هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بعد إعلان فشل المفاوضات مع إثيوبيا، بات من المؤكد الآن أن هناك استخفافا بمصر من جانب إثيوبيا، وأن ما جرى كان لاستهلاك الوقت فقط، حتى تتمكن إثيوبيا من بناء السد تحت ستار التفاوض، وحتى لا يكون هناك استفزاز لمصر يدفعها إلى أي تصرف من شأنه أن يعيق هذه الخطة بشكل أو بآخر، وهو ما نجحت فيه أديس بابا بشكل كبير، حيث اتبعت آلية التنويم التفاوضي -إذا جاز التعبير- على غرار التنويم المغناطيسي، وهو ما لم تفطن إليه مصر السيسي، ولم تحاول حتى مجرد اختبار نوايا إثيوبيا.
اتبعت إثيوبيا آلية التنويم التفاوضي على غرار التنويم المغناطيسي، وهو ما لم تفطن إليه مصر السيسي، ولم تحاول حتى مجرد اختبار نوايا إثيوبيا
وكانت الجريمة التي ارتكبها نظام السيسي ومفاوضوه؛ أنهم تعاملوا بحسن نية شديد في سير المفاوضات، ولم يدركوا للحظة أن ما يجري هي خطة استدراجية للمفاوض المصري. والأغرب أن مصر، بتاريخها الدبلوماسي ومدرستها العريقة في السياسة الخارجية، لم تنتبه لذلك. وهذا راجع لسببين: أولهما أن السيسي استحوذ على الملف، في إطار خطته المتبعة باحتكار كافة الملفات.
أما السبب الثاني، فإن الملف تم التعامل معه في الإطار الفني والرئاسي، أي مؤسسة الرئاسة، وتم استبعاد جانب السياسة الخارجية، وكذلك المخابرات العامة، وكان رأيهما استشاريا وليس مؤثرا. وكعادته في الاستئثار بكل شيء، استأثر السيسي بهذا الملف، ووقع على اتفاقية العار؛ بالتنازل عن حقوق مصر التاريخية، ووضعنا جميعا في هذا المأزق.
مرور الوقت يضعنا في تحد جديد. فبدلا من محاولة التغلب على المشكلة الأساسية، وحل أزمة الحق التاريخي في المياه، أصبحنا أمام أزمة جديدة