نشر موقع "ديلي بيست" مقالا للكاتب كلايف إيرفينغ، حول
فضيحة التحرش الجنسي في قناة "
فوكس نيوز".
ويتساءل الكاتب عما إذا كان صاحب القناة روبرت
ميردوخ قد غض الطرف عن التحرش الجنسي في الشبكة، وإن كان قد فعل الشيء ذاته في فضيحة التنصت على الهواتف في صحيفة "نيوز أوف ذي وورلد" ما دامت تؤدي إلى نتائج، و"هل يطيح الابن بالأب لكون مشروع العائلة التجاري يواجه أزمة؟".
ويقول إيرفينغ في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، إن "المرء قد يتخيل لدى قراءة ما يكتبه المعلقون أن (فوكس نيوز) هي المؤسسة
الإعلامية الوحيدة التي يقوم فيها المديرون الكبار بالضغط على الموظفات الموهوبات للاستسلام لهم جنسيا ليحصلن على ترفيع في العمل، لكن الواقع غير ذلك، فهذه المشكلة موجودة في كل مكان عمل ليس فيه توازن في السلطة بين النساء والرجال، وهذا هو واقع المؤسسات التلفزيونية والسينمائية كلها، فلطالما كان سرير مدير توزيع الأدوار هو الطريق إلى النجومية".
ويستدرك الكاتب بأن "الفرق هنا هو حجم المشكلة: فقد انتشر التحرش الجنسي إلى حد أصبح كأنه مقنن له في المؤسسة، لكن شجاعة النساء اللواتي كشفن هذه الثقافة الفاسدة ستجعل (21 سنتشري فوكس) أول إمبراطورية إعلامية تدفع الثمن المترتب عليها، وتقوم بتعديل سلطات المديرين".
ويعلق إيرفينغ قائلا إنه "من الواضح أن كثيرا من النساء في (فوكس نيوز) شعرن بأنهن يعملن في مكان طبقت فيه الإدارة (قوانين ماخور)، حيث تقوم الجهة المسؤولة عنه بتقديم أفضل ما عندها لأهم العملاء، والتهم الموجهة لكل من روجر إيلز وبيل أورايلي (التي ينكرها كل منهما)، فأقل ما يقال عنها إنها رهيبة وتسيء جدا إلى السمعة".
ويضيف الكاتب أن "هناك ظروفا خاصة خلف هذه الصورة البائسة، وقد تكون خاصة بـ(فوكس)، فالعمل فيها كان في يد جيل من المديرين الذين يشعرون أنهم أحرار في تصرفاتهم، وكأننا لا نزال نعيش في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، حيث يمكن تبرير النزوات الجنسية بصفتها جزءا من حالة التحرر الجنسي الجديدة، التي عدها البعض تحالفا بين الجنسين اتفقا من خلاله على التخلي عن الحياء".
ويرى إيرفينغ أنه "لا مفر هنا من التطرق إلى (الحوت) المتربع على عرش الإمبراطورية ودوره في تشكيل ثقافتها".
ويقترح الكاتب العودة إلى بدايات روبرت ميردوخ، حيث "كان مراسلا لصحيفة (ديلي إكسبرس)، التي كان يملكها اللورد بيفربروك، وكغيره من الأثرياء استغل اللورد بيفربروك ثراءه للحصول على الجنس، وكان عاديا أن يطلب من الصحافيات الواعدات أن يقمن بزيارته في فيلته في جنوب فرنسا، حيث كانت المداعبة تتضمن أن تلبس الموظفة معطفا من الفرو فقط ثم تقوم بنزعه ببطء".
ويشير إيرفينع إلى أن "ميردوخ كتب، بصفته متدربا في غرفة أخبار صحيفة (ديلي إكسبرس) في خمسينيات القرن الماضي، أهله في أستراليا عما سماه (ماخور بيفربروك)، وأظهر نفسه عندما كتب عن هذه المواضيع بأن لديه موقفا أخلاقيا أعلى من ذلك".
ويبين الكاتب أنه "عندما صدر تقرير كينزي عام 1953 بعنوان (السلوك الجنسي لدى أنثى الإنسان)، فإن رد فعل الصحافة في وقتها كان لا يخلو من النفاق، فمن ناحية كانت الصحافة سعيدة بفتح باب الحوار في العادات الجنسية، وفي الوقت ذاته فإنها أظهرت الصدمة بأن مناقشة الأمور الجنسية أصبحت أمرا عاديا إذا ما ألبست ثوب العلم".
ويقول إبرفينع إن "ميردوخ عكس الحيرة ذاتها، وأظهر درجة من السذاجة، ففي برقية أرسلها إلى مدير الصحيفة التي تملكها عائلته في أديلاد في أستراليا نبهه لأهمية التقارير الإخبارية، لكنه وصف تقرير كينزي بأنه (وثيقة منافية للعقل) مبنية على مقابلات مع (خمسة آلاف امرأة يحببن الاستعراض والتبجح وجر الرجل)، وقال إن صحيفة (ديلي إكسبرس) لن تنشر كلمة من التقرير، واقترح ألا تنشر صحيفتهم شيئا عنه، حيث قال: (الزنا والاستمناء والشهوة غير مناسبة لعائلات أديلاد)".
ويورد الموقع إلى أن ميردوخ أرسل رسالة لاحقة، قال فيها: "أرجو ألا تكون ملاحظاتي حول (تقرير) كينزي أساءت لك، لدي شعور قوي نحو هذا الموضوع، فالجنس ليس تخصصنا، خاصة عندما يكون متصنعا.. ويمكن لنا أن نحذر قراءنا من ذلك دون نشر الأرقام المصطنعة، لكن هذا فقط".
ويتساءل الكاتب: "هل تغير هذا الموقف؟"، ويجيب قائلا إنه "عندما أطلق ميردوخ في أواخر ستينيات القرن الماضي صحيفة (الصن) في لندن بشرت بالنجاج والاتجاه الذي ستسلكه إمبراطوريته الإعلامية المستقبلية.. حيث كانت أكثر جرأة في استغلال الجنس، وكان ناشرها مستعدا لنشر صور شبه عارية، وكانت صحيفته تنشر كل يوم صورة لفتاة مكشوفة الصدر، واعتبر هذا أمرا جديدا في الصحافة البريطانية ساعد في مبيعات الصحيفة".
ويلفت إيرفينغ إلى التحولات الثقافية التي مر بها الغرب في الستينيات من القرن الماضي، ما أدى إلى تنحية الرقابة والحياء جانبا، وسمح باستخدام الكلمات النابية على "بي بي سي" وفي المسارح، وبدأ يسمح بالمشاهد الجنسية في الأفلام، مستدركا بأنه "مع ذلك، فإن ميول ميردوخ الاجتماعية بقيت هي ذاتها هي السائدة في الريف الأسترالي، ولا ينفي أنه أظهر تسامحا مع التصرفات الشبابية الرعناء؛ كنوع من قبول الذكورية المسيطرة بصفتها نظاما طبيعيا، ولم يحدث أن تورط ميردوخ في قضية جنسية، إلا أنه لم يحذر ضد ذلك، خاصة إن كانت تؤدي إلى نتائج".
وينوه الكاتب إلى أنه بالنسبة لحياة ميردوخ الخاصة، فإنه تزوج أربع مرات، ولكن ليس في ماضيه ما يشير إلى أنه بدرجة فسق روجر إيلز أو بيل أورايلي.
ويقول إيرفينغ: "واضح أنه سمح لنجلي ميردوخ جيمس ولاخلان بأن يقوما بفصل من يرون أن فصله مناسب من الإدارة للحفاظ على سمعة (21 سنتشري فوكس)، كما اعتبر فصل إيلز، مؤسس (فوكس نيوز)، على أنه منعطف يؤذن بتغير في الجيل المتحكم".
ويستدرك الكاتب بأنه "في الوقت الذي يتم فيه فصل مدير تلو الآخر، فإن هذه الاستراتيجية تخفي مسؤولية روبرت ميردوخ، حيث لا يوجد أي دليل على أن تسامحه مع التصرفات الطائشة قد تغير ما دامت تلك التصرفات تأتي بنتائج، فيبدو طبيعيا أن يغض الطرف عن التصرفات التي قد يعدها إيلز مسموحا بها وعادية في مجال نفوذه، فلماذا يتدخل المسؤول الكبير إن كان إيلز يحقق نتائج مالية رائعة؟".
ويعتقد إيرفينغ أن "نجاح ميردوخ في عدم تحمل أي مسؤولية شخصية عن قضية (فوكس نيوز) يشبه نجاحه في عدم تحمل المسؤولية في فضيحة التنصت في غرفة أخبار (نيوز أوف ذي وورلد) في لندن، حيث تم التنصت على أكثر من سبعة آلاف هاتف، بما في ذلك هاتف طالبة المدرسة التي قتلت وعائلات ضحايا هجمات 2005 وعائلات الجنود المقتولين في العراق وأفغانستان".
ويفيد الكاتب بأن الصحافي الاستقصائي من صحيفة "الغارديان" نيك ديفيس وصف غرفة أخبار "نيوز أوف ذي وورلد"، بحيث "كشف عن مكان عمل مسموم، يعمل فيه الناس لساعات طويلة، ويتم تعاطي الكحول والمخدرات والجنس العابر.. كل ذلك مألوف، والقوة المسيطرة هي الخوف، وطريقة ميردوخ في إدارة الموظفين هي الاستبداد وسجلات الأداء للمراسلين، فمن انخفض إنتاجه يتم تحذيره، ومن يفشل في ذلك يفصل من عمله".
ويتساءل إيرفينغ عن "مبلغي 13 مليون دولار، التي دفعت لتعويض متهمي أورايلي، و23 مليون دولار، لتعويض متهمي إيلز، ومن أين أتت هذه الأموال، ولم كانت مخبأة عن المستثمرين؟".
ويقول الكاتب إن "المسألة لا تتوقف على إصلاح الخلل فيما حصل في أمريكا، فجيمس ولاخلان ميردوخ قلقان حول ما سيحصل لمحاولاتهما السيطرة على (سكاي ساتلايت) في أوروبا، خاصة أن تلك المحاولة فشلت سابقا بسبب فضيحة التنصت على الهواتف في لندن".
ويختم إيرفينغ مقاله بالإشارة إلى "أهمية الدور الذي أدته صحيفتان صغيرتان من صحف ميردوخ، هما (الصن) و(ديلي ميل)، في دفع التصويت في استفتاء بريكسيت نحو الخروج من أوروبا".