أظهرت دراسة جديدة أعدها عدد من معلمي
التربية الإسلامية في الضفة الغربية، تغييرات كبيرة شملها منهاج التربية الإسلامية للصفوف الأربعة الأولى، والذي أطلق بداية العام الدراسي الحالي (2016/ 2017).
وكشفت الدراسة التي اطلعت عليها "عربي21" أنه تم حذف 118 آية من أصل 169، و21 حديثا من أصل 51، اشتمل عليها المنهاج القديم في الصفوف الأربعة، بالإضافة إلى حذف أربعة دروس في كل من الصفين الثاني والثالث، وتقليص عدد سور القرآن التي يجب حفظها من 16 إلى 12.
وأشارت الدراسة إلى حذف ثلاثة دروس كانت تتحدث عن سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم من الصف الأول، وإدراج دروس "الطالبِ النشيط"، و"هيا نلعب"، و"مدرستي" بدلا منها.
واتهمت الدراسة المنهاج الجديد بـ"التقزيم والتسخيف"، على حد وصفها، مستدلة كذلك بحذف آية "قل هو الله أحد" من درس "الله الواحد"، وحذف قصة الصحابي بلال بن رباح، وترديده "أحد أحد" من درس سورة الإخلاص في الصف الأول، وشطب قصة تفكر النبي إبراهيم عليه السلام في السماوات والأرض من درس الإيمانِ للصف الثالث.
وتحدثت الدراسة عما قالت إنه "تغييب معنى اعتزاز المسلم بدينه"، من خلال خفض عدد عبارات "أنا مسلم، المسلم يفعل كذا، والمسلم لا يفعل كذا" من 60 موضعا في
المناهج القديمة إلى 38 موضعا فقط في المناهج الجديدة، "ناهيك عن تقديم الأخلاق باعتبارها آدابا عامة لا تنبع من الإسلام، على عكس المنهاج القديم الذي كان ينطلق من آية أو حديث شريف، ثمّ يتحدث عن القيمة الأخلاقية"، وفق الدراسة.
كما انتقدت الدراسة ما اعتبرته محاولة "فك الارتباط بين منهجي التربية الإسلامية واللغة العربية".
الخوف من القادم
وقال مشاركون في إعداد الدراسة، لـ"عربي21"، إن ما يتمّ تسريبه حتى الآن من اللجان القائمة على تطوير المنهاج من الصف الخامس فما فوق، أنهم يتوجهون لحذف أربعة أو خمسة دروس من كل صف في كل فصل، بالإضافة إلى إدراج عناوين حول الإرهاب، و"التي يعلم كيف يتم التعاطي معها، بالإضافة إلى التركيز على مقابلة المسجد بالكنيسة".
ودعا القائمون على الدراسة إلى تخصيص مقرر خاص بالمسجد الأقصى المبارك، "باعتباره قضية
فلسطين الأولى، في ظل غياب الوعي والمعلومات لدى طلبة
المدارس بمعالم المسجد وتاريخه وواقعه".
انتقادات منذ البداية
وأطلقت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، في 28 آب/ أغسطس الماضي، المنهاج الجديد للصفوف الأربعة الأولى، على أن تستكمل مناهج الصفوف الباقية من الخامس إلى الثاني عشر في السنوات المقبلة، بعد وضع الخطوط العريضة لها، فيما وصف رئيس الوزراء رامي الحمد الله المنهاج الجديد بـ"العصري والتفاعلي والمرتبط بالقضية الفلسطينية، والبعيد عن التلقين".
وتلقى المنهاج الكثير من الانتقادات، حيث قال وكيل وزارة التربية والتعليم بغزة، زياد ثابت، إنه سيدخل موسوعة "غينيس للأرقام القياسية، باعتباره أكثر منهاج حوى أخطاء"، على حد قوله.
وردت وزارة التربية والتعليم على الانتقادات بوصف المنهاج بـ"التجريبي"، متهمة المنتقدين بأنهم "يختبؤون خلف الدين لتمزيق نسيج المجتمع"، وقالت إن لديها معلومات بتمويل الاحتلال لفئات لتنتقد المنهاج، وفق قولها.
إنجاز مهم
وقال مسؤول قسم التربية الإسلامية في مركز المناهج الفلسطينية، إياد جبور، إن "الانتقادات الموجهة لمنهاج التربية الإسلامية الجديد إنما تنبع من عدم وعي من يقدمها بطبيعة المنهاج وآلية
التعليم المقررة، والتي تركز على سرد المعلم الموضح في الدليل، ودروس المشاهدة والاستماع المعدة سلفا في كل حصة"، كما قال.
وتابع، في حديث لـ"عربي21": "الانتقاد في هذا الوقت هو انتقاد متسرع لمنهاج أربعة صفوف فقط، وأنا أؤكد أنه مع انتهاء العمل على مناهج الصفوف التالية سيتضح أن شيئا من المادة العلمية لم يقل، وأن حفظ السور الذي قُلل في المرحلة الابتدائية بسبب صعوبته على الأطفال، سيزيد كلما علت الصفوف".
وأكد جبور أن القائمين على المنهاج الجديد هم "كفاءات دينية وعلمية، لم يضغط عليها أحد، ولم يتدخل أحد في عملها، ومشهود لها بالدين والإخلاص والوطنية، رافضا التشكيك فيها"، على حد قوله.
وقال جبور لـ"عربي21" إن "ما أنجز هو خطوة مهمة في ظل الأجواء العالمية التي تريد السطو على مناهج التربية الإسلامية بالحذف الكامل"، مضيفا: "لجنة إصلاح التعليم في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية كانت أوصت قبل سنتين تقريبا باعتماد دليل معلّم للتربية الإسلامية بدلا من الكتاب المدرسي للصفوف من الأول وحتى الرابع الأساسي، وقد واجهت توصيات اللجنة اعتراضات بهذا الخصوص، فكان من فضل الله تعالى أن التوصية لم تقرّ، كما أن منهاج التربية الإسلامية في الثانوية العامة الآن أصبح هامشيا واختياريا"، معتبرا "أن الأصوات المنتقدة الآن تدعم موقف المطالبين بالحذف من حيث لا تدري".
وبيّن أن "الحذف المشار إليه في الدراسة مردّه التيسير والتسهيل، بعد الشكاوى الدائمة من صعوبة المناهج، فالآيات والأحاديث التي كانت مقررة سلفا ليست في وسع الطالب".