تُوج الشاعر
المغربي محمد بنطلحة بجائزة الأركانة العالمية للشعر في نسختها الحادية عشرة، أمس الخميس بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية بالرباط.
وشدد الشاعر بنطلحة، في كلمة بمناسبة تسلمه الجائزة ودرعها وشهادتها، على "المثابرة والصبر والإصرار" باعتبار أن "الموهبة وحدها لا تكفي" وأن "البناء يكون من الأساس ومن المحلية، وليس من السطح".
يذكر بأن لجنة التحكيم، التي قررت منح بنطلحة
جائزة الأركانة العالمية للشعر في هذه الدورة، تشكلت من الشاعر محمد الأشعري (رئيسا)، ومن الشعراء رشيد المومني، وحسن نجمي، ونجيب خداري، ومن الناقدين عبد الرحمان طنكول، وخالد بلقاسم (أعضاء).
وجاء في تقرير اللجنة أن "التجربة
الشعرية للشاعر محمد بنطلحة لحظة مضيئة في الشعرية العربية المعاصرة، لقد انبنت هذه التجربة على تفاعل خلاق لا مع الشعرية العربية وحسب، بل أيضا مع الشعريات العالمية، وتمكنت من أن تنحت لذاتها ملمحها الخاص، الذي يحمل دمغة الشاعر في بناء رؤية شعرية مركبة، وفي النزوع الدائم إلى اكتشاف أشكال جديدة، وفي الانتصار الجمالي للغة العربية".
وقال الشاعر، محمد الأشعري، إن الاحتفاء بتجربة محمد بنطلحة، الذي حققت لجنة التحكيم حوله أسرع إجماع في تاريخها، "احتفاء مستحق" ويشكل "انتصارا لقيمة جمالية استثنائية، وأملا نشهره في وجه من يريدون أن يجعلوا اليأس جزءا من هويتنا"، مضيفا أن التجربة الشعرية لبنطلحة "علامة بارزة في الشعر المغربي، الذي لم يعد مجرد صوت داخلي مع أنفسنا بل صار جسرا يربطنا مع العالم".
ودعا رئيس لجنة تحكيم الجائزة في دورتها الحادية عشرة، بحسب ما أفادت وكالة المغرب العربي للأنباء، إلى أن "تفتتح المدارس والمعاهد والجامعات أبوابها مشرعة لهذا الشعر الجميل حيث منبع الجمال واللغة والحرية" باعتبار أن "الأمة التي لا تقرأ شعراءها لا تبني خيال أبنائها".
من جانبه، رأى الشاعر نجيب خداري، رئيس بيت الشعر في المغرب، أن "محمد بنطلحة يمضي في إغناء المتن الشعري المغربي والعربي والإنساني، بقليله الهائل، محتشدا بمباهج التخييل وغرابته، من خلال لغة لا تتنازل عن رهافتها ودقتها وصرامتها، كما لا تتخلى عن سخائها واقتصادها الشديدين"، مشيرا إلى أن تكريم تجربة بنطلحة يؤكد أن "التقدير المتزايد عربيا وعالميا لإبداع المغاربة لا بد أن يقابله تقدير وتكريم من داخل المغرب".
فيما قال وزير الثقافة، محمد أمين الصبيحي، في كلمة بالمناسبة، إن "جائزة الأركانة العالمية للشعر تواصل مسارها الاحتفائي بالإبداع المتميز، وتكريس مكانتها الرمزية كإحدى أهم الجوائز في المغرب، مما يحصنها كمكسب اعتباري للثقافة المغربية المتلاقحة والمنفتحة على الثقافات".
وأضاف أن "الجائزة إذ تكافئ في دورتها هذه الشاعر المغربي محمد بنطلحة، تقديرا لمنجزه الإبداعي الرصين والمجدد، تلفت الانتباه إلى ما يحفل به المتن الشعري المغربي والعربي من إضافات نوعية أغنت ديوان الشعر العربي، مثلما تواصل طرح سؤال التجديد والانزياح في القصيدة المغربية المدعوة إلى ارتياد آفاق الحوار مع المتون المختلفة لتحقيق القيمة المضافة الشعرية التي تبرر وجودها".
وأصدر بنطلحة، المزداد سنة 1950، دواوين "نشيد البجع"، و"غيمة أو حجر"، و"سدوم"، و"بعكس الماء"، و"ليتني أعمى"، و"قليلا أكثر"، و"الجسر والهاوية" (سيرة شعرية)، و"صفير في تلك الأدراج"، و"أخسر السماء وأربح الأرض"، و"رؤى في موسم العوسج/تحت أي سلم عبرت"، و"رماد المعنى" (طروس)، فضلا عن دراسة باللغة الفرنسية عن الشعر المغربي المعاصر.
يشار إلى أن جائزة الأركانة العالمية للشعر، التي يمنحها بيت الشعر في المغرب، بشراكة مع مؤسسة الرعاية لصندوق الإيداع والتدبير وبتعاون مع وزارة الثقافة؛ تبلغ قيمتها المادية 12 ألف دولار أمريكي.
وسبق أن فاز بها ثلة من رموز الشعر الإنساني، بداية مع الشاعر الصيني بي ضاو (2003)، ثم منحت للشاعر المغربي محمد السرغيني (2005)، والشاعر الفلسطيني محمود درويش (2008)، والشاعر العراقي سعدي يوسف (2009)، والشاعر المغربي الطاهر بنجلون (2010)، والشاعرة الأمريكية مارلين هاكر (2011)، والشاعر الإسباني أنطونيو غامونيدا (2012)، والشاعر الفرنسي إيف بونفوا (2013)، والشاعر البرتغالي نونو جوديس (2014)، والشاعر الألماني فولكر براون (2015).