تشن وسائل إعلام مقربة من قائد الانقلاب في مصر، عبدالفتاح
السيسي، حملة هجوم شرسة على
جمال مبارك، نجل الرئيس
المخلوع حسني مبارك، وصلت إلى حد تهديده صراحة بإعادته للسجن مجددا.
وتزامنت هذه الحملة مع تكرار ظهور جمال مبارك في مناسبات اجتماعية متعددة ليثير تكهنات حول طموحه السياسي، ورغبته في تحدي السيسي في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وكانت صفحة "آسفين يا ريس" قد دشنت الأسبوع الماضي حملة لترشيح جمال مبارك في انتخابات الرئاسة المقبلة، وطالب الناشط المثير للجدل سامح أبو عرايس، مدير حملة "أبناء مبارك" عبر موقع "فيسبوك" بـ"تحالف جمال مبارك بمشروعه الإصلاحي، مع جماعة الإخوان المسلمين بمشروعها الإسلامي، لانتشال مصر من الأزمة التي تسبب فيها السيسي".
أمير الانتقام
وكتب الصحفي المقرب من الأجهزة الأمنية، دندراوي الهواري، مقالين متتاليين، الاثنين والثلاثاء، في صحيفة "اليوم السابع" التي يشغل منصب رئيس التحرير التنفيذي بها، تحمل تهديدا مباشرا وصريحا لمبارك ونجليه.
وتحت عنوان "أبناء مبارك أخطر من الإخوان.. يعبدون الفرد ويكرهون الوطن" كتب الهواري يقول إن "دراويش مبارك يحاولون إعادة تدوير الزمن والاستثمار في مشاعر الناس بالابتزاز الرخيص، أو المقارنة بين النظام الحالي وما تمر به البلاد، وبين نظام مبارك"، وأضاف: "أقول لأبناء مبارك؛ إنكم أصبحتم الوجه الآخر لجماعة الإخوان وحركة 6 إبريل والاشتراكيين الثوريين".
وفي مقال سابق الاثنين الماضي، تحت عنوان "أصابع جمال مبارك وآسفين يا ريس لحرق مصر" هدد الهواري جمال مبارك، قائلا إنه "من الغباء أن تهدر رصيد الستر في مشروعات سياسية خاسرة تقضي على مستقبلك".
وأضاف: "مبارك وعائلته أنقذهم الله من تسونامي ثورة 25 يناير، ولولا وقوف المؤسسات الرسمية في وجه طغيان الإخوان؛ ما استطاع مبارك وأسرته تجاوز مخططات الجماعة الإرهابية للتنكيل بهم، وبدلا من تطليق السياسة والتخلص من شبق السلطة ومطاردة الأضواء؛ وجدناهم يتخذون من المنبر الذى دشنه أبناء مبارك تحت اسم (آسفين يا ريس) وسيلة للانتقام من خصومهم السياسيين".
وتابع: "كنا نفسر تصرفات أبناء مبارك المتسقة مع جماعات متطرفة وحركات فوضوية؛ بأن مبارك وأسرته ليس لهم علاقة بما تنشره صفحة (آسفين ياريس)، لكن حضور جمال مبارك زفاف آدمن الصفحة؛ أكد علاقته المباشرة بمحتوى ما ينشر عليها".
ومضى يقول: "جمال مبارك لديه إصرار عجيب على خوض معارك دامية مرتديا عباءة أمير الانتقام القادم من السجن لينتقم من خصومه، دون أن يدري أنه يلعب بالنار، وأن أبناء مبارك يمارسون نفس الدور الذي لعبه الإخوان والحركات الفوضوية نحو دفع البلاد للفوضى".
ورأى أن "زمن مبارك وأسرته انتهى، ولن يكون يوما جزءا من المستقبل، وعلى جميع أسرة مبارك أن ينأوا بأنفسهم عن مستنقع تأجيج الفتن والفوضى، وأن لا يكونوا سببا في ثورة أخرى ستقضي على الأخضر واليابس وتطول رقابهم أولا، ويجب عليهم أن يكونوا جزءا مهما من أمن واستقرار الوطن، لا معاول هدم في يد جماعات إرهابية وحركات فوضوية".
صراع أجهزة
من جهته؛ قال الباحث السياسي محمد السعيد، إن "مبارك وابنه جمال انتهيا ولم يعد لهما وجود سياسي"، مشيرا إلى أن "ما يحدث الآن هو استمرار لصراع الأجهزة الأمنية الذي ظهر منذ ثورة كانون الثاني/ يناير 2011، وزادت حدته بعد عزل الرئيس
محمد مرسي في تموز/ يوليو 2013" على حد وصفه.
وأضاف السعيد لـ"
عربي21" أن "أجهزة أمنية بعينها عادت لتمسك ببعض الملفات السياسية، وتحاول أن تلهي الناس في معارك محسومة، وتلقي الضوء عليها حتى تشغل الرأي العام لفترة معينة، وتثير حالة من اللغط في الشارع، لتبعد الناس عن مشاكلهم اليومية التي تنغص عليهم حياتهم".
وأوضح أن "النظام كلما وقع في أزمة كبيرة؛ لجأ إلى استغلال سيرة مبارك وأولاده كل فترة، بدءا من خبر وفاة مبارك، وانتهاء بثروته وترشح ابنه للرئاسة، حتى يجعل الناس تتكلم عن مبارك ونظامه، وينسون الأزمات المحيطة بهم".
النظام يخشى مفاجآت جمال مبارك
لكن أستاذ العلوم السياسية مصطفى كامل، رأى أن النظام الحالي لديه تخوفات حقيقية من عودة نظام مبارك متمثلا في ابنه جمال، وخاصة بعد الحملات التي نظمها نشطاء محسوبون على نظام مبارك، والتي تدعو إلى ترشيح جمال مبارك للرئاسة العام المقبل.
وقال كامل لـ"
عربي21" إن "النظام يخشى ارتفاع شعبية جمال مبارك، في ظل تراجع شعبية السيسي، بسبب الأزمات المتكررة في الشارع المصري، على الرغم من صعوبة حصول جمال على فرصة كبيرة في العودة للساحة السياسية مرة أخرى".
وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن "الإعلاميين المؤيدين للنظام الحالي لا يحتاجون إلى تلقي تعليمات من الأجهزة الأمنية حتى يقوموا بمهاجمة جمال مبارك؛ لأنهم يعملون وفق استراتيجية واضحة، وهي انتقاد أي شخص أو كيان يعارض النظام، أو يلمع نجمه على حساب النظام، حتى لو كان هذا الشخص أو الكيان مقربا منهم، فهؤلاء الإعلاميون يُسمح لهم فقط بالظهور في وسائل الإعلام؛ لأن أسيادهم راضون عنهم".