هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أبدى شيخ الأزهر أحمد الطيب صلابة في موقفه الرافض للدعوات التي تطالب الأزهر بتكفير الجماعات المتطرفة ومن بينها تنظيم الدولة.
ومع كل مرة تقع فيها عملية إرهابية في مصر يعيد مؤيدو سلطة الانقلاب العسكري والإعلام الموالي لها، انتقاد الأزهر لعدم تكفيره الجماعات المتطرفة، ويحملونه مسؤولية انتشار التطرف في البلاد بسبب تدريس مناهج تتضمن آراء تحض على العنف، حسب قولهم.
وبعد الهجوم على مسجد الروضة في شمال سيناء والذي أسفر عن مصرع 310 أشخاص وإصابة 128 آخرين، تجددت الانتقادات للأزهر مرة أخرى ومطالبته بتكفير تنظيم الدولة. لكن شيخ الأزهر لجأ هذه المرة إلى طريقة مختلفة حيث ألقى الكرة في ملعب القضاء، وأكد أن السلطة القضائية في مصر هي الجهة الوحيدة المسؤولة عن إصدار أحكام بالكفر على أي شخص بالكفر.
التكفير بيد القضاء
وفي مقطع فيديو نشرته الصفحة الرسمية للأزهر على "فيسبوك" قال الطيب إن قضية تكفير الآخرين قضية مغلقة أمام أي فرد أو جماعة، وهذه القضية يتولاها أهل الخبرة فقط والمتمثلون في القضاء، مضيفا أن الكفر يترتب عليه أحكام أقلها لو ثبت أن شخصا ما كافر فإنه لا يغسل ولا يدفن في مقابر المسلمين ولا يرث ولا يورث.
وانتقد شيخ الأزهر ما أسماه "الصورة البائسة جدا المتداولة عن المسلمين، جراء تركهم للتنمية والتقدم وانشغالهم بالجري وراء أوهام إثبات من الكافر ومن غير الكافر".
ويرى الأزهر أن تنظيم الدولة وغيره من الجماعات المتطرفة خوارج يُنفذ فيهم حد الحرابة ويجب قتالهم، لكنه يؤكد أنهم مسلمون طالما ينطقون بالشهادتين، وأن الأزهر لا يمكنه تكفير مؤمن مهما بلغت ذنوبه.
وفي كلمة سابقة له أكد شيخ الأزهر أن "هناك جهات تسعى إلى تقليل رصيد الأزهر في قلوب المسلمين، مشيرا إلى أنه أصبح من المعتاد إدانته وإدانة مناهجه عقب أية حادث إرهابي، أو بعد إحراز الأزهر نجاحا في تحقيق رسالته في الدَاخل أو في الخارج، حتى صرنا نعرف توقيت هذا الهجوم بعد أن رصدناه بدقة" على حد قوله.
البحث عن دعم ديني
وتعليقا على هذه القضية قال أستاذ العلوم السياسية أحمد رشدي إن حملات الهجوم على الأزهر ليست جديدة بل تتكرر باستمرار طوال السنوات الثلاث الأخيرة، مشيرا إلى أن المعركة الطويلة بين شيخ الأزهر أحمد الطيب والنظام وصلت ذروتها في أزمة الطلاق الشفهي حينما قال السيسي لشيخ الأزهر عبارته الشهيرة "تعبتني يا فضيلة الإمام"، لكن الأزهر وهيئة كبار العلماء أصروا على رفض اقتراح السيسي بمنع الطلاق الشفهي وحدثت أزمة كبيرة بين الجانبين.
وأوضح رشدي، في تصريحات لـ "عربي21"، أن النظام يحاول وضع الأزهر بين قائمة مؤيديه لما له من مكانة وثقل في الشارع المصري ولفت إلى أن النظام يحتاج إلى دعم ديني غير محدود ويرى في الأزهر أنه الجهة الوحيدة القادرة على منحه هذا الدعم، لذلك يطالبه بتكفير تنظيم الدولة حتى يحصل على "صك ديني" يعوض به القصور الأمني الواضح في سيناء.
وأكد أنه ليس من المنطقي أن يكفر الأزهر تنظيم دولة، ولو وافق الأزهر على طلب النظام في هذا الصدد فلن يتغير أي شيء على أرض الواقع، مضيفا أن الأزهر بهذه الطريقة يتحول إلى مؤسسة تكفيرية تمارس فكرا متطرفا لا يختلف عن الجماعات الإرهابية.
اقرأ أيضا: إعلاميو السيسي يهاجمون الأزهر لرفضه "تكفير" منفذي هجوم سيناء
شماعة للفشل
وقال العالم الأزهري طاهر حبشي، إن الأزهر الشريف كمؤسسة بعلمائه وشيخه الإمام أحمد الطيب ليس من دوره ولا وظيفته أن يكفر الآخرين، مشيرا إلى أن رسالة الأزهر هي أن يقدم الدين الإسلامي بصورته السمحة نورا وهدى للعالمين باعتباره قبلة لكل المسلمين في العالم وليس ملكا لمصر وحدها.
وأضاف حبشي، في تصريحات لـ "عربي21"، أن الذين يهاجمون الأزهر هم قلة من العلمانيين لديهم بغض وكره شديد تجاه الأزهر لأنهم لا يريدون للدين أن يكون موجودا في مصر أو أن يكون منارة إسلامية متفردة في العالم، ودائما ما يهاجمون التراث الإسلامي وكتبه.
واستبعد أن يكون النظام هو من يقف وراء مهاجمة الأزهر، مشيرا إلى أن الانتقادات والمناوشات التي تتم في وسائل الإعلام وحملات الهجوم الممنهجة من بعض الإعلاميين هدفها تحميل الأزهر مسؤولية العمليات الإرهابية وجعله شماعة للأخطاء التي تقع فيها الجهات المختصة بمواجهة الإرهاب.
وردا على الدعوات التي تطالب الأزهر بتكفير الجماعات المتطرفة حذر العالم الأزهري من ارتكاب هذا الخطأ الفادح، موضحا أن الأزهر لو قام بتكفير تنظيم الدولة فإنه بذلك يكون قد اتبع ذات النهج الشاذ والمتطرف الذي تتبعه الجماعات الإرهابية التي تكفر كل الناس، ويكون الأزهر وتنظيم الدولة سواء في الفكر المغلوط، وهو ما يؤدي إلى انهيار صورة الأزهر ومكانته في العالم كله وليس مصر فقط.
بدوره قال عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر عبدالفتاح العواري، إنه لا توجد فائدة حقيقية تعود على البلاد إذا كفر الأزهر الجماعات الإرهابية، مشددا على أن فتح باب التكفير لن يحل المسألة ولن ينهي تواجد الإرهابيين أو يوقف شرهم، بل سيدفع كل من يختلف مع الآخر في الرأي إلى تكفيره، وفي ذات الوقت سيفتح بابا آخر للهجوم على الأزهر لأنه يكفر الناس.