أفردت الصحافة الإسرائيلية مساحة واسعة للخبراء الإسرائيليين، للحديث عن أسباب وتداعيات ومستقبل المظاهرات الإيرانية، ومدى تأثيرها على استقرار النظام الحاكم، وعلى مختلف الأوضاع الداخلية في إيران.
معاريف
وأوضح الخبير الإسرائيلي في الشؤون الإيرانية من "مركز بحوث الأمن القومي" الإسرائيلي، راز تسيمت، أنه بعد أيام من اندلاع المظاهرات في إيران، "يبدو أن سلطات الإيرانية تفقد السيطرة على حركة الاحتجاج".
ولفت إلى أن "المظاهرات التي اندلعت في مدينة مشهد، عبرت عن انتقاد جماهيري متسع في ضوء الأزمة الاقتصادية المستمرة ونية الحكومة رفع الأسعار، وتشديد الضريبة، وتقليص عدد المستحقين للمخصصات الحكومية".
ومع اتساع رقعة المظاهرات، "لم يعد يكتفي المتظاهرون بمطلب تحسين الوضع الاقتصادي، بل يتحدون مجرد وجود حكم رجال الدين"، وفق تسيمت، الذي رجح أن يؤدي "انضمام الطلاب في طهران لصفوف المتظاهرين إلى تطرف آخر في الاحتجاج".
ونبه الخبير الإسرائيلي، في مقال له بصحيفة "معاريف" العبرية، إلى أن "انتشار الاحتجاج الحالي جغرافيا أوسع من مظاهرات 2009، رغم أن عدد المتظاهرين والمظاهرات أقل، وكونها غير محصورة بالعاصمة فقط، بل تجري بالتوازي في عدة مدن مركزية"، موضحا أن "المشاركين في المظاهرات في هذه المرة من قطاعات مختلفة؛ كالعمال مثلا".
التجاهل المتواصل من جانب النظام لمطالب الجمهور، وفشله المستمر في توفير رد على أزمات المواطنين ومطالبهم بالنسبة للوضع الاقتصادي وحريات الفرد، من شأنها أن تفاقم أكثر فأكثر اليأس في أوساط المواطنين، وتوسع الفجوة بينهم وبين النظام.
وذكر أن "المظاهرات في هذه المرحلة لا تشكل تهديدا فوريا على استقرار النظام الإيراني"، منوها بأنه في حال "خبت المظاهرات أو قمعت بالقوة، فإنها ترفع إشارة تحذير بارزة أمام النظام.
وأكد تسيمت أن "التجاهل المتواصل من جانب النظام لمطالب الجمهور، وفشله المستمر في توفير رد على أزمات المواطنين ومطالبهم بالنسبة للوضع الاقتصادي وحريات الفرد، من شأنها أن تفاقم أكثر فأكثر اليأس في أوساط المواطنين، وتوسع الفجوة بينهم وبين النظام، وتهدد الاستقرار على مدى زمن طويل".
هآرتس
من جانبه، بين محلل الشؤون العربية لدى صحيفة "هآرتس" العبرية، تسفي برئيل، أن "النظام الإيراني تعلم الخوف من عدوى المظاهرات الديناميكية المعدية التي جربتها العديد من الأنظمة العربية".
حركة الاحتجاج الحالية، "لا يوجد لها زعيم؛ مهدي كاروبي وحسين موسوي، اللذان قادا "الثورة الخضراء" في 2009، وأخرجا للشوارع أكثر من مليون شاب، عالقان قيد الإقامة الجبرية".
وأشار إلى أن "المظاهرات المحلية ليست أمرا جديدا في إيران، كما أن الشعارات ضد الرئيس حسن
روحاني، الذي لم يف بوعوده حتى الآن، لم تكن نادرة"، موضحا أن "النظام الإيراني نجح في العديد من المرات وبوسائل مختلفة في ثني المتظاهرين عن موقفهم".
ولكن "في هذه المرة يبدو أن الأسباب أكثر شمولية، وتتعلق بأمراض مزمنة مثل؛ البطالة، والفساد الكبير، وتدخل إيران في سوريا واليمن، وبالأساس غياب أفق اقتصادي، رغم رفع العقوبات، كجزء من الاتفاق النووي"، وفق برئيل، الذي نوه في مقال له بصحيفة "هآرتس" العبرية بأن "المظاهرات حتى الآن لا تنسب لحركة أو تيار سياسي معين".
وبين أن الشعارات التي أطلقت في تلك المظاهرات، مثل "الموت للديكتاتور"، وهي "الموجهة ضد الزعيم الأعلى علي خامنئي، تؤكد أن هذه المظاهرات ليست مقطوعة عن السياق السياسي"، لافتا إلى أن "من شأن هذه المظاهرات أن تثير قسمي النظام".
تجنيد" النظام الإيراني لبضعة آلاف من الشباب في مسيرة تأييد له عقب تغريدة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي حملت فيها تحذيرا واضحا لإيران، هو "نوع من استعراض العضلات، في رسالة حادة وواضحة؛ إذا لم تنصرفوا من الشوارع، فان زعران الباسيج سيعالجونكم بقبضات من حديد".
وقال المحلل الإسرائيلي: "الإصلاحيون الذين لم يقوموا بدعم الاحتجاجات حتى الآن، يمكنهم أن يعرضوا بواسطتها قوتهم الجماهيرية ضد سلوك النظام، في حين أن المحافظين يمكنهم التدليل بواسطتها على عدم حيلة روحاني، خصمهم"، منوها بأن "روحاني يمكنه أن يعلي بواسطتها الحاجة لتحسين مكانة حقوق الإنسان، وإجراء إصلاحات في الثقافة؛ من أجل الحفاظ على استقرار النظام".
ونوه بأنه "رغم صراع ليّ الأيدي الذي يجري بين قسمي النظام، وبصورة متناقضة، تحث الاحتجاجات الإيرانية النخبة الحاكمة في الطرفين؛ لبذل الجهود للتوصل إلى تفاهمات لتهدئة الغضب".
يديعوت أحرنوت
أما الصحفية الإسرائيلية المتخصصة في الشؤون العربية سمدار بيري، فقد تساءلت: "لماذا الآن اندلعت انتفاضة الغضب في إيران؟ لماذا بدأوا بالذات في مشهد -قرار تكتيكي ذكي- المدينة الثانية في حجمها، وليس في طهران؟".
أجهزة الأمن والاستخبارات في طهران، ترسم مثلث يمر بين واشنطن وتل أبيب وقصر ولي العهد السعودي، وهناك في طهران من يتحدث عن أياد أجنبية جندت المتظاهرين".
واعتبرت أن "تجنيد" النظام الإيراني لبضعة آلاف من الشباب في مسيرة تأييد له عقب تغريدة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي حملت فيها تحذيرا واضحا لإيران، هو "نوع من استعراض العضلات، في رسالة حادة وواضحة؛ إذا لم تنصرفوا من الشوارع، فان زعران
الباسيج سيعالجونكم بقبضات من حديد".
وأوضحت بيري في مقال لها بصحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية،، أنه "بعد عامين من التوقيع على الاتفاق النووي، يبعد ترامب المستثمرين، ويخيف رجال الأعمال"، منوهة بأن "كل الخطط التي نسجت داخل أسرة المستثمرين الدوليين للاندفاع نحو إيران لعقد الصفقات الكبرى، كنست".
ولفتت إلى أن حركة الاحتجاج الحالية، "لا يوجد لها زعيم؛ مهدي كاروبي وحسين موسوي، اللذان قادا "الثورة الخضراء" في 2009، وأخرجا للشوارع أكثر من مليون شاب، عالقان قيد الإقامة الجبرية".
وذكرت الصحفية الإسرائيلية، أن "أجهزة الأمن والاستخبارات في طهران ترسم مثلثا يمر بين واشنطن وتل أبيب وقصر ولي العهد السعودي، وهناك في طهران من يتحدث عن أياد أجنبية جندت المتظاهرين".
ورأت أنه من "المشوق متابعة هتافات اليأس للجيل الشاب في إيران، فهم يطالبون النظام بالبحث عن حلول اقتصادية داخل إيران، وعدم الخروج لخوض حروب خارجية على حسابهم"، مؤكدة أن "النظام لن يدعهم يعربدون، وفي حال لم تهدأ الشوارع، فإن زعران الأجهزة سينزعون القفازات..".