هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حمل بيان الحكومة المصرية، المنبثق عن المجموعة الوزارية الاقتصادية، الذي تناولت فيه برنامج الطروحات الذي تسعى من خلاله لطرح نسب من حصص رأس مال عدد من شركات قطاع الأعمال في البورصة مفاجأة من العيار الثقيل.
رئيس الحكومة المصري أكد أن حكومته تستهدف زيادة نسبة الطرح بالبورصة إلى 45% و 50% بدلا من 23% حاليا خلال 3 أو 4 سنوات بدعوى تنشيط البورصة، إلى جانب توفير تمويل لتلك الشركات.
وأضاف البيان، الذي وصل "عربي21" نسخة منه، أنه من المتوقع أن تصل القيمة الإجمالية للأسهم المطروحة ضمن برنامج الحكومة حوالي 80 مليار، حيث أنه قد تقرر أن تتراوح النسب المطروحة من الشركات ما بين 15% و30% ما بين 24 شهرا و30 شهرا".
تلبية شروط الصندوق
الخبير الاقتصادي، ممدوح الولي، أكد لـ"عربي21" أنه "من بين شروط صندوق النقد الدولي هو العودة لبرنامج الخصخصة، وأن الحكومة تأخرت في التنفيذ، بعد أن مُنِحت أكثر من مهلة، لدرجة أن المراجعة الأخيرة للصندوق اشترطت على الحكومة إعلان أسماء الشركات في آخر شباط/ فبراير الماضي"، مشيرا إلى أن "هناك مراجعة مقبلة للصندوق قي شهر أيار/ مايو المقبل".
وأرجع عزم الحكومة زيادة طرح عدد الشركات من 25% إلى نحو 50% إلى "أن الحكومة تستهدف جمع 80 مليار جنيه، لسد عجز الموازنة، خلال أول طرح لها، وتريد زيادة هذه الإيرادات لتلبية شروط صندوق النقد من خلال تحقيق ولو فائض أولي، خلال الموازنة المقبلة، وزيادة النسبة مرتبطة بزيادة إيرادات حصيلة الطرح (البيع)" .
وبشأن إذا ماكان ضخ إيرادات بيع الشركات في تسديد الديون يعتبر تفريط في أصول الدولة، قال إن "فكرة الخصخصة ما زالت تواجه رفضا حتى من وزير المالية الأسبق أحمد جلال، في حكومة الببلاوي 2013– 2014، الذي انتقدها بقوة باعتبارها أنك تبيع من أجل أن تأكل وليس من أجل تستثمر بتوسيع نشاط الشركة، أو عمل شركة أخرى"، مشيرا إلى أن "العبرة ليست بالبيع إنما بالإدارة وحرية اتخاذ القرار داخل تلك الشركات للتطوير والتوسع".
وفند الولي تناقض تصريحات الحكومة بشأن الخصخصة، قائلا: "وزير قطاع الأعمال السابق قال في كانون الثاني/ يناير الماضي قبل ترك منصبه إنه لا يوجد خصخصة بقطاع الأعمال العام، وإنما الخصخصة لشركات البترول والبنوك، أما الوزير الجديد الحالي فقال عكس هذا الكلام".
الأزمة أعمق وأخطر
وذهب رجال الأعمال المصري والخبير الاقتصادي، محمد رزق، إلى القول بأن "الأزمة الاقتصادية أعمق وأخطر أن يحلها طرح بعض الشركات المملوكة للدولة في البورصة لأنها لا تمثل 2% من الدين العام المصري"، مضيفا لـ"عربي21" أن "البيع بالطبع يأتي استجابة لشروط صندوق النقد التي وافقت عليها مصر قبل الموافقة على القرض".
وأكد أن "الأزمة الاقتصادية الحالية في مصر من منظوري أكبر من قدرات وكفاءات النظام الحالي لاجتيازها، وما نراه هو مزيد من القروض لدفع أقساط وفوائد قروض قديمة، وانكماش بدون تنمية حقيقية تدفع قاطرة الاقتصاد المصري إلى الأمام بل قل إقالتها من عثرتها".
منتقدا في الوقت نفسه "تدني موارد الدولة، وخاصة موارد الدولار، واعتمادها على الأموال الساخنة كبديل عن التنمية الحقيقية، والتي قد تهرب من سوق مصر في أي لحظة للبحث عن مكاسب في مناطق أخرى أكثر ربحية واستقرارا".
حكومة السيسي ستخفق عاجلا أم آجلا
أستاذ التخطيط الاستراتيجي الدولي، صفي الدين حامد، قال إن "القطاع العام المصري في حاله يرثى لها، وأن التخلص منه تدريجيا بالخصخصة شيء جيد، ولكن الأهم هنا كيف تبيعه، ولمن تبيعه، فبيعه بالبخس أو لشخص غير قادر أو راغب على تطويره، والاحتفاظ بالعمالة يكون إضرار بالقاعدة الاقتصادية والعمالية وهو من المتوقع أن يحدث".
وأضاف لـ"عربي21" أن "البيع في وقت الاقتصاد في حالة يرثى، والمنظومة الحكومية مليئة بالتعقيدات الروتينية ومن المرجح أن تفتح الباب أمام المستثمر المغامر والمنتهز الذي لن يحتفظ بالشركة، ولا عمالها كما حدث في السنوات الأخيرة من حكم مبارك"، متوقعا أن "تخفق حكومة السيسي أمام صندوق النقد الدولي، خلال سنتين على الأكثر، وليس إذا ما كانت ستخفق أو لا تخفق".
وأرجع الأزمة الاقتصادية إلى غياب التدفقات النقدية الأجنبية "جراء تراجع الإنتاج والسياحة التي تضررت بشدة بسبب كارثة الطائرة الروسية ومن قبلها انقلاب تموز/ يوليو، وثورة 25 يناير"، محذرا في الوقت نفسه من أن "تدفقات العاملين من المصريين في الخارج مهددة بالانكماش؛ فعددهم يقل كل يوم لأن الدول العربية في محنة مالية واقتصادية، وباتوا يفضلوا القوى العاملة الوطنية، كما يحدث في السعودية وباقي دول الخليج حتى العمالة في الأردن تتناقص عددها".