يكثف رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، فائز السراج، هذه الأيام؛ لقاءاته في الداخل الليبي، سواء بقيادات عسكرية أو ناشطين مدنيين، خاصة بعد لقائه الأخير باللواء خليفة
حفتر في أبو ظبي؛ والذي قابله استهجان كبير في طرابلس.
وفي سياق هذه التحركات، التقى السراج في العاصمة طرابلس، وفدا من "أعيان وحكماء"
ليبيا، وخاصة من مدينة بني وليد (شمال غرب ليبيا)، بهدف "استعراض الأوضاع في هذه المناطق والعمل على المصالحة الوطنية الشاملة، وإعادة بناء الثقة بين أبناء الوطن الواحد"، بحسب المكتب الإعلامي للحكومة.
وبحسب مراقبين، فإن أغلب اللقاءات التي يجريها السراج حاليا، لا سيما لقاءه الأخير بعمداء
القبائل، هي محاولة منه لكسب ورقة مهمة فى ميزان التوازنات فى الداخل الليبي، وسط تخوفات من استغلال السراج ذلك في محاولة تسويق نفسه رئيسا قادما لليبيا، أو استغلال سطوة القبيلة في ردع مخالفيه ومناويئ حكومته.
غير مؤثرة
من جانبه، رأى رئيس مجلس أعيان ليبيا للمصالحة (مستقل)، محمد المبشر، أن "مثل هذه الاجتماعات الجزئية لا يمكنها دعم موقف السراج، لعدم تأثير أعيان القبائل على المجموعات المناهضه لـ(المجلس) الرئاسي بشكل مباشر، ويبقى دورها في محاولة تقريب وجهات النظر"، حسب قوله.
وأضاف في تصريح لـ"عربي21": "لا أعتقد أن السراج سيستغلها (القبائل) في أي شيء، ويكون دور القبيلة فاعلا في المشهد في إيجاد أرضيه للمصالحة فقط".
لكن الناشط السياسي الليبي، أسامة كعبار، أكد أن "القبيلة فى ليبيا لها ثقلها الاجتماعى والسياسي، والذي من خلاله تفرض نفسها من خلال المحاصصات القبلية والجهوية في المشهد السياسي الليبي"، مضيفا لـ"عربي21": "تواصل السراج مع أعيان ومشايخ القبائل وضمان تأييدهم وولائهم له؛ هو بمثابة كسب لورقة مهمة فى ميزان التوازنات، لكن الدولة المدنية تتعارض مع سطوة القبيلة ونفوذها السياسي، وهذا سيضع السراج فى حرج"، وفق تقديره.
القبيلة وحفتر
وزير التخطيط الليبي الأسبق، عيسى تويجر، رأى من جانبه؛ أن "القبيلة هي الإطار التنظيمي الوحيد للمجتمع المدني في ليبيا وسط غياب الأحزاب وهشاشة منظمات المجتمع المدني الوليدة، ومثال ذلك، دعم القبائل في الشرق الليبي لحفتر ما مكنه من السيطرة على المنطقة الشرقية".
وتابع: "قيام السراج بالتواصل مع القبائل خطوة مفهومة، ونرجو أن يتم استغلالها لتحقيق الإستقرار وليس كأساس للحكم والبقاء، كما فعل معمر القذافي من قبل، وإذا استطاع السراج توحيد ليبيا وقيادة البلاد إلى نظام ديمقراطي فسيكون جديرا بأن يكون رئيس ليبيا القادم"، كما قال لـ"عربي21".
في المقابل، قال المحلل السياسي الليبي، وليد ماضي، لـ"عربي21"، إن "السراج يبحث عن توافق مفقود"، مشيرا إلى أن "مشكلة اتفاق الصخيرات الذي جاء بالسراج، أنه وضع العربة أمام الحصان ولم يك معبرا عن أي نوع من التوافق الاجتماعي، وهو ما يحاول السراج تعويضه"، على حد قوله.
وأضاف: "السلام الحقيقي هو الذي ينطلق من القاعدة الأعلى للهرم، وهي حقيقة لمسها السراج بعد تجربة، إذ وقف على حقيقة أن الدعم الغربي والإقليمي له لا يغني عن عملية سلام شاملة تقتضيها الأزمة الليبية"، وفق تقديره.
شرعية السراج
من جهته، رأى الباحث من الشرق الليبي، أحمد الشركسي، أن "السراج يريد سحب البساط، ولو جزئيا من تحت أقدام مناهضيه"، معربا عن اعتقاده بأن "السراج يتخوف جدا من فشل
الاتفاق السياسي؛ لأن هذا الفشل سيكون مرتبطا بإسمه، لذا فهو يحاول الارتباط بكل الأطراف ومحاولة خلق الاستقرار ليحسب له لا عليه"، كما قال.
ورأى الناشط السياسي الليبي، فرج فركاش، أن "هذه اللقاءات رغم أنها تضفي نوعا من الشرعية الداخلية للمجلس الرئاسي، إلا أنها لا تأتي إلا في إطار معرفة مشاكل ما تعانيه بعض المناطق وبعض البلديات ومتطلباتهم، ولا يمكن قراءتها من أي زاوية سياسية أخرى"، وفق قوله لـ"عربي21".