نشرت صحيفة "لوبوان" الفرنسية تقريرا، تحدثت فيه عن تبعات حكم تبرئة الرئيس
المصري المخلوع حسني
مبارك على الثورة المصرية.
وتساءلت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، عما إذا كانت تبرئة مبارك من الاتهامات بقتل المتظاهرين خلال ثورة 25 يناير سنة 2011 هي عودة النسخة العربية من
الديمقراطية لمرحلة الصفر، وعما إذا كانت هذه الخطوة بمثابة نهاية حقبة أو بداية عصر جديد، "أو محض انتقام للتاريخ".
وقالت الصحيفة إن أمل الحرية، الذي ولد في
تونس قبل ست سنوات، دفن فعليا في أرض الفراعنة؛ فبعد أن أعلن القضاء المصري براءة مبارك ومسؤولي نظامه الأمني من كل التهم الموجهة إليهم، تم القضاء بصفة نهائية على
الربيع العربي في مصر.
وأضافت الصحيفة أن القضاء المصري برّأ مبارك من تهمة قتل ما لا يقل عن 800 شخص في شباط/ فبراير سنة 2011، عندما حاول جهاز الأمن المصري الوقوف في وجه رياح الحرية في مصر، عن طريق إطلاق وابل من الرصاص على المحتجين، واللجوء إلى الضرب المبرح بالهراوات، فضلا عن ممارسة كل أشكال التعذيب.
وكان قد حكم على مبارك في البداية بالسجن مدى الحياة، بعد تولي محمد مرسي الرئاسة بمصر.
وأوردت الصحيفة أنه في أعقاب الانقلاب العسكري الذي دبره عبد الفتاح السيسي، قام نظام السيسي باعتقال قرابة 40 ألف معارض للانقلاب، سواء من الإخوان أو من المثقفين اليساريين أو من الصحفيين المستقلين. ومن جهة أخرى، قام السيسي بتلميع صورة النظام السابق، وتبرئته من جميع التهم الموجهة إليه.
وفي المقابل، ذكرت الصحيفة أن القضاء التونسي أدان الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي في أكثر من قضية، كما حُكم عليه بالسجن المؤبد في قضية القمع الدموي للمتظاهرين أثناء الثورة التونسية.
وفي هذا السياق، نقلت الصحيفة عن إحدى الأمهات التونسيات، خلال جلسات الاستماع العلنية الأولى لهيئة الحقيقة والكرامة، قولها: "لقد مات شبابنا حتى تمكنوا من تنفس هواء الديمقراطية".
وأصدر القضاء التونسي الأسبوع الماضي حكما بالسجن على ثلاثة وزراء من عهد بن علي. وعلى الرغم من كل العقبات التي وضعت في طريق العدالة الانتقالية، إلا أن المسار الانتقالي في تونس ما زال يتقدم بخطى ثابتة، ونجح في الخروج من عنق الزجاجة، والحفاظ على النهج الثوري، كما تقول الصحفية الفرنسية.
وأشارت الصحيفة إلى أن البلدان العربية فشلت في إقامة أنظمة ديمقراطية؛ نظرا لأنها انتقلت مباشرة من الاستعمار إلى الأنظمة الدكتاتورية التي سعت إلى فصل الدين عن الدولة، واتباع نهج لا يخدم إلا مصالحهم الشخصية.
ومن هذا المنطلق، كتب محمود حسين (وهو الاسم المستعار للمؤلفَين المصريَين بهجت النادي وعادل رفعت)، "إن القادة الشعوبيين للأنظمة الديكتاتورية يسعون إلى إحياء الأنظمة التقليدية الرجعية، وذلك بعد أن تفقد هذه الدكتاتوريات دعم شعوبهم".
وأردفت الصحيفة بأن فشل الأنظمة الحاكمة، الذي يعود بالأساس إلى إنشائها أنظمة بوليسية وفاسدة، من شأنه أن يخلق فرصا للحركات المتشددة للاستفادة من هذه الفجوة بين الدولة والشعب.
وأوضحت الصحيفة أن نموذج الحكم في تونس من المحتمل أن يكون الأفضل على الساحة العربية، خاصة أن تونس ستشهد انتخابات محلية حاسمة في شهر تشرين الأول/ نوفمبر، وتعدّ منعطفا سياسيا هاما في مسار الديمقراطية في البلاد، ومن شأنه أن يثبت أن تونس قادرة على الخروج من هذه المعادلة البائسة التي تحكم الوطن العربي، مشددة على أن "موت الثورة المصرية لا يعني بالضرورة نهاية التاريخ".