نشرت صحيفة "الفاتو كوتيديانو" الإيطالية تقريرا؛ تناولت فيه شهادة المعتقل السوري السابق، مازن الحمادة، حول ما تعرض له هو وآخرون من
تعذيب في
سجون النظام السوري.
وقالت الصحيفة في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن مازن الحمادة، البالغ من العمر 40 سنة، كان يعمل مهندسا في دير الزور، وتم القبض عليه من قبل قوات النظام على خلفية مساعدته لطبيبة طلبت الحصول على حليب لإرساله ضمن مساعدات مخصصة للمدينة.
وفي حديثه عن أساليب التعذيب التي شهدها في سجن المزة، التي ترك بعضها أثرا على جسده، قال مازن: "يومي لا يمضي دون التعرض إلى العصا والضرب بالحديد الساخن، ناهيك عن الممارسات الجنسية الوحشية التي تطال الرجال، باستخدام المعادن".
ونقلت الصحيفة عن مازن الذي لم يستطع منع دموعه من الانهمار من عينيه، قوله: "لقد أجبرني الجلاد على التبول على جثث مكدسة في الحمام، ولا أريد تذكر وجهه وهو ينظر مباشرة في عيني ويأمرني بذلك، ولا أريد أيضا استحضار حالة الذعر التي شعرت بها ولا زلت غير قادر على وصفها. وقد تبادر في ذهني حينها السؤال التالي: لماذا أبقاني الله على قيد الحياة لأعيش هذا الظلم؟ ألا أستطيع الموت والالتحاق بتلك الجثث المكدسة؟".
وذكرت الصحيفة أن مازن لم يعد قادرا على المشي كثيرا بسبب ما تعرض له من تعذيب. وفي هذا الصدد، قال مازن: "لقد كانوا يضربوننا بالحديد الساخن على الساقين، الأمر الذي سلبني القدرة على المشي والوقوف بشكل طبيعي. لم تكن هذه المرة الأولى التي يتم فيها اعتقالي، فقد زج بي في السجن ثلاث مرات في سنة 2011 و2013، وتعرضت للضرب المبرح؛ وذلك فقط لأننا كنا نحلم بدولة تضم جميع السوريين".
وأضاف مازن أنه كان يعلم بأمر الاعتقال الأخير الذي صدر ضده، ولكنه مع ذلك، عاهد نفسه على مساعدة الناس وتقدم لمد يد العون خلال عملية جمع المساعدات الإنسانية، حيث تم اعتقاله على إثر الاتصال الذي جمعه مع إحدى الطبيبات التي كانت تريد منهم إرسال بعض منتجات مسحوق الحليب إلى إحدى المناطق.
وفي سؤال الصحيفة عن تفاصيل عملية الاعتقال الأخيرة، أجاب مازن: "اتفقنا على الالتقاء في مقهى وسلمت الحليب البودرة إلى الطبيبة، وبعد فترة وجيزة دخل الضباط واقتادوني إلى السيارة بعد أن قاموا بتقييدي مثل وضعية الجنين".
وأفاد مازن قائلا: "دخلت إلى السجن معصوب العينين وكنت أشعر بأجساد المعتقلين الآخرين وأصواتهم حولي. بعد فترة وجيزة، دفعوا بنا نحو فضاء مفتوح وانهالوا علينا بالضرب لمدة ساعة على الأقل، ولم أتمكن من معرفة مكاننا إلا بعد مرور أسبوع على اعتقالنا داخل ذلك المكان الذي كان يضم 170 سجينا، في مساحة لا تتجاوز 84 مترا مربعا، نسير فيها على ركبنا وأيدينا خلف رؤوسنا".
وتحدث مازن الحمادة عن ظروف الاعتقال والسجن، قائلا: "لقد أجبرنا الضابط على الاعتراف بجرائمنا، ولم يقبل ردي الذي أتى بنفي ارتكاب أية جريمة، فهو لا يريد مني سوى الاعتراف بارتكابي جرائم المتاجرة بالسلاح والكفاح المسلح والإرهاب، وذلك لكي يتسنى له إعدامي".
وذكرت الصحيفة أن مازن أخذ المنديل والصحن الذي كان أمامه داخل المطعم الذي تم فيه اللقاء، وبدأ برسم هيكل السجن الذي كان فيه، أو بالأحرى الجزء الذي تسنى له رؤيته، وقال: "هذه تدعى ساحة التعذيب، وهو مكان واسع يحشد فيه الناس، وقد قام الضباط بتعليقي على الجدار الخارجي للمبنى الصغير الموجود هناك بسلاسل من حديد على المعصمين، وتركوني أحترق بأشعة الشمس لساعات، لدرجة أنني كنت على وشك الموت".
وتابع مازن قائلا: "الضباط وضعوا في فمي سلكا كهربائيا لكي لا أتمكن من الصراخ وسماع صوتي في أثناء ضربي بالعصا والحديد الساخن". كما تحدث مازن بلوعة عما اعتبره "أسوأ تعذيب"، وهي الممارسات الجنسية الوحشية التي كانت تسلط على المساجين باستعمال الحديد، والتي وصفها "بالمؤلمة والمهينة".
كما أفاد مازن أن "الضباط دائما ما كانوا يجبروننا على التنقل مشيا على الركبتين، وأيدينا خلف رؤوسنا وأعيننا في الأرض. بالإضافة إلى ذلك، لم يكن بإمكاننا الذهاب إلى الحمام سوى مرتين في اليوم، كل 12 ساعة، حيث كنا نقف أمامه صفا واحدا، ولا يمكننا المكوث داخله أكثر من دقيقة".
وأضاف أن "من يتجاوز الدقيقة يتعرض للعقاب، دون احتساب التعذيب الذي نتعرض له أثناء الانتظار، حيث يجبر السجناء على المرور على القضبان الحديدية، والضرب ينهال عليهم من كل صوب، وهي وضعية تجعلك تفضل ترك رفيقك في السجن يموت عندما يسقط على أن تساعده".
وأوضح مازن أنه "كل يوم يموت سجينان على الأقل بسبب الاختناق والأمراض الناجمة عن الأوساخ الموجودة داخل السجن، التي نكون مجبرين على نقلها ورميها في القمامة".
وتحدث مازن عن معاناته أيضا في مستشفى تشرين العسكري، الذي يرمز إليه بالرقم 601، والذي نُقل إليه بعد تدهور حالته الصحية وتعرضه لإصابات نتيجة التعذيب، مشيرا إلى سلوك الأطباء والممرضين في تعاملهم مع المرضى من المعتقلين.
وبيّنت الصحيفة أن مازن الذي قضى سنة وسبعة أشهر في السجن، أصبح يعيش في هولندا بعد خروجه من المستشفى والإفراج عنه، حيث توجه إلى أوروبا من أجل تقديم شهادته، كونه يعتبر أحد الناجين من التعذيب في السجون السورية.