كشف مركز دراسات الدبلوماسية
الإيرانية، الذي يعد من أهم المراكز المقربة لوزارة الخارجية الإيرانية، عن صدمة إيرانية وشيكة فيما يخص الملف السوري.
وقال المركز في التقرير الذي اطلعت عليه "
عربي21"، إن إيران اقتربت جدا من الصدمة المتوقعة في الملف السوري، وإنه سيتم إزاحة إيران بسبب التفاهمات التركية- الروسية- الأمريكية الأخيرة.
واستشهد التقرير بالمثل الروسي الذي يقول: "عندما لا تكون جالسا على الطاولة، فسوف تؤكل أنت على الطاولة"، مضيفا أن "إيران لم تكن موجودة على الطاولة في أنطاليا، ويبدو أنها ستؤكل على الطاولة".
ولفت المركز الإيراني إلى محادثات "أستانا" التي جرت بين هيئة الأركان المشتركة التركية والأمريكية والروسية بخصوص الأزمة السورية، مشيرا إلى صمت المسؤوليين الإيرانيين.
وقال إن الصمت الإيراني ازداد وبقوة، رغم شبهة إزالة الدور الإيراني في الملف السوري ببطء.
وانتقد مركز دراسات الدبلوماسية الإيرانية القول بأن روسيا ضامنة لمصالح إيران في
سوريا، موضحا أن "هذا الأمل والقول بأن الروس يضمنون المصالح الإيرانية في محادثات أستانا غير مقبول؛ لأن الدخول القوي لروسيا في الساحة السورية، وتأدية الدور القيادي في تحرير حلب، وموافقة الولايات المتحدة الأمريكية على ذلك، يمكن أن يُفهم منه أن ما يُقدم لروسيا سيكون مقابله تقليص دور إيران في سوريا".
وتابع بأن "تصريحات مندوبة الولايات المتحدة في مجلس الأمن الدولي عن ضرورة خروج القوات الإيرانية من سوريا، في ظل دخول تركيا في مواجهة مع القوات الكردية التي تدعمها أمريكا في منبج، تحتاج إلى تحليل وتأمل معمق جدا".
تركيا والملف السوري
وحول زيارة أردوغان إلى موسكو، قال المركز الدبلوماسي، إن "زيارة الرئيس التركي إلى موسكو تمثل استعراضا دبلوماسيا لبلاد فشلت سياستها في المنطقة، وسيتباحث أردوغان مع بوتين في القضايا التي تخص العلاقات بين البلدين، إضافة إلى سوريا والعراق والأكراد، وشراء منظومة S400 الدفاعية".
وحول الدعاية التي تروج في إيران عن فشل تركيا في سوريا، مقابل انتصار إيران، رأى التقرير أن التحليلات التي تقول إن إيران انتصرت وتركيا فشلت في سوريا، هي أقرب إلى "الرغبات".
وقال: "من خلال نظرة أكثر عمقا للقضية، نرى أنه على الرغم من أن تركيا لم تصل إلى أهدافها الرئيسية في سوريا، فقد استطاعت تعطيل المعادلات التي كانت لصالح إيران، وعلى أقل تقدير أصبحت التطورات التي تشهدها سوريا الآن ليست في صالح إيران".
واعتبر تقرير المركز أن تقدير الموقف الإيراني عن طبيعة الخلافات والأزمة بين تركيا وأمريكا وحتى مع روسيا، كان "خاطئا جدا."
وقال: "نحن في إيران ليس لدينا القراءة الصحيحة عن طبيعة الخلافات التركية مع أمريكا أو حتى روسيا، وأن نوع هذه الخلافات تختلف عن الخلافات التي بين إيران وأمريكا، حيث إن تركيا ستتوصل في نهاية المطاف من خلال المفاوضات إلى حل مع أمريكا، في حين أن الخلاف بين إيران وأمريكا وصل إلى طريق مسدود."
وبالعودة إلى مفاوضات أنطاليا، قال المركز الإيراني: "محادثات أنطاليا تعدّ متعددة الأوجه"، موضحا ذلك في نقطتين :
أولا: انعقاد الاجتماعات في تركيا يحمل رسالة من أنقرة إلى طهران، وهي: "أين تقف تركيا من حيث التطورات المتعلقة في سوريا وإيران؟ وأين مكانتها؟
ثانيا: رغم أن موسكو وواشنطن لاعبان رئيسيان في هذه المحادثات، ولكن بعد روسيا وأمريكا تمت مراعاة وجهة نظر تركيا كأهم وجهة نظر في المنطقة في هذه المحادثات، ومن وجهة نظر الروس والأمريكان، فإن اعتبارات أنقرة مقدمة على اعتبارات طهران في نتائج هذه المحادثات".
وحول مفاوضات أستانا المقبلة، قال المركز الإيراني: "نحن لم نكن في محادثات أنطاليا، وفي حال حضور أمريكا والأردن في اجتماع أستانا، سوف يكون وجودنا غير فعال، وهذه هي الصدمة التي تحدثنا عنها سابقا، ويجب أن نكون مستعدين لها".
وهاجم المركز الإيراني بشدة مسؤولي النظام الذين تحالفوا مع الروس في سوريا، قائلا: "الملاحظة هي عندما تم الاعتماد على حضورنا في سوريا، وربطه بوجود الروس، فهم سوف يشرعون في تقرير مصيركم (إيران) في سوريا".
وتابع المركز منتقدا السياسة الإيرانية، ومؤكدا حدوث صدمة وشيكة لإيران ومصالحها في سوريا، قائلا: "عندما وضعتم قاعدة عسكرية (قاعدة "نوجة" الجوية في همدان إيران) تحت تصرف الروس، هذا العمل في النظام الدولي سوف يُفسّر على أساس موازين القوى، ويمكن أن يصبح ذلك بحد ذاته تهديدا لنا."
وقال التقرير: "الصدمة تقترب، يجب أن نكون مستعدين لها لتقليل تأثيرها، وتأثير تبعاتها علينا".
ويرى مراقبون للشأن الإيراني من الداخل تتواصل معهم "عربي21"، أن "الانتقادات التي باتت توجه من قبل مراكز البحث ووسائل الإعلام المقربة من الحكومة الإيرانية، والإصلاحيين، للسياسة المتبعة في سوريا، تؤكد وجود خلاف واسع داخل البيت الإيراني، حول إدارة الأزمة."
ويضيف المراقبون أن الإصلاحيين، وبخاصة الحكومة الإيرانية، يتخوفون من أن يصادر الروس"تضحيات إيران واستنزافها العسكري والبشري في سوريا"، من خلال تفاهمهم مع الأتراك والأمريكان.