هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تمر الآن ثماني سنوات كاملة على تولي أحمد الطيب مهام شيخ الأزهر
الشريف، وهي السنوات التي كان الأزهر فيها رقما أساسيا في الأحداث التي شهدتها
مصر، فالطيب الذي تولي المشيخة قبل ثورة يناير 2011 بأقل من عام، لم يؤيد الثورة
في بداياتها، إلا أنه سرعان ما لعب دورا في محاولة للقيام بدور الوسيط بين الثوار،
وأطلق مبادرته الشهيرة بوثيقة الأزهر الخاصة بالمبادئ العامة عند كتابة الدستور.
الطيب لم يكن على علاقة جيدة مع الإخوان، فبعد بعد فوز محمد مرسي
برئاسة الجمهورية، رفض حضور إحدى احتفالات القوات المسلحة التي تمت تحت رعاية
مرسي، وبرر رفضه بأنه جاء ردا على ما اعتبره إهانة "بروتوكلية" افتعلها
مساعدو مرسي في ترتيب جلوسه بين كبار المدعويين خلال احتفال تنصيب الرئيس بجامعة
القاهرة.
ويصف
أستاذ العلوم الإسلامية بجامعة الأزهر الدكتور عبد الحميد محسن لـ "عربي21" فترة رئاسة الطيب للمشيخة بأنها الأخطر في عمر أهم
مؤسسة دينية على مستوى العالم، معتبرا أن الطيب يعتبر الإخوان مناوئين له،
وارتباطا بعلاقته الوطيدة بنظام مبارك فإنه كان أحد العناصر المؤثرة في مواجهة
المد الإخواني، سواء الحركي أو الفكري، داخل الأزهر. وفي عهده رئيسا لجامعته، كان
أول من وصف طلاب الإخوان بالمارقين على خلفية العرض الرياضي الشهير لهم بالجامعة
عام 2006.
ويضيف
محسن أن الطيب لم يكن مؤيدا لثورة 25 يناير، ولكنه لين مواقفه بعد تنحي مبارك على
مضض، وكان يستغل كل فرصة لتأكيد التماشي مع مواقف المؤسسة العسكرية، وهدد أكثر من
مرة بالانسحاب من الجمعية التأسيسية 2012، حتى كان انقلاب تموز/ يوليو 2013، وأعلن
تأييده المطلق لها نكاية في الإخوان وفي ثورة يناير، وربما كان موقفه أحد أهم
أسباب نجاح الانقلاب داخليا وخارجيا.
ويري
الأستاذ بجامعة الأزهر أن الطيب كان ينفذ ما توصلت إليه أمانة السياسات في الحزب
الوطني بإلغاء التعليم الديني، وهو مشروع عالمي تقف وراءه المخابرات الأمريكية،
التي تعتبر الأزهر أحد منافذ إخراج المتشددين الإسلاميين، على حد وصفهم.
ولم
يؤكد د. محسن أن الطيب كان يعمل على علمنة الأزهر، إلا أنه أيضا لم ينف أن تكون
تحركات الطيب الأخيرة بتغيير المناهج الدراسية الأزهرية ومحاربة كثير من أساتذة
الجامعة تصب في هذا الاتجاه، مشيرا إلى أن الأزهر في عهد الطيب تراجع كثيرا في
تأثيره الداخلي والخارجي.
ويضيف
الباحث المتخصص في شؤون التنظيمات السياسية، محمد أبو السعود، لـ عربي21" أن
الدعم الذي قدمه الطيب لانقلاب عبد الفتاح السيسي، وضعه في خانة رد الفعل الدائم،
ومنح التيارات العلمانية واليسارية التي دعمت السيسي فرصتهم للنيل من الأزهر،
وامتهانه، والدعوة لاقتصاره على الجانب التاريخي فقط، كما وصلت دعوتهم المطالبة
بإلغاء التعليم الأزهري قبل الجامعي، وضم الجامعة لوزارة التعليم العالي،
واعتبارها جامعة عادية يدخلها أي طالب.
وأوضح
أبو السعود أن السيسي عرف كيف يضغط على الطيب وتحميل الأزهر مسؤولية الجماعات
المسلحة التي تتخذ من الإسلام عنوانا لها، واتخذ من كل مناسبة فرصة للضغط على الأزهر
في موضوع الخطاب الديني، ما دعا المقربين من الرئاسة إلى وصف الأزهر بأنه مفرخة للتكفيريين
والإرهابيين، رغم أن هذه التنظيمات تعتبر الأزهر وممثليه مؤسسات كافرة.
أزمته مع السيسي
وعن
الأزمة بين الطيب والسيسي، يشير أبو السعود إلى أن الأزهر ما زال يملك علماء
وأساتذة ومشايخ أقوياء، ولذلك عندما واصل السيسي ضغوطه على الأزهر وشيخه، كان
لهؤلاء العلماء دور في التصدي لهذه الضغوط من خلال إصدار فتاوي بعدم تكفير أي مسلم
طالما نطق بالشهادتين ردا على طلب السيسي بإصدار فتوى بتكفير المنتمين للجماعات
المسلحة، كما كانت فتوى جواز الطلاق الشفهي التي جاءت على غير رغبة السيسي، وأخيرا
ما نقل عن الشيخ نفسه بحرمة الدم الذي أراقته قوات السيسي في رابعة وما قبلها وما
بعدها.
ويوضح
أن علي جمعة يطمع في منصب شيخ الأزهر، ويبدوا أن الانقلاب رأى فيه الشخص المناسب
لمشروع القضاء على الأزهر وإضعافه، وهو ما فطن إليه الطيب، وبالتالي استخدم ما
لديه من إمكانيات للوقف تحركات السيسي التي استخدم فيها علي جمعة، وكذلك مختار
جمعة وزير الأوقاف، وهو ما كان له تأثير إيجابي في الحفاظ على الأزهر بعد أن تراجع
الطيب خطوات للوراء في مشروعه الأساسي لعلمنة الأزهر الشريف، وهو المشروع الذي
بدأه في عهد مبارك.
ويؤكد
أبو السعود أن شواهد تحركات الطيب لعلمنة الأزهر أو تهميشه كانت واضحة في الكثير
من الإجراءات، مثل تغيير المناهج الدراسية، وإلغاء دروس السيرة الخاصة بالغزوات ضد
اليهود، أو التي تتحدث عن المسيحيين، والسماح لخريجي التعليم الثانوي العام
بالالتحاق ببعض كليات جامعة الأزهر.