هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثارت زيارة قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي إلى قبرص الاثنين، وما يتبعها من قمة ثلاثية تضم اليونان؛ التكهنات حول تزايد احتمالات التصعيد بين التحالف الثلاثي وتركيا حول غاز شرق المتوسط، العنوان الأبرز للزيارة.
ومن المقرر أن يلتقي السيسي نظيره القبرصي نيكوس انستاديادس، ورئيس وزراء اليونان، ألكسيس تسيبراس، الثلاثاء، بلقاء هو الخامس لأطراف الحلف غير المعلن لمحور شرق المتوسط، لما تجمع دوله من مصالح اقتصادية حول ملف الغاز الذي يشكل إلى جانب الخلاف السياسي تضاربا مع المصالح التركية.
السيسي، صاحب أول زيارة من نوعها للشطر الجنوبي للجزيرة القبرصية عام 2015؛ تعد زيارته الاثنين الثانية له، والتي اصطحب فيها وزير التجارة والصناعة طارق قابيل، ووزير البترول وطارق الملا، والخارجية سامح شكري، ومن المقرر أن يلقي خطابا أمام برلمان قبرص.
اعتراف متبادل
وبينما تعد مصر أول دول العالم اعترافا بقبرص عام 1960، كانت قبرص واليونان من أوائل الدول التي اعترفت بالانقلاب العسكري في مصر منتصف 2013، ومنذ ذلك الحين تعددت زيارات السيسي للدولتين بمعدل زيارتين لكل من نيقوسيا وأثينا، بينما جمعت القاهرة الأطراف الثلاثة مرة واحدة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2014.
لقاءات السيسي، واعتراف اليونان به كسلطة شرعية؛ أنتج اتفاقا لترسيم الحدود البحرية بين البلدين تنازل بمقتضاه السيسي عن مساحة من المياه الإقليمية المصرية تعادل دلتا النيل بها حقول غاز ضمتها اليونان لثرواتها الطبيعية.
وتأكيدا على عمق العلاقات المصرية مع اليونان الطرف الثاني في الحلف، وعقب قطع مصر علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، حزيران/ يونيو الماضي، سمحت القاهرة لأثينا برعاية مصالحها ورفع علم اليونان على سفارة مصر بالدوحة.
ونهاية تشرين الأول/ أكتوبر الماضي زادت حدة التوتر مع تركيا بسبب المناورات العسكرية المشتركة بين مصر واليونان في جزيرة رودس اليونانية والتي تبعد عن الأراضي التركية بحوالي 15 كيلومترا، والتي اعتبرتها أنقرة خرقا للقوانين الدولية.
نقلة استراتيجية
بعض مؤيدي السيسي يرون أن تقاربه مع اليونان وقبرص (عضوان بالاتحاد الأوروبي) يعد نقلة استراتيجية للصراع مع تركيا، بينهم الناشط عمرو سالم، الذي قال عبر "فيسبوك": "تجمع مصر وقبرص واليونان وغاز المتوسط؛ أعداء تركيا ومؤخرا تدريب عسكري قرب سواحل تركيا، الفكرة أن السيسي يفرض سطوته على المستوى الخارجي ويخرج بمنافع متعددة".
وهو ما أكد عليه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، طارق فهمي، بقوله لموقع "بوابة العاصمة" إن تعميق العلاقات بين مصر وقبرص واليونان، يزيد من القلق التركي.
بسط النفوذ وكسر العزلة
وحول احتمالات التصعيد مع تركيا، أكد المحاضر بمعهد الشرق الأوسط بجامعة سكاريا التركية، الدكتور محمد الزواوي، أنه "بالنظر إلى الوفد الذاهب لقبرص سنجد أن قطاعي الطاقة والتجارة والصناعة يتصدران ملفات عمل النظام المصري، وذلك لتعميم التعاون مع قبرص واليونان بترسيم الحدود البحرية، وكذلك فيما يتعلق بتصدير الغاز لأوروبا".
الزواوي أشار لـ"عربي21"، إلى أنه "من المقرر عمل خطي غاز من وإلى قبرص من محطة (إدكو) لتسييل الغاز المصري، لإعادة إرساله للتصدير إلى أوروبا عبر قبرص فاليونان ثم إيطاليا وبقية دول أوروبا".
وحول التوجه العام للنظام بالعلاقة مع اليونان وقبرص وهل هو موجهة لتركيا، قال الزواوي، إنه "جانب سياسي هام بعمل محور ضد تركيا؛ حيث تعتبرها الدول الثلاث تحتل شمال قبرص، وكذلك تعمل مصر على استغلال الدولتين الأوروبيتين لدعم قضاياها لدى الاتحاد الأوروبي، وللضغط على تركيا ببعض الملفات السياسية، مقابل الضغوط التركية على مصر باستضافة الناشطين المعارضين وبث القنوات الفضائية من هناك".
وأكد الباحث والأكاديمي المصري، أن "مصر بالنظر إلى رغبتها بإضفاء شرعية لنظام الثالث من تموز/يوليو 2013، تعمل كذلك على محاولة الترويج للنظام خارجيا لاسيما في الدول الصغيرة التي لا تحتوي على أقليات مصرية كبيرة؛ نظرا للتظاهرات المعارضة التي يواجهها رأس النظام في كل مرة يزور فيها العواصم الأوروبية ويتعرض إلى ضغوط إعلامية في مجال حقوق الإنسان".
واعتبر الزواوي أن "تحالف السيسي وقبرص واليونان ومن ورائهما إسرائيل؛ يمثل دعما سياسيا ونافذة لبسط النفوذ خارجيا وكسر العزلة التي تفرضها عليه بعض الأنظمة الديمقراطية والتي منعت تصدير السلاح له بسبب سجل حقوق الإنسان، ومن ثم فإن هذه الزيارة تعد هامة كأحد مجالات تحرك النظام دوليا".
إبعاد تركيا عن قطر
ويرى الخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية الدكتور السيد أبو الخير، أن "تركيا ليست بعيدة أو منفصلة عن المنطقة؛ بالعكس فهي لاعب أساسي بها"، مشيرا إلى أن "التنسيق بين الدول الثلاث يبدأ حاليا بالضغط على تركيا بملفات تجعلها تتقوقع داخلها لفك الارتباط بينها وبين دول المنطقة وخاصة قطر".
أبو الخير، أكد لـ"عربي21"، أن "دخول تركيا بثقلها وقوتها مع قطر أفسد المخطط ضد الدوحة"، موضحا بقوله: "ولذلك يتم افتعال أية مشاكل حدودية أو داخلية لتركيا حتى تنسحب أو تتراجع عن المنطقة العربية وحتى لا تؤثر على ما يخطط لها".
وكشف الأكاديمي المصري، أن "من ضمن برامج زيارة السيسي في قبرص؛ لقاء المعارضة التركية بهدف افتعال أزمات داخلية تهدد الداخل التركي لشغله عن أزمات المنطقة وخاصة مقاطعة قطر".
وعن ملف الغاز أكد أبو الخير أن "السيسي تنازل عن حقوق مصر من الغاز بالمياه الإقليمية بموجب اتفاقية لا يجوز التراجع عنها، وإن كانت مخالفة صراحة للقانون الدولي الجديد للبحار واتفاقية (جامايكا لعام 1982)، خاصة قواعد وأحكام تحديد المناطق التي تخضع لسلطات الدولة مثل المنطقة الاقتصادية الخالصة".