تسري مخاوف في
بنغازي؛ من احتمال اندلاع اشتباك مسلح على أبواب جهاز الشرطة في المدينة بشرق
ليبيا، بعد رفض مدير أمن المدينة، العقيد صلاح هويدي، تسليم مكتبه، بموجب قرار للحكومة المنبثقة عن برلمان
طبرق؛ التي أعفته من منصبه.
ويعتبر هويدي أن "القيادة العامة للجيش (يقصد قوات خليفة
حفتر) وقائدها شخصيا (حفتر) طالبوه بعدم تنفيذ القرار"، بحسب تصريحات صحفية له الثلاثاء.
من جهتها، شددت الحكومة المؤقتة غير المعترف بها دوليا؛ على ضرورة سرعة تنفيذ قرار وكيل وزارة الداخلية، العقيد عادل عبد العزيز، الذي يحمل الرقم 143 لسنة 2017، الذي أعفى صلاح هويدي، وهو من أكبر الداعمين لحفتر، من منصبه، وتكليف العقيد صلاح الخفيفي مديرا لأمن بنغازي خلفا له.
وطرح هذا الصدام بين مدير أمن بنغازي والحكومة التابعة للبرلمان، عدة تساؤلات من قبيل: هل أصبح حفتر هو الحاكم الحقيقي هناك نيابة عن البرلمان والحكومة، خاصة أن المؤسستين لا يمكنهما اتخاذ أي قرار، لا سيما في الأمور الأمنية، إلا بالرجوع إليه؟ وهل الأزمة الأخيرة ستتحول إلى صدام مسلح بين مؤيدي حفتر ومؤيدي الحكومة المؤقتة في جهاز الشرطة؟
صراع أجنحة
وفي هذا السياق، يقول الناشط السياسي من بنغازي، فرج فركاش، إن "ما نراه الآن في الشرق الليبي ما هو إلا صراع أجنحة على المناصب هناك، مع اختلاق حجج واهية. فمثلا هويدي (مدير أمن بنغازي المُقال) زعم أن قرار إقالته لم يأت من الجهة المختصة، لذلك فهو باق في منصبه حتى يتم إصدار قرار من جهة الاختصاص، وهو يعني بذلك وزارة الداخلية التي ليس لها وزير حتى الآن".
وأضاف لـ"عربي21": "أصبح التخبط واضحا في بنغازي وغيرها من مدن الشرق، ومردود ذلك سلبيا على المواطن في هذه المناطق والذي يدفع ثمن هذا الصراع"، كما قال.
وقال أمين عام حزب الجبهة الوطنية الليبي، عبد الله الرفادي، لـ"عربي21"، إنه "فعليا وواقعيا لا يوجد شيء اسمه مجلس نواب أو حكومة مؤقتة، الأمر كله هناك بيد خليفة حفتر، وفقط، ولو أراد الأخير إقالة هويدي وغيره، فالقرار سينفذ في رمشة عين"، على حد وصفه.
صدام غير متوقع
وأعرب المحلل السياسي الليبي، خالد الغول، عن استغرابه من "تدخل خليفة حفتر في عمل الحكومة هناك، وإصدار أوامر لجهاز لا يتبعه أصلا". وأضاف متسائلا: "ماذا عن رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح الذي من المفترض هو القائد الأعلى للقوات هناك؟".
وتابع: "هذا التخبط يدل أن الديمقراطية هناك مزعومة ولا وجود لها، وأن الجيش بقيادة حفتر هم من يحكمون ويقررون"، لكنه استبعد "حدوث صدام مباشر في تلك المنطقة، لكن يظل الصراع على المناصب التي تؤخذ بالتنازلات وتقديم الولاءات"، وفق قوله لـ"عربي21".
ورأى الناشط السياسي الليبي، أسامة كعبار، أن "الأمور فى المنطقة الشرقية مؤخرا غير واضحة، فهناك صراع داخل معسكر حفتر وانشقاقات"، مشيرا إلى أن الثقة "انعدمت بين حفتر والكثير من القيادات الشعبية والأمنية، وحتى قيادات القبائل، وخاصة قبيلة العواقير (أكبر قبائل الشرق الليبي)".
وتابع لـ"عربي21": "منطق السلاح والقوة هو المتحكم هناك، وحفتر هو من يحكم منذ مدة طويلة، وهو متسلط على الجميع، ولا تجرؤ الحكومة أو البرلمان مخالفة أي أمر له، ومن ثم فهو الحاكم الفعلي هناك"، حسب قوله.
قذافي جديد
من جهته، قال الأكاديمي الليبي، محمد فؤاد، إن "خليفة حفتر أصبح يمثل القذافي الجديد فى المنطقة الشرقية، وهو المسيطر الفعلي هناك".
واعتبر فؤاد أن حفتر "كان واضحا منذ البداية أنه لا يؤمن بالدولة المدنية، ويرى ضرورة حكم العسكر وهو يسير فى مشروعه، ومجلس النواب ليس إلا واجهة فقط لهذا المشروع"، كما قال.
وأوضح لـ"عربي21" أن "هناك صراعات جانبية من قبل الذين استغلهم حفتر لمحاولة البقاء فى المشهد، وهذه الصراعات يؤججها حفتر ويقودها بكل مهارة معتمدا على دعم استخباراتى من بعض الدول الإقليمية".
الناشطة من مدينة بنغازي، هند باكير، قالت من جانبها؛ إن "الحكومة هناك هي نفسها تحت الإقامة الجبرية، وما هي والبرلمان إلا صورة شكلية يتم تحريكمها من قبل حفتر فقط عندما يصدر قرار من حكومة الوفاق في الغرب الليبي"، وفق قولها.
وتساءلت في حديثها لـ"عربي21": "لماذا حفتر هو من يسافر للخارج ويلتقي المسؤولين وينسق اللقاءات؟ هذا معناه فقط أنه الحاكم الحقيقي في الشرق الليبي"، مستبعدة "حدوث أي صدام بين جهاز الشرطة المؤيد لحفتر وبعض الضباط المؤيدين للحكومة، لأن الأخيرة لاحول لها ولا قوة"، بحسب تعبيرها.
وتواصلت "عربي21" مع المتحدث باسم قوات اللواء خليفة حفتر للوقوف على ملابسات تدخلها في قرار إقالة مدير أمن بنغازي، لكن جاء الرد في جملة واحدة: "لا تعليق لدينا بخصوص تصريحات مدير أمن بنغازي صلاح هويدي".