نشرت صحيفة هاندلزبلات الألمانية تقريرا، قالت فيه إن
إيران تمارس لعبة دموية في العراق وسوريا، أدت لتغيير توازنات القوى في المنطقة، وتوسيع دائرة النفوذ الشيعي، لتمتد من أفغانستان إلى البحر الأبيض المتوسط، وهذا يدعو لدق نواقيس الخطر، خاصة في السعودية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن معركة حلب اكتسبت أهمية استراتيجية، ليس فقط لرأس النظام السوري بشار الأسد، بل أيضا للنظام الإيراني وطموحاته في المنطقة. وهذه المعركة -التي تعد الأهم منذ اندلاع الثورة السورية في سنة 2011- لم يكن بإمكان الأسد كسبها دون مساندة المليشيات الشيعية التي أرسلتها إيران لمهاجمة واحد من أهم معاقل المعارضة المسلحة.
واعتبرت الصحيفة أن النجاح العسكري الذي حققته إيران في
سوريا، جعلها تتقدم على خصمها التاريخي (المملكة العربية السعودية) في السباق في السيطرة على المنطقة.
أما في العواصم الغربية، فإن الجميع ينظر إلى السياسة الإيرانية بعين الريبة، وقد تزايد منتقدو الدور الإيراني بشكل كبير في الفترة الأخيرة، فيما برزت تساؤلات حول تأثير ذلك على الاتفاق النووي، في ظل رغبة الشركات الغربية، لا سيما الألمانية، في الاستفادة من الفرص الاقتصادية في السوق الإيرانية التي فتحها الاتفاق.
وأكدت الصحيفة أن إيران، من خلال دخولها الحرب السورية، نجحت في توسيع دائرة نفوذها، لتمتد من أفغانستان إلى ضفاف البحر الأبيض المتوسط. وقد أدت هذه الحرب إلى إحداث تغييرات في موازين القوى في المنطقة؛ إذ إن سوريا باتت تعتمد بشكل كامل على الدعم العسكري الإيراني.
وفي الجوار أيضا في العراق، نجحت المليشيات الشيعية في الاستحواذ على السلطة والسيطرة على الأوضاع الميدانية منذ سقوط نظام صدام حسين إثر الغزو الأمريكي، وهو ما لم يكن ممكنا دون التدريب والتسليح الإيراني.
وأضافت الصحيفة أن هذه المليشيات الشيعية، التي تدعمها إيران، تلعب الآن دورا محوريا في الهجوم الذي تشنه القوات العراقية من أجل استعادة مدينة الموصل من سيطرة تنظيم الدولة. وتسعى هذه القوات في المرحلة الحالية إلى السيطرة على بلدة تلعفر، التي توجد بين مناطق سيطرة تنظيم الدولة والحدود السورية. وبدخول تلعفر، ستتمكن إيران من ضمان مجال سيطرة عسكرية يمتد إلى البحر الأبيض المتوسط.
وأشارت الصحيفة في السياق ذاته إلى أن إيران أيضا تتمتع بنفوذ قوي في لبنان، بفضل الطائفة الشيعية المتواجدة في البلاد، وبفضل تنظيم
حزب الله، الذي يعد اللاعب الأبرز سياسيا وعسكريا في لبنان، والذي أرسل هو أيضا مقاتليه للمشاركة في الحرب السورية إلى جانب بشار الأسد.
ونقلت الصحيفة عن هلال خشان، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية ببيروت، قوله: "ليس هنالك شك في أن إيران صنعت هلالا أو قوسا شيعيا؛ إذ إن الإيرانيين يسعون إلى توسيع دائرة نفوذهم لأكثر من إيران ولبنان، وهم يعملون على تحقيق أهدافهم بكل تصميم، والآن هم بصدد جني ثمار سياساتهم".
وأضافت الصحيفة أن الدول الغربية عبرت عن عدم رضاها عن التدخل الإيراني العسكري في منطقة الشرق الأوسط، حيث وجهت الحكومة الفيدرالية الألمانية انتقادات لاذعة لإيران؛ بسبب دعمها لمليشيات بشار الأسد في حلب، والانتهاكات التي ارتكبتها في الأسبوع المنقضي. وقد تحدث الناطق باسم الحكومة شتيفن سايبرت عن جرائم حرب ارتكبها النظام السوري، وشارك فيها أيضا مقاتلون إيرانيون ومليشيات أخرى شيعية مدعومة من إيران.
وأكدت الصحيفة أن هذا الدور الإيراني المتزايد في المنطقة يدعو لدق نواقيس الخطر في المملكة العربية السعودية، التي تمثل محور الطائفة السنية في المنطقة. وبحسب مصادر دبلوماسية، فقد بدأت إيران في سنة 2012 بإرسال الآلاف من المقاتلين الأفغان، الباكستانيين واللبنانيين، للمشاركة في الحرب. وتحت قيادة خبراء عسكريين من الحرس الثوري الإيراني، نجحت هذه المليشيات في وقف تقدم المعارضة السورية في عدة مناطق.
وأشارت الصحيفة إلى أن السعودية في المقابل فشلت في القيام بتدخل عسكري، واكتفت بدعم المعارضة بالمال والسلاح، حيث إنها اعتقدت أن هذا الأمر سيكون كافيا لإسقاط النظام السوري، إلا أنها اكتشفت فيما بعد أن هذا التقدير كان خاطئا.
وذكرت الصحيفة أن إيران تعمل على تقوية جبهتها الداخلية والمحافظة على التأييد الشعبي لتدخلها الخارجي، من خلال الترويج لكونها تدخلت في سوريا من أجل منع انتقال الحرب إلى أراضيها، ويبدو -بحسب الصحيفة- أن هذه البروباغاندا نجحت في التأثير على الرأي العام؛ حيث تنتشر في الفترة الأخيرة الأغاني الدينية في الشوارع، وهي في مجملها تمجد المقاتلين الشيعة الذين يحاربون في سوريا والعراق. وفي معرض كتاب أقيم مؤخرا في طهران، وقف الزوار في صفوف من أجل التقاط الصور مع خوذة عسكرية وبعض قطع الذخيرة القادمة من حلب، المدينة التي تعرضت للتدمير.