يواجه
التعليم في
اليمن تحديات لا حدود لها، في ظل استمرار الحرب التي ساهمت في حرمان ملايين
الأطفال من الالتحاق بالمدارس في مختلف مناطق البلاد.
وقال تقرير حديث لمركز الدراسات والإعلام التربوي (منظمة مستقلة) إن ما لا يقل عن ثلاثة ملايين طفل حرموا من مواصلة التعليم في العام الدراسي 2016- 2017 -حسب التقويم الزمني الرسمي- بسبب إغلاق
المدارس والتدمير الذي تعرضت له المئات منها، بالإضافة إلى تحويل المئات منها إلى ثكنات عسكرية ومراكز إيواء لاجئين وفارين من الحرب، فضلا عن المخاطر الأمنية التي تتهدد الأطفال.
وأضاف التقرير، الذي خصت "
عربي21" بنسخة منه، الأحد، أن هذا الرقم مخيف جدا، ويكشف عن أسوأ الفترات التي يمر بها التعليم، مقارنة بالعامين السابقين، حيث قدر عدد الذين حرموا من الالتحاق بالمدارس بسبب ظروف الحرب بـ1,3مليون طالب.
وذكر المركز اليمني أن نحو 3000 إلى 3700 مدرسة تأثرت بالحرب، ما بين التدمير الكلي أو الجزئي، بالإضافة للإغلاق التام كونها تقع في مناطق ملتهبة أو تم السيطرة عليها من جميع الأطراف.
وقال إن هذا الوضع ساهم بشكل كبير في الانحدار السريع والمخيف في آن واحد للعملية التعليمية، وبروز ظواهر عدة، منها "تسيب وتسرب أعداد كبيرة من الطلاب؛ لعدم وجود أماكن بديلة، وإن وجدت فهي مدارس مكتظة، وللجنسين معا".
ورصد المركز توقف التعليم تماما في محافظات عدة منذ بداية العام الدراسي؛ لوقوع تلك المناطق على خطوط المواجهات العسكرية الدامية، ومن تلك المناطق "مديرية صرواح في محافظة مأرب، ومديرتا الغيل والمتون في محافظة الجوف (شمال شرق).
واقع المعلمين ونفسياتهم
وعرض التقرير واقع المعلمين وحالاتهم النفسية، الذين قال إنهم تأثروا كثيرا على مدى عامين من الحرب، فمنهم من فر ولم يتمكن من العودة إلى منطقته، وقسم آخر -وهو عدد محدود- استمر في عمله، لكن وضعهم النفسي صعب جدا؛ بسبب توقف الأجور منذ 6 أشهر، وحالات التهديد التي يتعرضون لها في حال عزفوا عن التدريس.
وتفيد التقديرات -وفقا لمركز الدراسات التربوي- بأن 48 في المئة من المعلمين التزموا بعملهم خلال النصف الأول من العام الدراسي الجاري.
ولفت إلى أن المعلمين اليمنيين يتعرضون لإجراءات تعسفية غير قانونية، سواء من قبل وزارة التربية والتعليم في الحكومة الشرعية بمدينة عدن (جنوبا)، أو من قبل سلطة الحوثيين في صنعاء، تتمثل في "تنفيذ عمليات نقل واسعة لمعلمين من محافظة إلى أخرى دون أي استنادات قانونية"، وهذا يعدّ أحد أسباب الانهيار القائم، إلى جانب عملية "استبدال معلمين أساسيين بآخرين، في مسار تعسفي تغيب عنه المعايير والإجراءات القانونية".
التعديلات
من زاوية أخرى، أكد مركز الإعلام التربوي أن خطة التعديلات التي قام بها الحوثيون في المناهج الدراسية أوجد نوعا من "فقدان الثقة" بالتعليم لدى أولياء أمور الطلاب، وأفرز تخوفات كبيرة أيضا. موضحا أن القوانين الدولية تحرم إجراء أي تعديلات انفرادية للكتاب المدرسي في فترات النزاعات والصراعات السياسية، بل عدّها بالمخالفة للتوجهات الدولية للتعليم في حالات الطوارئ.
وكان مسؤول يمني رفيع في الحكومة الشرعية اتهم، في تصريح خاص لـ"
عربي21"، منظمة "يونيسف" بتمويل الحوثيين بـ"ألف طن" من الورق لطباعة مناهج دراسية، خضعت لتعديلات تحمل توجهات الجماعة الطائفية.
ظاهرة حمل السلاح
علاوة على ذلك، أورد المركز في تقريره ظاهرة جديدة، وهي "حضور بعض الطلاب إلى المدارس حاملين للسلاح"، الأمر الذي تسبب في سقوط قتلى وجرحى.
وأضاف أن هذه الظاهرة برزت جليا في إحدى مدارس صنعاء، عندما حضر أحد الطلبة مدججا بـ"قنابل عدة"، انفجرت إحداها أثناء فترة الاستراحة، وأوقعت ما يقارب 14 بين قتيل وجريح في وقت سابق من العام 2016.
وبحسب تقديرات منظمات دولية، فإن أكثر من 1500 طفل قتلوا في الحرب، وأصيب 2450 آخرون، بينما يظل القسم الأكبر منهم بانتظار مستقبل مجهول.