ملفات وتقارير

مصر في عهد السيسي بين "شبه الدولة" و"فوبيا إسقاط الدولة"

"الدولة أنا وأنا الدولة" - أ ف ب
"الدولة أنا وأنا الدولة" - أ ف ب
فاجأ قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي؛ الحضور في ختام جلسات مؤتمر الشباب بالإسكندرية، الأربعاء، بأنه يجب على المصريين أن يكون لديهم "فوبيا" من إسقاط الدولة المصرية، وذلك بعد عام من مقولته الشهيرة بأن "مصر حاليا ليست دولة حقيقية، وإنما هي شبه دولة"، في أيار/ مايو 2016.

ويرى معلقون أن السيسي دأب على تخويف المصريين من سقوط الدولة لتبرير وجوده، وتأنيبهم على اختيارهم لأول رئيس مدني منتخب (محمد مرسي)، وتكريس فكرة فشل التجربة المدنية في الحكم، من ناحية، وإنقاذ مصر من مصير سوريا والعراق بفضل "الجيش"، من ناحية أخرى.

الحكم وعقدة العسكر

وقال رئيس حزب البناء والتنمية السابق، والقيادي في الجماعة الإسلامية، طارق الزمر، لـ"عربي21": "رغم تخبط تصريحات السيسي عموما وتضاربها، إلا أنها تكشف عن احتقار شديد للقوى المدنية وتهوين للشعب"، مضيفا: "في خضم ذلك يتذرع بحماية الدولة التي لا تعني إلا كرسي الحكم، ولا تعني إلا أنه يريد أن يحكم للأبد".

وتابع: "الحقيقة أن الحكم العسكري لا زال يستغل حكم مرسي لمدة عام أسوأ استغلال، فهو في الوقت الذي يستخدمها في تشويه الحكم الإسلامي، فهو أيضا يريد أن يقول إن هذه نتائج حكم المدنيين وأنه لا بديل إلا الحكم العسكري.. وهو هنا يضع الحقيقة التي نؤكد عليها دوما بين قوسين، وهي حقيقة أنهم يرفضون حكم المدنيين، إسلاميين كانوا أو علمانيين، وهو ما يوجب توحدنا لإنقاذ البلاد من هذا الحكم العسكري الديكتاتوري الفاشل"، على حد قوله.

ورأى الزمر أن التصعيد الجديد في مواجهة ثورة يناير التي اتهمها السيسي بمحاولة إسقاط الدولة؛ "يؤكد أن الثورة لا تزال حية، وأنها تمثل تهديدا حقيقيا لإمكانيات استمرار الحكم العسكري، لكن ما ينقصها هو إعادة ترميم مظلة يناير، وعندها سيتقوض الحكم العسكري الذي فشل على مدى عقود ستة، وتتوج هذا الفشل بحكم السيسي عندئذ يمكن استكمال مشروع يناير وتتحقق أهدافها"، كما قال.

عجلة غسيل الأدمغة

من جهته؛ قال المحلل السياسي المقيم بالولايات المتحدة، أحمد غانم، إن "ترسيخ مفهوم أن الاستقرار مرادف للحكم العسكري، وأن المعارضة خيانة وعمالة للأعداء هو مفهوم قديم منذ انقلاب 1952 وبداية دولة العسكر في مصر".

وأشار، في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن "السيسي يسير في نفس المنظومة الفكرية التي ترسخ لذلك من خلال نفس الأدوات الإعلامية التي كانت موجودة حتى قبل ثورة 25 يناير"، مضيفا: "السيسي لم يخترع جديدا ولم يبتكر عجلة غسيل الأدمغة التي تدور في مصر منذ أكثر من 60 عاما"، على حد تعبيره.

وحول ما ذهب إليه السيسي بأنه يعتبر نفسه والدولة وجهان لعملة واحدة، أكد غانم أن "السيسي صادق مع نفسه، فهو يؤمن إيمانا عميقا أنه هو الدولة والدولة هو، تماما مثل كل الديكتاتوريات التي يتوحد فيها الملك نصف الإله مع الدولة، فيصبحان كيانا واحدا"، مضيفا: "مبارك قال أنا أو الفوضى في هذه الدولة، ثم جاء السيسي ليقول أنا الدولة".

"شبه الدولة" و"إسقاط الدولة"

واتهم الكاتب الصحفي، أحمد حسن الشرقاوي، السيسي بقلب الحقائق، وقال لـ"عربي21": "عندما يزعم أن الحكم المدني فشل فإنه يكذب؛ لأنه أُفشِلَ ولم يْفشَل. بل إن العكس هو الصحيح، الحكم العسكري هو الذي فشل طوال 65 عاما، ولم يتم التمكين للحكم المدني في بداية الانقلاب العسكري الأول مع الرئيس محمد نجيب وانتهاء بانقلاب السيسي على الرئيس الشرعي المدني المنتخب محمد مرسي".

وأوضح أن "انتقاله (السيسي) من وصف مصر بأنها شبه دولة إلى تحذيره من إسقاط الدولة؛ يعكس حالة التشويش والخلط التي يعاني منها السيسي، فإن تحدث عن مؤسسات شعبية مثل البرلمان أو أية مؤسسة تعبر عن الشعب فهي في نظره شبه دولة، وإذا جال في خاطره هاجس الإطاحة بكرسي الحكم الذي يجلس عليه فهو في نظره إسقاط للدولة"، بحسب تعبيره.

وذهب إلى القول: "الرجل يخلط عن عمد أو بدون قصد، لا فرق، بين الدولة من ناحية والنظام من ناحية أخرى، ويوظف هذا الخلط المتعمد في الدفاع عن كرسي الحكم؛ لأنه همه وشغله الأول والأخير"، كما قال.

قرار القاهرة بأبو ظبي

أما عضو الجبهة الوطنية المصرية، أحمد البقري، فرأى أن "الدولة المدنية هي من جعلت القاهرة محط أنظار العالم عقب ثورة يناير، وجعل العالم يترقب قرارها، أما الآن فمصر تحت حكم الجنرالات للأسف أصبحت تابعة لإماراة أبوظبي في مواقفها السياسية".

وأضاف لـ"عربي21": "العسكر على مدار التاريخ هم من أهدروا قيمة المواطن قبل الوطن، وهنا أعني فئة الجنرالات المتحكمة والمستفيدة، وليس الجيش كمؤسسة وطنية، فالعسكر على مدار التاريخ باعوا الوهم للناس بحجة الأمن القومي، وفي الواقع وصلنا بعد 60 سنة من حكمهم إلى انهيار في التعليم والصحة والاقتصاد والسياسية والأمن"، وفق تقديره.
التعليقات (2)
واحد من الناس .... الجزاء من جنس العمل .... ماذا لو؟
السبت، 29-07-2017 07:07 ص
ماذا لو قام رافضوا الانقلاب بالخارج بعملية قرصنة الكترونية على مؤسسات الدولة المصرية من بنوك و مطارات و بورصة و مؤسسات أخرى حساسة كما قامت دول الحصار بقرصنة الكترونية على وكالة الانباء القطرية؟؟؟؟..... ساعتها سيسقط العسكر بدون ادنى شك
مصرى
السبت، 29-07-2017 05:06 ص
النظام الذى يعتبر التفكير والاختلاف جريمة لا يمكن ان يبنى دوله لانه لن يعلم ابدا حين يخطىء انه مخطىء لانه فقع كل العيون وقطع كل الالسنه التى تنبهه الى خطأه ..ان الدول تقوم بجمع عقول كل ابنائها وليس واحد او عشره،فى مصر قد تلقى فى السجن لاعتراضك بالكلمه على قرار حكومى او تفنيده لاظهار خطأه ،لقد تحطمت الدولة بالفعل على يد العسكر والشرطة،ولم يحدث ابدا ان استطاع نظام عسكرى أن يبنى دولة لانه نظام لا يرى الا نفسه وان يعطى الاوامر او يأخذها من اسياده والاعلى رتبه،فكيف يبنى دوله ،انه نظام لا يملك القدرة على التفكير والتخطيط والتراجع عن الخطأ والانقياد لذوى الخبرة والعلم،نحن ضعنا وتحطمت دولتنا ومن الممكن جدا ان ادخل السجن لانى كتبت هذا الرأى