نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا علميا للصحافي جيكوب باول، حول
التغيرات المناخية في
الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مشيرا إلى أن الشرق الأوسط حار في الصيف، وهذا ما يعرفه أي شخص عادي، إلا أن العلماء يحذرون من أن التغيرات المناخية قد تتسبب بأضرار كبيرة هناك.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن العلماء يقولون إن المنطقة قابلة للتأثر بشكل أكبر من ارتفاع درجات الحرارة على مستوى العالم، بما في ذلك موجات حر قاتلة، وجفاف، وارتفاع مستوى المياه في البحار.
وينقل الكاتب عن العالم في وكالة ناسا وفي معهد "غودارد" للدراسات الفضائية الدكتور بنجامين كوك، قوله إن المنطقة قابلة للتأثر أكثر من غيرها بالتغير المناخي، ويضيف: "منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وحوض البحر الأبيض المتوسط يجب أن تتوقع تراجعا في مياه الأمطار، والمزيد من الجفاف، والمزيد من درجات الحرارة العالية".
ويتابع كوك قائلا: "إن المنطقة كلها حساسة للجفاف؛ بسبب قلة الموارد المائية، وهي منطقة نتوقع أن تكون الآثار المترتبة على الجفاف فيها، بسبب التغيرات المناخية، مهمة جدا، ويمكن أن يكون لارتفاع مستوى الماء في البحر آثار كبيرة في المناطق الساحلية خاصة، وفي المدن والبلدات التي هي على مستوى سطح البحر".
ويذكر الموقع أن كوك حذر من أنه "كلما سرنا نحو المستقبل زادت الحرارة، وكانت الآثار أقوى"، لافتا إلى أن تقريرا صدر عن معهد "تشاتام هاوس"، يشرح كيف يهدد التغير المناخي الأمن الغذائي العالمي، بالضغط على عدد قليل في الشرق الأوسط من "نقاط الاختناق"، وهذه هي قناة السويس والمضايق التركية ومضيق هرمز ومضيق باب المندب، وكلها مراكز شحن رئيسية لأسواق الأغذية العالمية.
ويورد التقرير نقلا عن تقرير "تشاتام هاوس"، قوله: "إن التغير المناخي سيوسع الهوة بين فائض الأطعمة في مراكز الإمداد والعجز في المناطق المحتاجة، متسببا بحركة أكبر لشحن الأغذية حول العالم".
ويقول باول إنه إذا تسبب التغير المناخي بتعطيل تلك المرافئ، من خلال تكرار الإعصارات الشديدة، وارتفاع مستوى البحار وموجات الحر الشديد، فإن هذا يعني أن أسعار الغذاء العالمية سترتفع كثيرا، وستعاني البلدان الفقيرة، مثل اليمن، من النقص.
ويلفت الموقع إلى أن
الدراسة تقول إن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عرضة بشكل خاص للتأثر بالتغير المناخي، مشيرا إلى أن المنطقة هي أكثر مناطق العالم اعتمادا على الأغذية المستوردة، وأكثر من ثلث الأغذية الأساسية تمر عبر إحدى نقاط الاختناق تلك.
وتقول الدراسة: "إن بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعتمد على القمح المستورد عبر البحر الأسود، الذي ينقل قبل ذلك عبر سكك الحديد والموانئ الروسية والأوكرانية، ويستمر من خلال المضايق التركية".
وتضيف الدراسة أنه لو أغلقت أي منطقة من تلك المناطق، لأي سبب من الأسباب، فإنه لا توجد طرق أخرى، ما سيؤدي إلى فقدان التوازن "في وصول العديد من دول المنطقة إلى السوق"، وتتابع قائلة: "العلاقة التاريخية بين فقدان الأمن الغذائي وزعزعة الاستقرار السياسي والاجتماعي تجعل تعرض المنطقة لمخاطر نقاط الاختناق مصدر قلق بحد ذاته".
ويفيد التقرير بأن البلدان التي تستخدم مضيق هرمز مدخلا إلى موانئها، مثل الكويت وقطر والإمارات، التي تعتمد عليه لاستيراد 80% من قمحها، هي بالذات معرضة للتضرر من إغلاقه لأي سبب، مشيرا إلى أن الخليج بالذات معرض لتكرار متزايد لموجات الحر القاتل، بسبب التغيرات المناخية.
ويذكر الكاتب أن فريقا من العلماء من جامعة ماساتسوستس التكنولوجية نشر دراسة عام 2015، قال فيها لأول مرة إن ارتفاع معدل الحرارة على مستوى العالم يزيد من احتمال حصول موجات حر قاتلة في العقود القادمة في الخليج.
وينقل الموقع عن أستاذ الهندسة المدنية والبيئية في الجامعة، وأحد مؤلفي تقرير الدراسة الدكتور الفاتح الطاهر، قوله إن العلماء وجدوا من خلال استخدام نماذج محاكاة للمناخ بأن عددا من مناطق الخليج ستصبح غير قابلة للحياة في العقود القادمة.
وأوضح الطاهر قائلا: "درسنا توقعات الظروف الحرارية في حدود نهاية القرن.. وبدلا من استخدام الحرارة العادية التي يعرفها الجميع استخدمنا متغيرا يسمى (حرارة اللمبة المبللة)، وهو متغير تقاس فيه الحرارة والرطوبة، وعندما ننظر للأمور من خلال ذلك هذا المتغير نجد أن منطقة
الخليج العربي تصل إلى مستويات عالية خلال الصيف؛ درجات أكبر من أي منطقة في العالم".
وينوه التقرير إلى أن الطاهر أشار إلى أن درجات الحرارة قد تصل إلى مستويات أعلى من أن يستطيع الإنسان العيش فيها، وأكد أن العتبة هي 35 درجة مئوية، مشيرا إلى أن هذه الحرارة هي للأشخاص القادرين، وهذا يعني أن الأشخاص الذين يعانون من مشكلات صحية، والأطفال، وكبار السن، فإن عتبة البقاء على قيد الحياة لديهم أقل.
ويوضح باول أن العتبة لدرجة حرارة اللمبة المبللة تعني أن الناس لن يستطيعوا تبريد أنفسهم من خلال العرق وحده، وهنا تصبح إمكانية البقاء على قيد الحياة مهددة إن كانوا في الخارج في تلك الظروف لحوالي 6 ساعات، لافتا إلى أن هذا يعني ببساطة أن العتبة القاتلة هي عندما تصل درجات الحرارة العادية إلى 46 درجة مئوية مع رطوبة بنسبة 50%.
وينقل الموقع عن الطاهر، قوله: "إنه من المتوقع أن يصل الخليج إلى هذه العتبة قبل أي منطقة أخرى على وجه الأرض"، منوها إلى أن بلدة بندر ماهشهر الإيرانية على ساحل الخليج تجاوزت في تموز/ يوليو عام 2015 تلك العتبة، فوصلت درجة الحرارة إلى 46 درجة مئوية، والرطوبة 90%، لكن لمدة عدة دقائق فقط.
ويضيف الطاهر للموقع: "إذا ذهبت إلى الدوحة في الصيف، فإن ما يزعجك في الواقع أكثر من الحرارة، أنها حارة ورطبة.. وحيث الريح تهب من الشمال في سيناريوهات التجارب، فإن البلدان مثل دبي وأبو ظبي والدوحة هي بالذات أكثر عرضة لموجات الحرارة القاتلة تلك، على غير ما هي عليه غيرها من مناطق الخليج، مثل الكويت وجنوب العراق".
ويستدرك التقرير بأن الطاهر أكد أن تلك السيناريوهات، حتى في نموذج التغيرات المناخية، "قليلة جدا"، لافتا إلى أن دول الخليج قد تتعرض لهذا النوع من موجات الحر القاتلة في نهاية القرن، كل عشر سنوات أو هكذا هو التقدير.
ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالقول إنه بغض النظر، فإن التغيرات المناخية هي التي جعلت وقوع مثل هذا الأمر في حيز الممكن، حيث يقول الطاهر: "إنه ظرف مبالغ فيه، ونأمل ألا يحدث، ونأمل أيضا أن يؤخذ موضوع التغير المناخي مأخذا جادا، لكن النماذج تظهر إمكانية وقوع ذلك".