يسود مناخ من الترقب؛ الأجواء السياسية في
لبنان، وسط توقعات عن اقتراب إعلان ولادة الحكومة الجديدة برئاسة سعد
الحريري خلال الأيام القليلة المقبلة، بعدما ذلّلت العقبات أمامها، بحسب ما رشح عن الأقطاب السياسية الرئيسية.
ونقلت وسائل إعلام لبنانية؛ عن رئيس مجلس النواب نبيه بري قوله إن "التأليف الحكومي انتهى بنسبة 99 في المئة، ولو أنّ الأمر يعود إليّ لكانت صدرت مراسيم تشكيل الحكومة".
وكان الحريري، رئيس تيار المستقبل، قد أنهى مشاوراته النيابية حول تشكيل الحكومة قبل أسابيع، بعد تكليفه برئاستها من قبل الرئيس اللبناني ميشال عون، بناء على نتيجة الاستشارات النيابية (وفق الدستور اللبناني).
يأتي ذلك وسط انتقادات توجهها أقطاب من قوى
14 آذار لما يرونها "هيمنة" من
حزب الله على مفاصل الدولة، بما فيها مسألة تشكيل الحكومة.
وقال الرئيس اللبناني الأسبق، أمين الجميل، في لقاء تلفزيوني، الاثنين، إن "حزب الله يعلن صراحة أنه لا يمكن انتخاب رئيس للجمهورية إذا لم يكن هو راضيا عنه، ومن ثم يعلن أمينه العام حسن نصر الله في خطاب واضح أن الرئيس نبيه بري باق اليوم وغدا رئيسا للمجلس النيابي".
وأضاف: "أعلن في خطاب آخر أنه لا مانع عنده من مجيء الرئيس سعد الحريري رئيسا للحكومة، مسايرة لعون بهدف تسريع انتخابه وتسهيله، وأخيرا لا تشكيل للحكومة من دون إرضاء سليمان فرنجية". ورأى الجميل في ذلك "إمساكا من حزب الله بمجموعة من المفاتيح، وتحكما بمفاصل عديدة في السياسة اللبنانية".
ما دور حزب الله في ملفات الدولة
وقال الوزير ورئيس حزب الكتائب سابقا، كريم بقردوني، في تصريحات خاصة لـ"
عربي21"، إن الانفراج السياسي الذي يتم الحديث عنه "عائد إلى تدخل حزب الله بشكل مباشر في التشكيلة الحكومية بعد خطاب أمينه العام حسن نصر الله (الأسبوع الماضي)، وتذليل عقدة مشاركة الوزير سليمان فرنجية في حقيبة توصف بالأساسية، وذلك عبر الاتفاق بين الرئيس نبيه بري ونصر الله"، حسب تعبيره.
وحول الأسباب الحقيقية وراء تأخر التشكيل، ذكر بقردوني أن "العقد لطالما كانت تعرقل في مراحل سابقة مسار تشكيل الحكومات، وهذه المرة اتخذت العقدة منحى إعلاميا باعتبارها الحكومة الأولى في العهد"، كما قال.
الإشارات الإيرانية
وعن الإشارات الإيرانية بشأن إتمام تشكيل الحكومة، قال: "حزب الله لا يحتاج إلى موافقة إيرانية أو إشارة سياسية على اعتبار أنه معتمد ومفوض من قبل سوريا وإيران معا، وهو قادر بحكم موقعه على التصرف من دون الرجوع إلى الخارج فيما يخص الأمور الداخلية اللبنانية، فما يحوزه من قوة يعفيه من اللجوء إلى الخارج"، على حد قوله.
وتحدث بقردوني عن معلومات خصّ بها "
عربي21"، فقال: "ما أودّ أن أكشفه لكم هو أن حزب الله أبلغ إيران وسوريا بحل أزمة تشكيلة الحكومة، حيث كان الانطباع إيجابيا من قبلهما، فالحزب لم يتلق طلبا، لا من سوريا ولا إيران، حول شكل وصيغة الحكومة، بل العكس هو الذي حصل"، كما قال.
وحول شكل التدخلات الإيرانية والسورية، قال: "إيران وحلفاؤها لديهم نظرة استراتيجية للأمور، ولا يغوصون في التفاصيل الداخلية، والدليل على ذلك أنهم لا يتدخلون في تفاصيل التشكيلة الحكومية في العديد من البلدان، كمصر مثلا".
وشدد على أن "لبنان خارج المعادلات التي اعتاد عليها لبنان، والتي كانت سمتها تدخلات خارجية في أدقّ التفاصيل اللبنانية، بما فيها التعيينات".
وعن مسار لبنان القادم في ظل التجاذبات الداخلية، والتشابكات الخارجية في محيطه، قال: "لبنان لم يقع في الأزمة التي تجتاح العالم العربي، وقد وقع لسنتين ونصف في حالة جمود قبل أن تحلّ الأزمة"، موضحا أن "مسار الأمور متجه نحو تحسين الأوضاع الداخلية بما فيها الاقتصادية والاجتماعية، والتعامل مع هاجسي اللاجئين السوريين والإرهاب".
وتابع: "لبنان سينتقل من وضعيته السابقة إلى حالة فك المشاكل، ولكن ستكون هذه الحلحلة على مراحل وبشكل بطيء، في ظل ثقل المشاكل التي يعانيها لبنان"، وفق تعبيره.
البعث: النظام السوري موجود في لبنان
من جهته، أكد الأمين القطري لحزب البعث السوري في لبنان، النائب عاصم قانصوه، أن "السوريون لا يتدخلون بشكل مباشر في مسار السياسي الحالي، وإنما أوكلوا حزب الله بذلك"، موضحا أن "السوريين (في إشارة الى النظام) لم يغادروا لبنان، فلهم حلفاؤهم ومناصروهم ومؤيدوهم، ولهم أحزابهم وحضورهم، وإن كان ذلك ليس على النسق القديم".
وتحدث قانصوه في تصريحات خاصة لـ"
عربي21"؛ عما وصفه باتجاه الأوضاع "لصالح جبهة التصدي التي تمثل سوريا وحزب الله وإيران"، كما قال.
وحول مسارات تشكيل الحكومة، قال: "الانفراج نسبي في ظل خروج فرقاء من سلّة الحل، وأنا واحد منهم"، مشيرا إلى احتمالية "توزير عبد الرحيم مراد (سياسي سني مقرب من حزب الله) رغم معارضة الحريري لذلك".
وتوقع قانصوه إعلان التشكيلة الحكومية خلال اليومين المقبلين، متطرقا إلى ما قال إنه القانون الانتخابي الجديد لمجلس النواب الذي رجّح تبنيه.
وقال: "عندما تحدث نصر الله عن قانون النسبية بات الأمر مقبولا لدى الكثيرين (يقصد قوى
8 آذار)"، مضيفا: "كنت الوحيد الذي طرح قانون الانتخابات النيابية على أساس القاعدة النسبية قبل أربع سنوات، وعندما نوقش بشكل جدي قبل سنتين جاء الرفض من قبل أغلب الأطراف، والآن يعود إلى الواجهة في ظل موافقة كبيرة"، كما قال.
الفيتويات ومرشحو النظام
وحول ما يحكى عن فيتو للنظام السوري بخصوص توزير بعض الشخصيات، قال: "بناء على معلوماتي وتواصلي المباشر مع دمشق، لم يوضع فيتو على أحد، بل بالعكس وضع فيتوي من الطرف الآخر (يقصد الحريري وقوى 14آذار) وأنا واحد من المرفوضين"، متحدثا عن مرشحين للنظام السوري "يتوقون إلى توزيرهم، كأسعد حردان من الحزب القومي السوري"، على حد قوله.
ودعا قانصوه الحكومة الجديدة إلى "المضي بسياسة النأي بالنفس للابتعاد عن التجاذبات الحاصلة في المنطقة، وما تحمله من تأثيرات على لبنان وللنهوض بالاقتصاد اللبناني وتحسين الأوضاع"، وفق تعبيره.
وعن الاتهامات التي تتجه إلى حزب الله، بأنه يفرض معادلاته الداخلية، رأى أن "لحزب الله الحقّ التدخل في الأوضاع اللبنانية كافة، على اعتبار أنه قوه أساسية، وله الفضل في المواجهة مع الاحتلال عام 2006، وقبلها تحرير الجنوب"، كما قال.