دفعت تصريحات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد
ترامب، عن احتمالية رفع بلاده الدعم عن حلف شمال الأطلسي (
الناتو)، بالاتحاد الأوروبي، إلى إعادة ترتيب أوراقه الدفاعية للحفاظ على أمنه بعيدا عن واشنطن.
وكان ترامب أعلن خلال حملته الانتخابية في آذار/ مارس الماضي، أن "الناتو يكلفنا كثيرا، نعم، نحن بهذه الصورة نحمي أوروبا، ولكننا ننفق أموالا كثيرة. لم يعد بإمكاننا تحمل هذا، لذلك يجب إعادة النظر بهذا. إبقاء الناتو ولكن بتحمل نفقات أقل".
رد فعل أوروبي
وفي تحرك هو الأول من نوعه عقب انتخاب ترامب رئيسا للولايات المتحدة، فقد وافق
الاتحاد الأوروبي، الاثنين، على خطة دفاعية يرسل بموجبها قوات للرد السريع إلى الخارج للمرة الأولى إذا اقتضت الحاجة.
وبموجب الخطة التي وضعها وزراء دفاع وخارجية الاتحاد الأوروبي، فإن ذلك سيتيح للاتحاد إرسال قوات للسيطرة على أزمة ما، دون الاستعانة بالولايات المتحدة.
من جهته، علق وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لو دريان، للصحفيين، بالقول: "ينبغي لأوروبا أن تكون قادرة على التحرك لحماية أمنها"، مضيفا أن "الاستقلال الاستراتيجي لأوروبا يفرض نفسه أيّا كان رؤساء الولايات المتحدة".
هل تمتلك أوروبا قدرة للدفاع؟
من جهته، قال المحلل العسكري والخبير الاستراتيجي أديب عليوي، في حديث لـ"
عربي21"، إن "أوروبا لا تستطيع الانفصال عن أمريكا، والأخيرة لا تستطيع التحرك دون حليفها الاستراتيجي أوروبا، لأن التهديدات الروسية تحتم عليهم جميعا ذلك".
وعن جدية تنفيذ التصريحات التي أطلقها ترامب، فقد رأى عليوي أن "خطاب الحملة الانتخابية لترامب لا يعول عليه، لأنه لم يقرأ بعد الملفات والحسابات المتعلقة بها"، لافتا إلى أن" التعويل على ما يقوله ترامب يكون بعد ثلاثة أشهر من تسلمه المنصب".
ويتفق الخير الأمني الدكتور محمود العجرمي، في تصريح لـ"
عربي21"، مع ما ذهب إليه عليوي، في العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وأمريكا في حلف الناتو، قائلا إن "انسحاب أمريكا من الحلف يضعف الدفاع الخارجي لأوروبا من التهديدات المتوقعة".
ومنذ مشروع مارشال، فإن الاتحاد الأوروبي يعتمد على الولايات المتحدة الأمريكية في الدعم من جهة، وعلى حلف الشمال الأطلسي (الناتو) من جهة أخرى، في الدفاع عن أمنه.
لكنه أكد أن العلاقة مع "الناتو" أمريكيا لم تكن جادة تماما، والمثال على ذلك فترة حكم أوباما للولايات المتحدة الأمريكية، فقد بقيت ملفات العلاقة مع الناتو على الرفوف.
هل تخرج أمريكا من "الناتو"؟
وبخصوص تنفيذ ترامب لتهديداته بالخروج من "الناتو"، استبعد المحلل العسكري أديب عليوي انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الحلف على الإطلاق، لأن ذلك يعني أن "أظافرها قد قصت"، بحسب تعبيره.
وشدد على أن أمريكا لن تنسحب من "الناتو"، إلا إذا أرادت أن تشكل حلفا آخر بديلا، لأنها لا تستطيع وحدها أن تسير الأمور في العالم دون تحالفات، وهذا ما حصل في احتلال العراق عندما احتلته بعدما حشدت عددا من دول أوروبا.
الرأي نفسه ذهب إليه الخبير الأمني الدكتور محمود العجرمي، بالقول إن "أمريكا لن تنسحب من حلف شمال الأطلسي، لأن الإدارة الجديدة برئاسة ترامب تنتظرها ملفات كبيرة مع سوريا والعراق واليمن والصراع الفلسطيني الإسرائيلي".
وأشار العجرمي في حديثه لـ"
عربي21"، إلى أن التفاوض بشأن هذه الملفات والجلوس مع إيران وروسيا، يحتم على الولايات المتحدة الأمريكية وجود حليفها الأساسي الاتحاد الأوروبي ليساندها، بحسب تعبيره.
"الناتو" واثق من ترامب
بدوره، أكد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، الثلاثاء، أنه "واثق" من أن دونالد ترامب سيحترم "كل التزامات الولايات المتحدة" حيال الحلف، بعدما ألمح الرئيس الجمهوري المنتخب خلال الحملة الانتخابية إلى أنه سيضع شروطا على استمرار تمويله.
وقال ستولتنبرغ في بروكسل بمناسبة اجتماع لوزراء الدفاع في أوروبا، إن " ترامب قال خلال الحملة إنه من كبار مؤيدي الحلف الأطلسي، وأنا واثق أنه سيكون رئيسا يحترم كل التزامات الولايات المتحدة حيال الحلف".
وأكد أنه سيقوم بذلك "لأن وجود حلف أطلسي قوي مهم لأوروبا وكذلك للولايات المتحدة"، معلنا "اتفاقه التام" مع ترامب حول "أهمية زيادة النفقات الدفاعية" من قبل الحلفاء الأوروبيين، ومشيرا إلى أن "هذه هي رسالة القادة الأمريكيين منذ سنوات".
وهناك خمس دول فقط في حلف شمال الأطلسي (من أصل 28) تحترم حتى الآن مستوى النفقات الدفاعية المطلوب، أي اثنان بالمائة من الحد الأدنى لإجمالي الناتج الداخلي، وهي الولايات المتحدة وبريطانيا واليونان وبولندا وإستونيا.