الغذائية.
أزمة البيروقراطية
لكن مبادرات الحكومة تستغرق وقتا كي تؤتي ثمارها. فالأرقام الرسمية تظهر أن إجمالي قيمة واردات الغذاء تراجع 0.2 في المئة فقط في الربع الأول من 2018 مقارنة به قبل عام، بينما ارتفعت قيمة واردات الحبوب والحليب.
وقال أستاذ
اقتصاد بجامعة الجزائر طالبا عدم ذكر اسمه: "الجزائر تملك جميع الأدوات التي تحتاجها لزيادة الإنتاج... لكن، وكالمعتاد، سيستغرق التنفيذ وقتا بسبب البيروقراطية".
ورغم ذلك، يستجيب المزارعون لمساعي الحكومة.
وقال محمد أمين عبيد الذي يربي ماشية تدر الحليب: "لقد استفدنا من قطعة الأرض هذه في 2013، فقد أعطتنا الدولة هذه الأرض ثم قمنا بالاستثمار، وساعدتنا أيضا في الحصول على التراخيص فتمكنا من إنشاء هذه الاسطبلات والأحواض. ابتدأنا بأربعين بقرة ولقد أصبح لدينا اليوم 70 بقرة بعد أربع سنوات من العمل".
وتابع: "هدفنا تطوير إنتاج البقر في الجزائر، فنحن نريد أبقارا مولودة وناشئة في الجزائر لتتعود على المناخ الجزائري وللاستغناء عن الاستيراد في كل مرة".
ولا تزال المالية العامة تواجه ضغوطا رغم تعافي أسعار النفط، ومن ثم أُلغيت بعض مباردات الحكومة. لكن رئيس الوزراء أحمد أويحيي قال إن الإنفاق الزراعي، الذي يقدر بملياري دولار هذا العام، لن ينخفض في 2019.
ورغم ذلك، يقول محللون إن تقديم مساعدات ليس كافيا لتحقيق هدف الحكومة المتمثل في زيادة مساهمة الزراعة في الناتج الاقتصادي من 12 في المئة حاليا، طالما أن الشباب غير مهتمين بالأرض ويبحثون عن وظائف في مجالات أخرى.
وقال أحمد موسوي، وهو مزارع يبلغ من العمر 50 عاما: "علينا أن نفوز في معركة الأمن الغذائي".