معلق بارز يتحدث عن أهمية "القوة الناعمة" لدى إسرائيل

أكد معلق عسكري إسرائيلي بارز، أن "إسرائيل" ونخبتها السياسية والأمنية، لا تستخدم قدراتها الناعمة التي باتت أداة مهمة في العالم لتحقيق إنجازات إقليمية سياسية، وهي لا تزال تعيش في العصر القديم؛ عندما كانت الحلول العدوانية هي من يقرر المصير.

عمليات الانتقام 

وقال المعلق العسكري البارز في صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، أليكس فيشمان: "العناوين تبدو وكأنها مستمدة من القرن الماضي؛ السوريون يطلقون الصواريخ نحو مناطق مفتوحة، إسرائيل تدمر مدافع سورية، إيران تهدد بنشر قوات في سوريا..، والجميع في إسرائيل يصفقون للقيادة السياسية الأمنية".

وأضاف ساخرا من السياسة الأمنية التي تعتمدها الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو: "ها قد أظهرنا لهم ما هو الردع، لكن المقصود هنا سياسة أمن إقليمية.."، مؤكدا أن "هذا عرض كاذب لقيادة ترى بالكاد طرف أنفها، وتنشغل من الصباح إلى الليل في إطفاء الحرائق". 

وأوضح فيشمان، أن القيادة السياسية الأمنية الإسرائيلية، "هي قيادة ترى الأمن القومي من خلال القصبة الإقليمية الضيقة، فكل شيء لا يتعلق بحركة حماس أو حزب الله وإيران، يبدو وكأنه غير موجود، وكأن العالم من حولنا لا يتحرك، وما زلنا عالقين في عصر الحلول العدوانية على شاكلة عمليات الانتقام والعقاب، كنشاط سياسي أمني رئيسي". 

ورأى المعلق الإسرائيلي، أن "النخبة السياسية والأمنية الحالية في إسرائيل لا تحل أو تعالج المشاكل، بل تدفعها ببساطة إلى الجيل القادم عبر استخدام القوة". 

الدائرة النووية 

وأشار إلى أن "مفهوم الأمن الإسرائيلي، تم صياغته خلال فترة الحرب الباردة، وفي حينه كانت هناك قوتان عظيمتان، هما الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، وكانا يسيطران على إنتاج واستخدام الأسلحة النووية، وعلى مر السنين، وضعتا قاعدتين للعب خلقتا الردع المتبادل".  

وقدر فيشمان، أن فرصة إشعال نزاع نووي في الفترة الماضية تلك، كانت "منخفضة"، مشيرا إلى أن "الزمن تغير، واليوم هناك تسع دول نووية في العالم، وهي تعمل في ساحات مختلفة، كما أنها تهدد باستخدام أسلحتها النووية حتى في الصراعات المحلية؛ مثل الهند باكستان". 

وتابع: "لا توجد قواعد واضحة للعب اليوم، وليست هناك مراقبة لعدد الصواريخ التي يمكن أن تحمل رؤوس حربية نووية"، موضح أن "العالم اليوم أصبح مكانا أخطر بكثير من حيث التهديد النووي مقارنة بما كان عليه في ستينيات وثمانينات القرن العشرين، وسيزداد هذا الأمر سوءا في العقد القادم، عندما تنضم بلدان أخرى إلى الدائرة النووية". 

وفي هذا "العالم المتفجر، علينا أن نكون حذرين جدا، فعندما تقصف سوريا اليوم، عليك أن تأخذ في الاعتبار أنه قد يكون هناك رد فعل إقليمي متسلسل بل حتى رد فعل عالمي، وبالمقياس نفسه، الأزمة بين الهند وباكستان، أو نتيجة لأزمة نووية بين أمريكا وكوريا الشمالية"، وفق المعلق الإسرائيلي. 

النشاط السري 

وأشار فيشمان، إلى أنه "في مثل هذه الحالة من اللعب النووي غير الواضح، تعتمد الدول بشكل أكبر على استخدام القوة الناعمة، وبشكل أقل على استخدام القوة العسكرية لحل المشاكل". 

ولفت إلى أن الحديث يدور عن "كل الآليات التي لا تستخدم سلسلة متفجرة لتحقيق الأهداف السياسية ومنها: الدبلوماسية، رافعات الاتصالات، العوامل الاقتصادية، الحرب النفسية، حرب السايبر والنشاط السري، وباختصار؛ عدد أقل من الدبابات والمزيد من العقول"، مضيفا: "لكن إسرائيل ليست هناك حتى الآن". 

وبين المعلق الإسرائيلي، أنه "ليس من قبيل المصادفة أن يتم دفع تل أبيب بعيدا عن الاتفاق النووي مع إيران، ويتم إبعادها عن الاتفاق في سوريا، وذلك لأنها لا تستخدم الوسائل اللينة التي تمتلكها من أجل تحقيق إنجازات إقليمية سياسية". 

وقال: "عندما لا تتمكن من ممارسة القدرات اللينة، فما يتبقى هو تدمير المدافع السورية الثلاثة، وخلق وهم لدى الجمهور بأنه تم حل المشكلة". 

ونبه فيشمان، أن "لدى إسرائيل قدرات لينة؛ دفعت حماس إلى أذرع مصر، وهذا مثال على الإنجاز الاستراتيجي الناجم عن التحركات الاقتصادية والدبلوماسية الصحيحة، وبالتالي ليس من الضرورة دائما ضرب الرأس في الحائط".