هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حذر خبراء ماليون واقتصاديون من توجه الحكومة المصرية إلى بيع شركات القطاع العام المملوكة للدولة سواء كان البيع جزئيا أو كليا.
وذكر بيان لرئاسة الجمهورية، الأحد، أن مصر تستهدف طرح أكثر من 20 شركة في البورصة؛ بهدف توفير تمويل إضافي لتلك الشركات لتمويل توسعات استثمارية.
وأكد خبراء اقتصاديون في تصريحات لـ"عربي21" أن خصخصة الشركات العامة مؤشر على ما تعانيه الدولة من نقص الموارد بالعملة الأجنبية بعد الأزمة الاقتصادية التي شهدتها البلاد خلال السنوات الأخيرة.
اقرأ أيضا: مصر تبيع تاريخ قرنين من عمر سكة الحديد.. من يشتري؟
الظهور الأول للخصخصة في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك كان في عام 1991 حين تم البدء في تنفيذ هذه السياسة ووصل عدد شركات القطاع العام التي بيع بعضها أو بالكامل من 1991 - 2009 قرابة 407 شركات.
خيارات بديلة للبيع
وعزا الخبير المالي والاقتصادي، وائل النحاس، رغبة الحكومة في طرح شركات وبنوك مملوكة للدولة للبيع "لتنفيذ رغبة صندوق النقد الدولي الذي يطبق نفس الأجندة على دول المنطقة من الخليج للمحيط"، مضيفا أن "الهدف الأساسي هو استغلال حصيلة البيع في سد جزء من عجز الموازنة، بدلا من الاقتراض من الخارج، الأمر الآخر تطبيق نظام السوق الحر".
وحذر في تصريحات لـ"عربي21" من إعادة تطبيق خطة مبارك (الرئيس الأسبق) في خصخصة الشركات، وطالب الدولة "بتجنب أخطاء خطة (مبارك) من خلال احتفاظ الدولة بحصة من تلك الشركات من أجل الأجيال القادمة للحفاظ على مستقبلهم، وطرح حصة أخرى لمستثمر رئيسي، وطرح حصة ثالثة للملكية العامة".
ولكنه استدرك بالقول: "إلا أن الاتجاه العام للدولة الآن هو البيع من أجل البيع؛ بسبب عدم وجود موارد كافية، وبحاجة لسد جزء من الالتزامات التي عليها، حتى لو اضطرت لخصخصة المرافق العامة وهذا إن حدث سيمثل مشكلة كبيرة للمواطن المصري؛ لأن دخله قليل ولا يحتمل حتى رفع جزء من الدعم".
واقترح النحاس لمواجهة عجز الموازنة، وارتفاع الدين وفوائده "التنازل عن ممتلكات الدولة الجديدة كمشروعات الثروة السمكية، والعاصمة الإدارية الجديدة، وغيرها من المشروعات وضخ عوائدها في سداد الالتزامات لحين إعادة الهيكلة المطلوبة".
خطة فاشلة
وحذر أستاذ الاقتصاد بكلية أوكلاند الأمريكية، مصطفى شاهين، من مغبة تلك الخطوة في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية، وقال لـ"عربي21" إن ما يحدث هو تجريد للدولة ولقوة الاقتصاد المصري من أي إمكانيات، والاقتصاد في هذا الوضع سوف يسوء أكثر؛ لأنه كان يوفر جزءا من الإنتاج المحلي لكن تم بيع أغلبه في عامي 91 و92 وتدمير تلك الشركات، واليوم يتم استكمال هذا المخطط بناء على رغبة صندوق النقد الدولي في بيع ما تبقى من الشركات العامة للدولة".
وأوضح أن "بيع شركات الدولة يجعلها دولة هشة اقتصاديا؛ فالقطاع الخاص على مدار ربع قرن من العمل والإنتاج لم نر له أثرا يُذكر على تحسن قوة الإنتاج، ولم يلعب إلا دورا ثانويا في زيادة الإنتاج من السلع الهامشية، على الرغم من توفيره فرص عمل للمصريين، في حين تقوم شركات الدولة بالدور الأكبر والأكثر إنتاجا في قطاعات الحديد والأسمدة والبتروكيماويات وغيرها".
واختتم حديثه بالقول: "نحن في مصر نعمل كوكلاء اقتصاديين، ولكن لا يوجد لدينا رؤية للاقتصاد في حل الأزمات المتراكمة على مدار العقود الماضية، ولا أتوقع أن تتمكن الحكومة بهذه الطريقة من تغيير الوضع الأفضل إنما للأسوأ".
الخصخصة والفساد
وفند الناشط العمالي، سيد حماد، خطة الحكومة المصرية للخصخصة، وقال لـ"عربي21": "إذا ذكرت الخصخصة ذكرت رئيس الوزراء السابق عاطف عبيد 1999- 2004 الذي أخذ على عاتقه بيع أراضي وشركات ومصانع الدولة برخص التراب، وأبعد ما يكون عن سعرها العادل، في صفقات مشبوهة، وتعد جريمة في حق المصريين".
وأوضح أن "من آثار الخصخصة كان تشريد أكثر من مليون عامل، ورفع الأسعار، وزيادة التضخم بعد بيع شركات الأسمنت والحديد؛ ما أدى إلى تعويم الجنيه آنذاك، وتراجع الاحتياطي المصري من 18 مليار دولار، إلى 13 مليار دولار"، مشيرا إلى أن "المعلومات لاحقا كشفت أن عمليات البيع رافقها هدر للمال العام، وآلاف قضايا الفساد، وفيما كانت تروج الدولة أنها تربح المليارات كانت تخسر أضعافها في الواقع، على غرار ما يقال اليوم".
وبيًن أن "خصخصة الشركات كانت بأقل 10 أضعاف من ثمنها الحقيقي، وما زاد الطين بلة أن حصيلتها ضاعت ولم تستفد منها الأجيال اللاحقة في شيء، في حين تضاعف ثمن الشركات المباعة إلى عشرة أضعاف، وتضخمت ثروات رجال الأعمال".