هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا لمراسلها في محافظة الرقة السورية، جاء تحت عنوان "أكراد سوريا يواجهون امتحانا جديدا للسيطرة على مناطق عربية".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه بعد أسابيع من استعادة مدينة الشيخ القبلي عبد الفتاح محمد من تنظيم الدولة، اختطفته قوات سوريا الديمقراطية، ذات الأغلبية الكردية، واستجوبته ووضعته في الحبس الانفرادي مدة 34 يوما، لافتا إلى أن هذه التجربة جعلت الشيخ محمد يشعر بغضب عارم.
وتستدرك الصحيفة بأنه على الرغم من ذلك، فإنه لو تم تخيير الشيخ فإنه سيختار قوات سوريا الديمقراطية، حيث يقول، "إنهم أفضل الخيارات السيئة"، لافتة إلى أنه من بلدة "طبقة" في محافظة الرقة.
ويلفت التقرير إلى أنه بعد سبعة شهور من استعادة البلدة من تنظيم الدولة، فإن الكثير من مباني البلدة لا يزال مدمرا، مشيرة إلى أن أحد النتائج غير المتوقعة للحرب المستمرة في سوريا منذ ستة أعوام هو صعود نجم القوات الكردية اليسارية.
وتذكر الصحيفة أن قوات سوريا الديمقراطية تشكلت بدعم الولايات المتحدة، التي أدت دورا محوريا في القتال ضد تنظيم الدولة، وتسيطر هذه القوات الآن على نحو ربع سوريا، من شرق الرقة، العاصمة السابقة لتنظيم الدولة، إلى حقول النفط الثرية في شرق البلاد.
ويفيد التقرير بأن الأكراد اكتشفوا أن هزيمة تنظيم الدولة كانت المهمة السهلة، فحكم مناطق عربية قد يكون أمرا أكثر صعوبة، لافتا إلى أن الأمر الحيوي في الوقت الحالي هو إثبات القوات الكردية أنها قادرة على حكم المناطق العربية حتى لا يعود مسلحو تنظيم الدولة للظهور.
وتقول الصحيفة إن قوات سوريا الديمقراطية تأمل في استخدام مكاسبها في الأراضي للتفاوض على منطقة ذات حكم ذاتي كردي مع رئيس النظام السوري بشار الأسد، الذي عقد الأكراد معه هدنة تتعرض للاضطراب أحيانا، منوهة إلى أن هذه الهدنة مع الأسد قد لا تستمر مع انتهاء القتال ضد تنظيم الدولة، بالإضافة إلى أنها قد تتعرض لصراع عرقي إذا لم تحصل على الدعم المحلي لحكمها.
وينقل التقرير عن عامل إغاثي عربي في بلدة الطبقة، قوله: "ما يقلق السكان هو شعورهم أن هذه بداية احتلال كردي"، وأضاف "إن لم يتحسن الوضع فإن الأمور قد تؤدي إلى حرب في النهاية".
وتحذر الصحيفة في هذا السياق من فشلهم الذي قد يقود إلى نزاع عرقي، ففي أي حالة اندلع فيها القتال، فإن الجهاديين سيعودون من جديد، لافتة إلى أن قوات سوريا الديمقراطية تضم قوات حماية الشعب التابعة للحزب، وضمت إليه واشنطن عددا من المقاتلين العرب والمسيحيين، رغم أن غالبيته ظلت من قوات حماية الشعب الكردي التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، حيث يؤمن الحزب الكردي بأيديولوجية الزعيم الكردي السجين لدى الأتراك عبدالله أوجلان، التي تدعو لما يطلق عليه الأكراد "أمة ديمقراطية".
وينوه التقرير إلى ما يقوم به عمر علوش من قوات سوريا الديمقراطية، الذي يعمل على بناء علاقات مع المجالس المحلية العربية، ويلتقي مع قادة القبائل.
وتذهب الصحيفة إلى أنه رغم ذلك، فإن القوة الحقيقية تظل في يد الأكراد، ففي لقاء مع شيوخ القبائل عقد في الرقة، قدم علوش لهم موجزا عن التطورات، وطلب منهم الوقوف أمام الكاميرا، و صرخ فيهم قائلا: "اظهروا بوقار وأعطونا نوعا من الحماسة.. نحن قوة المجتمع ونحن نتحدث"، مشيرة إلى أن علوش يرى أن الديمقراطية جيدة لسوريا ذات العرقيات والأقليات المتعددة، فقال: "مشروعنا ليس قوميا، فقد عبرنا المرحلة القومية"، وبالنسبة للسوريين، فإن هذه أفكار يصعب عليهم هضمها.
ويورد التقرير نقلا عن ناصر الحاج علي، وهو أحد مستشاري قوات سوريا الديمقراطية، قوله: "نعاني اليوم من مشكلتين، كليهما سيئة، وهي الشوفينية العربية والقومية الإثنية الكردية".
وتبين الصحيفة أن قوات سوريا الديمقراطية تقوم بمواجهة من خلال التدريب الأيديولوجي للمقاتلين، ومعظمهم من العرب وبقية الأقليات، وتقوم بتشكيل المجالس المحلية والتجمعات المحلية؛ لتقوم بإدارة المناطق وتعطي حصصا حول فلسفة "الأمة الديمقراطية".
ويقول ناصر الحاج علي إن سوريا الديمقراطية تريد "رقة صديقة، وهذا لا يعني أننا (نكردن) الرقة"، ويضيف أن هذه الجهود ضرورية لمحو أيديولوجية البعث وتنظيم الدولة.
ويستدرك التقرير بأن الواقع أصعب على الأرض كما تشير قصة الشيخ محمد، فعندما وصلت قوات سوريا الديمقراطية، فإنه عرض المساعدة وقدم النصح حول كيفية التقرب من القبائل، وقال: "قلت لهم نريد أن نكون شركاءكم"، لكن العلاقة توترت عندما حاول إنشاء مجلس قبائل مستقل بقيادته.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أنه تم اعتقال شيوخ آخرين أو رشوتهم ليشاركوا في المجالس التي نظمتها قوات سوريا الديمقراطية، حيث قال الحاج علي إن "ما هو ديمقراطي حول قوات سوريا الديمقراطية هو الاسم فقط".