نشر موقع "ميديكال اكسبرس" الأمريكي دراسة؛ تحدّث فيها عما ينشر على موقع
التواصل الاجتماعي، "
فيسبوك" التي يمكن أن تساعد الباحثين على فهم الوضع العقلي والنفسي للفرد.
وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته "
عربي21"، إن منشورات "فيسبوك" يمكن أن تساعد الباحثين على تحقيق فهم أفضل لاضطرابات
الصحة العقلية والسلوكيات الأخلاقية للشخص. كما يقول بعض الباحثين في جامعة كامبريدج البريطانية؛ إن هذه المنشورات يمكن أن تستخدم في المستقبل لتقديم الدعم والنصائح للشباب.
وبيّن الموقع أن أكثر من مليار شخص في جميع أنحاء العالم يقومون باستخدام "فيسبوك" يوميا، أي أكثر من أي وسيلة إنترنت أخرى. كما أن الكثير من الأرقام تشير إلى أن 92 في المئة من المراهقين يستخدمون هذا الموقع يوميا.
وفي عدد من مجلة "لانسيت" للطب النفسي، ناقش باحثون من جامعة كامبريدج كيف يمكن تسخير مواقع الشبكات الاجتماعية لتوفير بيانات تساعد على التعرف على سنوات الإصابة الأولى بأي نوع من الأمراض العقلية.
وفي هذا السياق، قال الدكتور من قسم الطب النفسي ومؤلف هذه الدراسة، بيكي انكستر، إن "موقع التواصل الاجتماعي، "فيسبوك"، يحظى بشعبية كبيرة؛ يمكن أن توفر لنا ثروة من البيانات التي من شأنها أن تساهم في تحسين معرفتنا باضطرابات الصحة العقلية؛ كمرض الاكتئاب وانفصام الشخصية".
وأضاف أن "فائدة هذه الثروة الرقمية يمكن أن تمتد لتساعد أيضا على فهم وضعيات الأشخاص الذين لا يمكن الوصول إليهم، مثل الشباب الذين لا مأوى لهم، والمهاجرين الذين يعانون من مشاكل الصحة العقلية، فضلا عن كبار السن".
ويشير الدكتور انكستر وزملاؤه إلى أن "فيسبوك" يمكن استخدامه لاكتشاف عوامل اضطراب الصحة العقلية لبعض الأشخاص. كما أن المؤلف المشارك من جامعة ستانفورد في هذه الدراسة، الدكتور ميشال كوسينكي، أفاد بأن بيانات الـ"فيسبوك" تميل إلى أن تكون أكثر مصداقية من المعلومات التي يمكن أن يُدلي بها الشخص عن نفسه، وذلك من خلال دراسة حجم كل من المحادثات التي يجريها، فضلا عن العديد من البيانات الأخرى.
كما أوضح الباحثون أن عدد منشورات وإعجابات ومشاركات مستخدمي "فيسبوك"؛ يمكن أن توفر كما هائلا من المعلومات. فقد كشفت دراسة سابقة، شملت 200 طالب أمريكي تبلغ أعمارهم نحو 18 سنة، عن أن واحدا من أربع منشورات لهؤلاء الطلاب على "فيسبوك"؛ يُظهر أعراض إصابة بعضهم بالاكتئاب.
وأضاف الباحثون أنه من خلال تحليل اللغة المستخدمة، والعواطف والمواضيع المشار إليها في المنشورات، قد يكون من الممكن الكشف عن أعراض أو علامات الإصابة المبكرة بمرض عقلي. كما يمكن أن يساعد التحليل الآلي للصور وتعبيرات الوجه العاطفية؛ على التعرف على سلوكيات الشخص، بما أن موقع "فيسبوك" يعتبر أكبر موقع لتبادل الصور في العالم، حيث يتم فيه يوميا تحميل 350 مليون صورة.
وأفاد الموقع أن العديد من الدراسات أثبتت أن الشبكات الاجتماعية يمكن أن يكون لها آثار إيجابية وسلبية على عواطف المستخدم، ويمكن أن تؤثر على مزاجه. وقد كشفت إحدى الدراسات أن انخفاض المحتوى الإيجابي على صفحات "فيسبوك" قد يؤدي إلى ارتفاع نسبة المنشورات السلبية، والعكس صحيح.
في حين، أظهرت أبحاث أخرى أن بعض الناس ممن يعانون من اضطرابات عقلية؛ قد أقروا أن وسائل التواصل الاجتماعي قد ساعدتهم على تحسين حالتهم. كما أعرب العديد من الأشخاص الذين يعانون من انفصام الشخصية ومن مرض الهوس؛ أن هذه المواقع ساعدتهم على الانخراط في المجتمع وعلى تجاوز حالتهم.
وفي هذا السياق، قال الدكتور بيكي انكستر، إن "العلاقات التي يتم إنشاؤها على موقع "فيسبوك" تساعد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الثقة بالنفس ومن عدم القدرة على الاندماج بسرعة". وأضاف: "المراهقون الذين يفضلون الانعزال اجتماعيا هم أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب والتفكير بالانتحار، ولذلك يشجع العديد من الأطباء مرضاهم على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي".
وقد أظهرت أبحاث أخرى أن مواقع التواصل الاجتماعي قد تساعد أيضا المدمنين على التخلي عن شرب الكحول، وعلى كشف نوايا الانتحار عند بعض المستخدمين وذلك من خلال مشاركاتهم ومنشوراتهم.
ومع ذلك، أفاد الموقع أن استخدام مواقع الشبكات الاجتماعية في مجال الصحة العقلية للشباب أثار العديد من القضايا الأخلاقية.
وفي هذا السياق، يقول الدكتور ديفيد ستيلويل، من جامعة كامبريدج، إن العديد من الأشخاص يشعرون بالقلق من فكرة وجود وسائل تواصل اجتماعية تقوم برصد خصوصياتهم، ولذلك نصح هذا الدكتور بالتعامل مع هذه الحالات بعناية شديدة.
وأوضح الدكتور بيكي إنكستر؛ أنه على الرغم من أنه ليس واضحا حتى الآن كيف سيتم استخدام مواقع الشبكات الاجتماعية لتحسين الرعاية الصحية العقلية، إلا أنه أقر بأن ذلك يمكن أن يحدث ثورة في هذا المجال.