هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تساؤلات عديدة واجهت العملية العسكرية الشاملة التي تقوم بها القوات المسلحة المصرية في سيناء منذ صباح الجمعة التاسع من شباط/ فبراير الجاري، ومازالت مستمرة حتى الآن، وهي العملية التي جاءت ترجمة لمفهوم القوة الغاشمة التي أطلقها رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي ردا على عمليات تنظيم الدولة المتمركز في سيناء.
ولعل من أبرز التساؤلات هو مردود هذه العملية على الأوضاع في سيناء، وهل التكلفة المادية الباهظة لدولة مأزومة اقتصاديا بشكل كبير؛ يمكن أن يقابل حجم النتائج التي أعلن عنها المتحدث العسكري للقوات المسلحة، فضلا عن دلالة التوقيت لهذه العملية التي غطت أخبارها بشكل كبير على الانتخابات الرئاسية المصرية.
وأكد الباحث المتخصص في الشؤون العسكرية عبد المعز الشرقاوي لـ "عربي21" أن الغموض هو سيد الموقف في ما يتعلق بالتكلفة المادية للعملية سيناء 2018، ولن يتم الإعلان عن تفاصيلها المادية باعتبارها سرا عسكريا، إلا أن عدد القوات والأسلحة والفرق والجيوش المشاركة فيها، وفترة العملية تشير إلي أنها تتجاوز أرقاما خيالية خاصة وأنها تعتمد على سلاحي القوات الجوية والدفاع الجوي، وكلاهما يستخدم قذائف وأسلحة ذات تكلفة مادية عالية.
اقرأ أيضا: مقتل 15 وتوقيف 153 في سادس أيام عملية سيناء (فيديو)
وأضاف الشرقاوي أنه طبقا لبيانات القوات المسلحة، فإن العملية شهدت استخدام أسلحة حديثة منها المقاتلات F16 والرافال متعددة المهام، ومروحيات الأباتشي الهجومية، ومروحيات الشينوك الناقلة، وطائرات النقل التكتيكي الكاسا سي 295، وطائرات الإنذار المبكر والتحكم المحمول جوا، وكذلك زوارق للقوات الخاصة قابلة للنفخ، وعربيات الجيب الـ TJL .
وأشار الشرقاوي إلى أن تكلفة القذيفة الواحدة لمقاتلات الـ F16 تتراوح بين 60 ألف دولار إلى 350 ألف دولار، بينما سعر المقاتلة نفسها يقترب من 20 مليون دولار، ولو استخدمت القوات المصرية قذائف أخري مثل قنبلة "مارك 82" والتي استخدمتها في ضربتها الجوية على مدينة سرت الليبية، فإن تكلفة القنبلة الواحدة حوالي 2000 دولار، وحمولة الطائرة في الغالب 6 قنابل بما يعني أن تكلفة القنابل بالطائرة الواحدة 12 ألف دولار، وتستهلك المقاتلة الواحدة وقودا بمبلغ 23 ألف دولار في الساعة، ما يعني أن تكلفة الطلعة للمقاتلة 35 ألف دولار بما يعادل 600 ألف جنيه مصري.
ويؤكد الشرقاوي أن ما سبق يعد فقرة واحدة ضمن قائمة طويلة من التكلفة المادية واللوجيستية والتي يضاف لها بدلات الحرب وهي مكافآت باهظة للمقاتلين، بما يجعل تكلفة العملية غير واضحة المدة يتجاوز المليار دولار.
لفت الأنظار
ويشير الكاتب الصحفي المتخصص في التنظيمات السياسية أحمد الجيزاوي لـ "عربي21" إلى أن العملية الجارية في سيناء منذ ما يقرب من أسبوع ربما كان أحد أهم أهدافها هو لفت الأنظار عن الانتخابات الرئاسية التي شهدت سخونة كبيرة قبل غلق باب التقدم للترشيح، وما قام به السيسي من إجراءات ضد منافسيه الحقيقيين مثل الفريقين أحمد شفيق وسامي عنان.
وأضاف الجيزاوي أن السيسي لم يكتف بذلك، بل وضع عراقيل أمام خالد علي ومحمد أنور السادات، لغلق الباب أمام أية منافسة حقيقية يمكن أن تهدده، وفشل في إيجاد كومبارس يستكمل به المشهد، ما جعل الانتخابات مجال سخرية وزادت دعوات مقاطعتها وبدأ الشارع المصري يتفاعل معها، وهو ما كان يمكن أن يعيد مشهد 25 يناير مرة أخرى، وبالتالي جاءت هذه العملية العسكرية لجذب الأنظار إلى اتجاه آخر يضمن تجييش مشاعر الجماهير لصالح النظام الحاكم.
اقرأ أيضا: "يديعوت" تقرأ العملية العسكرية في سيناء.. ماذا تريد إسرائيل؟
ويضيف الجيزاوي بُعدا آخر للعملية وهو تجميل وجه السيسي والقيادات العسكرية المتحكمة في المشهد المصري، بعد تقرير "نيويورك تايمز" عن الطلعات الجوية التي نفذها الجيش الإسرائيلي بسيناء لوقف نشاط تنظيم الدولة، والذي مثَّل أزمة نفسية تضاف لأزمات عموم الجيش المصري، وبالتالي كان الرد بهذه العملية التي سبقتها حملة دعاية أفقدتها عنصر المفاجأة التي يجب أن تكون مرادفا لأي عملية عسكرية ناجحة.
ويشير الجيزاوي إلى أن العملية تشمل مدن العريش ورفح والشيخ زويد ما يعني وسط وشمال سيناء، وهو تجاوز للخطوط المتفق عليها في كامب ديفيد، وبالتالي دخول نوعيات الأسلحة المستخدمة في العملية وكميتها وعدد قوات الجيش يتطلب موافقة من إسرائيل بعد الاطلاع على خطط الحرب الموضوعة طبقا لبنود الاتفاق الأمني بين الجانبين في اتفاقية السلام، ولن توافق عليه إسرائيل، إلا إذا كان يخدم مصالحها بشكل مباشر على ألا يصب في المصلحة الوطنية المصرية كذلك.