يعلق النظام الانقلابي في
مصر آمالا كبيرة على عودة العلاقات الدافئة مع
السعودية إلى سابق عهدها، بعد فتور وحملات إعلامية متبادلة بين البلدين استمرت أكثر من نصف عام، بحسب مراقبين أكدو أن الانقلاب يطمع في أن تساهم الرياض في انتشاله من كبوته
الاقتصادية.
وكان قائد الانقلاب عبدالفتاح
السيسي قد زار الرياض لمدة يوم واحد فقط، الأحد الماضي، التقى خلاله العاهل السعودي
الملك سلمان بن عبدالعزيز، إيذانا ببدء عودة العلاقات بين النظام الانقلابي والرياض.
واحتفى الإعلام المصري بإعلان عودة الاستثمارات السعودية بعد تعليقها في أعقاب التوتر الذي نشب بين البلدين، والذي توقفت الرياض على أثره عن تزويد القاهرة باحتياجاتها من النفط، وعلقت استثمارات بقيمة 30 مليار ريال سعودي (ثمانية مليارات دولار) كان الملك سلمان بن عبدالعزيز قد أمر بتوجيهها إلى الأسواق المصرية في 2015، إضافة إلى دعم حركة النقل في قناة السويس.
وشكلت المساعدات والمعونات الخليجية، وخاصة السعودية، في عهد الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، حجر الزاوية في مساعدة الاقتصاد المصري، والحيلولة دون انهياره؛ من خلال إرسال مليارات الدولارات، وضخ النفط بسخاء، وفتح صنابير الاستثمارات في العديد من المجالات طيلة قرابة أربع سنوات.
وتحتل السعودية المرتبة الأولى في قائمة الدول العربية المستثمرة بالسوق المصري، بإجمالي استثمارات يتجاوز ستة مليارات دولار، في حين تبلغ الاستثمارات المصرية في السوق السعودي حوالي 2.5 مليار دولار، ويبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 4.3 مليار دولار حتى نهاية العام الماضي.
المعونات السعودية لن تتكرر
وأرجع أستاذ التمويل والاقتصاد بجامعة صباح الدين زعيم بإسطنبول، أشرف دوابة، عودة العلاقات بين السعودية والنظام الانقلابي بمصر، إلى "تعليمات من الولايات المتحدة الأمريكية"، لافتا إلى أن "ذلك ظهر جليا بعد لقاء ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لترامب في واشنطن، ليتبع ذلك إعادة شركة أرامكو تزويد مصر بالنفط".
وقال لـ"
عربي21" إن "الدعم الاقتصادي الخليجي لم يتوقف عن مصر، ولكنه أصبح قليلا ومرتبطا بأمور عينية أساسية، وخاصة بعد أن
منح الخليج السيسي 50 مليار دولار ولم يجدوا لها أثرا"، مشيرا إلى أن "العلاقات بين الطرفين ستعود، ولكن سيبقى هناك نوع من الجفاء المقترن بالدعم الخفي".
وقلل دوابة من أثر الاستثمارات السعودية المرتقبة في مصر، قائلا إن "الاستثمارات السعودية لن تغني نظام السيسي شيئا، ولن تحقق له ما يرجوه؛ لأن جميع ما حصل عليه النظام الانقلابي من مال خليجي؛ لم يصاحبه أية نزاهة أو شفافية".
سداد الدين
أما أستاذ الإدارة الاستراتيجية، والخبير الدولي في الإصلاح المؤسسي، أحمد صقر عاشور؛ فرأى أن "الاعتماد على المعونات أو القروض ليس في مصلحة الاقتصاد المصري في المديين المتوسط والبعيد"، مضيفا أن "حالة الاقتصاد بمصر تعطي إشارة إنذار خطير في ما يتعلق بحجم الدين الكلي، وقدرتها على سداده".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "الدين إن لم تقابله استثمارات تدر عوائد تمكن مصر من السداد؛ فإن ذلك سيضعها في دائرة الخطر"، محذرا من أن "المعونات الخارجية تحمل من ورائها أجندة سياسية، فلا شيء يُعطى بدون مقابل".
لن نعيش على المعونات
بدورها؛ قالت عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس نواب الانقلاب، بسنت فهمي، إن "الاقتصاد المصري يجب أن يستفيد من أي علاقات متوازنة، ولا يوجد داع لعمليات الشد والجذب الإعلامي، خاصة أن منطقتنا العربية غنية بالثروات".
وأضافت لـ"
عربي21": "السعودية ومصر دولتان كبيرتان، فإن لم تتمكنا من إيجاد معادلة للعيش بين الدول الكبيرة الأخرى؛ فلن يستطيعا العيش في أمان واستقرار".
وتابعت: "لا نريد علاقة قائمة بين البلدين على طلب المساعدات أو المعونات.. ما نريده هو استثمارات، فالمعونات مصيرها إلى الزوال، وسنأكل بها قليلا ثم تنتهي".
وقالت إنه "لا يمكن أن تبقى مصر عبئا على الآخرين طوال الوقت"، مؤكدة أن "هناك ثروات كثيرة في مصر يمكن استثمارها مع السعودية؛ بعد إيجاد مناخ جاذب للاستثمار".