هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أبرزت وسائل إعلام أجنبية ومحلية عزوف الشباب عن المشاركة في انتخابات الرئاسة المصرية التي انتهت يوم الأربعاء الماضي، فيما حذر سياسيون وصحفيون مؤيدون للنظام من عواقب هذه الظاهرة على مستقبل البلاد.
وتصدر كبار السن عملية التصويت مع حضور هزيل للشباب الذين يمثلون نحو 70% من سكان البلاد ويمثلون نصف أعداد الناخبين الحاليين.
مهمة شبه مستحيلة
وقالت صحيفة "الغارديان" البريطانية إن العثور على شاب في لجان الاقتراع كان مهمة شبه مستحيلة، مضيفة، في تقرير لها الأربعاء الماضي، أن أغلب المصوتين كانوا من كبار السن في ظل تواجد أمني مكثف من جنود من الجيش والشرطة.
وأكدت الصحيفة أن ملايين الشباب تجاهل الانتخابات برمتها لأن نتائجها محسومة سلفا، على الرغم من أن كثيرا منهم شارك في الانتخابات التي تلت ثورة كانون الثاني/يناير 2011.
وأضافت أن قادة المعارضة دعوا لمقاطعة الانتخابات، لكن الشباب كانوا يتصرفون انطلاقا من خيبة أملهم الشخصية وليس استجابة لحملة منظمة.
ونقلت "ديلي تليغراف" البريطانية عن "تيموثي كالداس" الزميل في معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط قوله إن "أغلب الشباب غير مقتنعين بهذه الانتخابات، ولم يتأثروا بدعاية النظام كما تأثر آباؤهم وأجدادهم بسبب قدرة الشباب على الوصول للمعلومات وتنقيتها بشكل أكثر فاعلية بعكس كبار السن".
بدورها قالت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية إن معظم الشباب يرون الانتخابات مجرد مسرحية حيث لا توجد حريات في البلاد، مؤكدة أن كبار السن يمارسون ضغوطا على الشباب للتصويت لصالح السيسي وإلا تم اتهامهم بالتطرف.
فيما قالت صحيفة "دي تسايت" الألمانية إن فوز السيسي بولاية رئاسية ثانية يأتي في وقت يقبع فيه الآلاف من الشباب الذين قاموا بثورة يناير في غياهب المعتقلات، مشيرة إلى أن عدد السجناء السياسيين في مصر تجاوز 60 ألف معظمهم من الشباب.
اقرأ أيضا: صحيفة إسبانية: شعبية السيسي دخلت مرحلة الاحتضار
الإفراط في التطبيل
واعترف نواب مؤيدون للنظام بعزوف الشباب عن المشاركة في الانتخابات الرئاسية حيث قال النائب "حمدي بخيت" إن نسبة مشاركة الشباب في الانتخابات كانت ضعيفة للغاية، مضيفا أن المقاهي كانت ممتلئة بالشباب لمشاهدة مباراة المنتخب بينما بخلوا على وطنهم بساعة واحدة.
وقال النائب "مدحت الشريف" إن عزوف بعض الشباب عن المشاركة بقوة في الانتخابات يرجع إلى اهتزاز ثقة الشباب في الحكومة، مضيفا في تصريحات صحفية، أن معرفة الشباب بأن النتيجة محسومة بجانب إفراط وسائل الإعلام في التطبيل جعلهم يقررون مقاطعة الانتخابات.
ولفت "الشريف" إلى أن مصر بها حوالي 50 مليون شاب لكن أغلبهم لديه قلق من المستقبل ويرى أن الفساد ما زال منتشرا.
شباب متمرد
في المقابل، هاجمت النائبة "آمنة نصير" الشباب الممتنعين عن المشاركة في الانتخابات قائلة إنه شاب متمرد بلا معنى، مؤكدة أن الشباب يعد الثروة الحقيقية للدولة لكن يجب أن تكون هذه الثروة خالية من الأمراض النفسية.
وفي أطرف تفسير لعزوف الشباب عن المشاركة في الانتخابات تعليق النائب البدري أحمد ضيف، حيث أكد أن اقتراب موعد الامتحانات كان السبب وراء المشاركة الضعيفة للشباب في التصويت، مؤكدا أنه مشاركتهم لم تتجاوز 20%.
بينما أكد نائب رئيس حزب الوفد "حسام الخولي" أن ضعف إقبال الشباب على الانتخابات الرئاسية سببه إصابة الشباب بـ "قمصة سياسية"، مضيفا خلال حواره مع قناة "النهار" أن الشباب ليس لديه مساحة رمادية، ولا شك كان هناك تقصير بحقهم، ويجب إعادتهم مرة أخرى في المنظومة السياسية.
اقرأ أيضا: الأصوات الباطلة تنافس السيسي للمرة الثانية.. ما دلالة ذلك؟
قنابل بشرية موقوتة
وقال رئيس تحرير صحيفة الشروق "عماد الدين حسين" في مقال له الخميس بعنوان "اقتربوا من الشباب بدلًا من انتقادهم فقط" إن عزوف غالبية الشباب عن الاستحقاقات الانتخابية مستمر منذ "30 يونيو"، مؤكدا أن آخر شيء يمكن تصوره لحل هذه المشكلة هو سب الشباب وشتمهم.
وطالب "حسين" النظام بالبحث عن علاج حقيقي للمشكلة حتى لا يكرر الكلام نفسه في كل انتخابات، مؤكدا ضرورة توافر مناخ عام يقنع غالبية الشباب بأن ذهابهم إلى التصويت له قيمة وآثار إيجابية على مستقبلهم.
واختتم بالقول: "كانت هناك رسائل إيجابية عديدة من الدولة تجاه الشباب في العامين الأخيرين، خصوصا إطلاق سراح بعض المسجونين من الشباب، نرجو أن تتسع هذه المبادرات حتى لا توفر للمتطرفين والإرهابيين الخزان البشري لتجنيد القنابل البشرية الموقوتة".
من جانبه قال المحلل السياسي "عمار علي حسن"، إن السلطة الحالية غير قادرة على علاج الفجوة مع الشباب منذ الانتخابات الرئاسية في عام 2014، مؤكدا أن الإجراءات الشكلية التي قامت بها لم تقنع الشباب.
وتابع "حسن"، في تصريحات صحفية: "عزوف الشباب سببه شعورهم بأن العملية الانتخابية أقرب إلى الاستفتاء، بالإضافة إلى محاولتهم لفت انتباه السلطة في مصر عما يجري وإرسال رسالة مفادها بأنهم لديهم رغبة في تعديل سياسات الحكومة في الفترة المقبلة".