يخوض
العرب الأحواز في
إيران تحركا سياسيا وقانونيا لطرح مشروع إعادة الشرعية لدولة الأحواز قبل احتلالها من إيران عام 1925.
وقال رئيس اللجنة التنفيذية لاستعادة شرعية الأحواز، عارف الكعبي، في حوار مع "
عربي21" إن "التحرك وجد قبولا وتفهما عربيا، بعد سلسلة لقاءات مع مسؤولين وشخصيات خليجية وعربية".
وكشف الكعبي عن "طرح مشروع تأسيسي لإعادة الشرعية لدولة الأحواز على جامعة الدول العربية وعلى مجلس التعاون الخليجي؛ في محاولة لنيل مقعد عضو مراقب في الجامعة"، مشيرا إلى وجود معارضة لذلك من بعض الدول العربية.
"
عربي21" حاورت الكعبي، الذي سلط الضوء على قضة الأحواز العرب في إيران.. فإلى نص الحوار:
ضعنا في صورة قضية الأحواز في إيران؟
الأحواز دولة خليجية غنية بالنفط، تقع تحت الاحتلال الإيراني منذ 92 عاما، وتسمى عربستان، ويطلق على هذا الإقليم اسم "
الأهواز" بالفارسية؛ لأن الفرس لا ينطقون حرف الحاء العربي.
وكانت الأحواز إمارة عربية مستقلة قبل سقوطها عام 1925 قبل تأسيس الدول العربية الحديثة، وتقع في الطرف الشرقي للهلال الخصيب، الذي يبدأ عند السهول الفلسطينية وينتهي عند الأحواز، مرورا بلبنان وسوريا والعراق.
وتبلغ مساحة الأحواز 374 ألف كلم مربع، باحتساب الساحل الشرقي والشمالي للخليج العربي، بالإضافة إلى الجزر الأحوازية المتناثرة التي تحتلها إيران على أساس اتفاقية ثنائية بينها وبين الاحتلال البريطاني في عام 1960، والتي منحت بريطانيا فيها أيضا الجزر العربية التي تقع في المنتصف الشمالي بالخليج لطهران، في غياب طرف عربي رسمي آنذاك.
وقضية الأحواز العربية؛ بدأت مأساتها منذ 1925 عقب اغتيال الشيخ خزعل الكعبي في المعتقل على يد قوات الشاه الفارسي الإيراني.
ويبلغ عدد سكان الأحواز أكثر من 13 مليون نسمة، حسب الإحصائيات الرسمية الإيرانية، ويشكل نفط وغاز الإقليم 86 بالمئة من إجمالي صادرات إيران النفطية، واحتياطي الأحواز من النفط والغاز يشكل 15 بالمئة من الاحتياطي العالمي على التوالي.
وتتمتع الأحواز بـ35 بالمئة من المياه العذبة الإيرانية، وتنتج أكثر من 25 بالمئة من مجموع المحاصيل الزراعية في إيران، حسب التقارير الرسمية لوزارة الزراعة، فضلا عن الثروة الاقتصادية الهائلة التي تتمثل في العديد من مناجم النحاس والزئبق والحديد والحجر الأحمر والرصاص والمنغنيز والكبريت وحجارة الكلس والسيليكات والإسمنت الأسود والأبيض والذهب والملح وغيرها.
ويصل حجم الصادرات والواردات الإيرانية من خلال موانئ الأحواز إلى أكثر من 85 بالمئة.
ما هي تحركاتكم القانونية لاسترداد الشرعية لدولة الأحواز؟
تحركنا خليجيا وعربيا لطرح مشروع إعادة الشرعية لدولة الأحواز، ليرتسم عهد جديد لقضيتنا العادلة، ونوضح رؤيتنا لأشقائنا العرب أن الأحواز دولة عربية محتلة ذات شرعية قانونية، وفق القانون الدولي المنصوص عليه في عهد ما قبل الاحتلال، حيث كان للأحواز دور مهم وفعال وحضور في رسم السياسة لمنطقة الخليج العربي، وهذا يؤكد عروبة الأحواز وأصالتها.
وقد كان لحاكم الأحواز الشيخ خزعل وقفات عربية ثابتة بدعم ومساندة الأشقاء العرب ونصرة القضايا العربية، وجاء اليوم الذي يقف فيه الأشقاء العرب لدعم القضية الأحوازية، والدفع بها إلى جامعة الدول العربية للحصول على مقعد مراقب، ليتم بعدها الاعتراف بالأحواز دولة عربية محتلة من قبل إيران.
كيف كان الموقف العربي من مشروعكم؟
لمسنا موقفا إيجابيا وتقبلا واضحا ومفهوما لمشروع إعادة الشرعية في المحيط الخليجي والعربي، وذلك بعد أن التقينا مسؤولين وشخصيات وبرلمانيين أكدوا لنا أن هذا المشروع سيكون الحل الأمثل لما يعانيه الشعب الأحوازي، ويجمد ويوقف سياسة إيران التوسعية التمددية في المنطقة.
تسعون لمقعد عربي في الجامعة العربية.. هل طرحتم ذلك رسميا؟
قبل القمة التي انعقدت في الأردن بستة أشهر؛ كنا في جولة مكوكية ابتداء من دول الخليج ومرورا بالأردن وحتى القاهرة؛ من أجل التمهيد لحضورنا القمة، لكن للأسف في الأسابيع التي سبقت القمة؛ أخبرنا الأردنيون أن المملكة مضيفة للقمة ولا تستطيع توجيه دعوة، ويجب مناقشة ذلك مع الأمانة العامة للجامعة العربية، وذهبنا على الفور إلى الأمانة العامة في القاهرة، واستمعنا للمسؤولين هناك عن الأسباب التي دفعتهم لرفض حضورنا، وكان الرد مخيبا لآمالنا بأن بعض الدول العربية التي ما زالت في الفلك الإيراني؛ تعارض حضورنا، أو حتى مناقشة قضيتنا في الوقت الراهن.
تم طرح المشروع التأسيسي بكل الأدلة والثوابت، ووفق محاور قانونية على جامعة الدول العربية وعلى أشقائنا في مجلس التعاون الخليجي، ونطمح لنيل مقعد عضو مراقب في الجامعة، وأن تخرج القمة العربية المقبلة بقرارٍ جديد تجاه قضية الاحتلال الفارسي الإيراني لدولة الأحواز العربية.
ما هو موقف الشيعة الأحواز من مشروعكم؟
صراعنا، هو صراع عربي فارسي أو قومي، والاضطهاد الذي يمارسه الفرس الصفويون في الأحواز لم يفرق بين سني وشيعي ما دام يجمعهم أصل عربي، فلم يكن الاعتقاد المذهبي سببا للنجاة من الإقصاء والتعذيب والاعتقال.
والشعب الأحوازي شعب واعٍ ومتفهم متعايش منذ زمن بعيد، وظهرت حالات بعد الاحتلال الإيراني للأحواز تتمثل بالتمييز العنصري والقومي، حيث أراد المحتل أن يطمس الهوية العربية بكل الوسائل وبقوة، إلا أن تماسك الشعب الأحوازي للحفاظ على وحدته الاجتماعية بمختلف طوائفه، وتمسكه بعروبته؛ قطعا الطريق على المحتل.
وزادت سياسة المحتل الإيراني بتمزيق وحدة الشعب الأحوازي بعد مجيء الثورة الخمينية، التي عمدت إلى خلق الطائفية المقيتة في أوساط الشعب الواحد، واضطهاد الجميع من دون استثناء. ولكن الشعب الأحوازي يعرف تماما ما يسعى إليه المحتل الإيراني من إحداث شرخ ديني عقائدي اجتماعي، ولذلك لم تشهد الأحواز أي صراع طائفي بين عموم مجتمعه.
كيف تتعامل إيران مع الأقليات غير الفارسية؟
تعامل النظام الإيراني مع الأقليات غير الفارسية يشكل انتهاكا صارخا لجميع حقوق الإنسان، وفيه تقييد للحريات والرأي، والتعامل بكل قسوة وجحود وإقصاء.
نسمع عن حالات إعدام واعتقالات بحق الأحواز العرب.. ما حقيقة ذلك؟
تعد إيران ثاني أكثر دولة في العالم ينفذ فيها حكم الإعدام بعد الصين، وكان للأحوازيين حصة الأسد في هذه
الإعدامات؛ بسبب قومتيهم وعقيدتهم وعدم تقبلهم لولاية الفقيه، أما الاعتقالات فهي مستمرة وشبه يومية بحق أبنائنا وبناتنا؛ بسبب دفاعنا عن العروبة والإسلام وأرض الأحواز.
كيف تقوم إيران بتغيير الخارطة السكانية للأحواز ومحو التراث العربي؟
هذه السياسة تواصلت منذ احتلال الأحواز، فقد دُمرت الكثير من الأبنية الأثرية والقصور، وتم القضاء على الهوية التراثية العربية لمدن أحوازية، مثل المحمرة، والفلاحية، والحويزة، وعبّادان، إذ تجهض السلطات الإيرانية محاولات الناشطين الأحوازيين تسجيل المعالم الأثرية في قائمة المعالم الوطنية أو الدولية للحيلولة دون هدمها.
ويقوم مسؤولون ايرانيون بإصدار تصريحات لهدم العديد من المباني الأثرية التي يتجاوز عددها الـ80 أسبوعيا، وعلى سبيل المثال؛ يتعرض حي العامري الأثري في الأحواز وأحياء في المحمرة وعبادان للهدم العشوائي..
في حين تقوم السلطات الإيرانية بتصنيف بعض المباني الفارسية في المنطقة، وتعمد إلى تطويرها ووضعها في قائمة المباني الأثرية، ولا نرى مثل هذا الاهتمام بالنسبة للمعالم الأثرية العائدة للشعب الأحوازي.
وإن سياسة هدم المعالم، والتغيير الديمغرافي، وفرض اللغة الفارسية على عرب الأحواز، وحرمانهم من تعلم لغتهم الأم، وتدمير البيئة وكل ما ينتمي لأرض الأحواز؛ قد يعطي نتيجة مرحلية للسلطات الإيرانية، لكن سياسة التمييز والقهر لن تثمر عن شيء، ولن تجدي هذه الأفعال نفعا سوى زرع الكراهية، ورفع مستوى الطموح لدى الأحوازيين لبناء كيانهم المستقل، بعيدا عن القهر والاستعباد.