سياسة عربية

هل يغير استخدام "الدرونز" وجه الصراعات في المنطقة؟ (فيديو)

الطائرات بدون طيار متوفرة ومتاحة تجاريا وتضيف عامل القوة الجوية للفصائل- أرشيفية
كشفت عدة فصائل وحركات مسلحة، مؤخرا، في مناطق الصراع، عن استخدامها لتقنية "طائرات بدون طيار"، في التصوير والمراقبة والقصف، ما يثير تساؤلات عن مدى استخدامه و"تحويله" لوجه المعارك.

من أفغانستان إلى حلب

كان آخر هذه الاستخدامات لطائرة بدون طيار على يد حركة "طالبان" الأفغانية، التي نشرت للمرة الأولى مقطعا مصورا لعملية انتحارية لأحد عناصرها ضد مركز للشرطة في ولاية هلمند الأفغانية.


واستخدمت الطائرات بدون طيار على يد تنظيم الدولة، في التصوير وفي القصف، وقد اعتاد التنظيم على بث مقاطعه المصورة باستخدام طائرات بدون طيار.

وفي 11 تشرين الأول/ أكتوبر، الجاري، قتل مقاتلان كرديان، الثلاثاء، بعدما أسقطا طائرة بدون طيار الأسبوع الماضي، ونقلاها إلى موقعهما، معتقدين أنها للمراقبة، قبل أن تنفجر بهما وتؤدي إلى مقتلهما وإصابة جنديين فرنسيين بإصابات خطيرة.

وفي آب/ أغسطس الماضي، قصف حزب الله مواقع للمعارضة السورية باستخدام طائرات بدون طيار، في ما وصفته صحيفة "التايمز" حينها، بأنه "إجراء ذو تبعات أمنية عالمية".

وفي سوريا، استخدمت جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا) وحركة أحرار الشام، الطائرات بدون طيار لتصوير العمليات العسكرية، كان آخرها في معركة فك الحصار عن حلب في آب/ أغسطس الماضي، قبل أن يتمكن النظام السوري من إعادة حصارها مجددا.


حرب "الدرونز"

من جانبها، قالت صحيفة "التايمز" إن "الدرونز (الطائرات بدون طيار) المتاحة تجاريا، سهلة التحليق وتحمل كاميرات صغيرة، وأصبحت واسعة الانتشار في معارك سوريا وشرق أوكرانيا، حيث استخدمت هناك للاستطلاع وتوجيه المدفعية وقذائف الهاون".

واستخدمت جبهة فتح الشام، الطائرات بدون طيار لصناعة أفلام دعائية لهجمات المشاة والتفجيرات الانتحارية.

وقال رافايلو بانتوشي، مدير الدراسات الأمنية في "المعهد الملكي للدراسات الخارجية"، لصحيفة "التايمز" في آب/ أغسطس، إن "التنظيمات الإرهابية تحدثت طويلا عن هذه الأشياء"، وكشفت مخططات سابقة عن استخدام تنظيم القاعدة لطائرات موجهة بالريموت في هجمات أمريكا 2011، التي تم إفشالها، وبعد ذلك بعام في جيبرالتار. ومنعت السلطات تحليق الطائرات بدون طيار فوق العاصمة البريطانية لندن خلال أولمبياد عام 2012.

"درونز" مفخخة

بدورهما، ناقش الكاتبان مايكل شميت وإيريك شميت، في صحيفة "نيويورك تايمز"، استخدام التنظيم للطائرات بدون طيار المتفجرة.

وأشارت الصحيفة إلى أن تنظيم الدولة حاول استخدام طائرات صغيرة بدون طيار على الأقل في مرتين مختلفتين، ما دفع القادة الأمريكيين في العراق إلى إطلاق تحذير للقوى التي تقاتل التنظيم باعتبار أي نوع من الأجهزة الطائرة جهازا متفجرا.

وكان التنظيم استخدم الطائرات بدون طيار، أو "الدرونز"، في الميدان لعمليات المراقبة، لكن الهجمات تشير إلى نجاحه بتبني التقنية المتطورة وتحويلها إلى سلاح فاعل جديد، بينما يحذر المستشارون الأمريكيون من أن الطائرات بدون طيار قد تستخدم ضد قوات التحالف من التنظيم في معركة الموصل.

وقال بي دبليو سينجر، المختص في الأسلحة الآلية في مركز دراسات "نيو أمريكا" إنه "على الجيش الأمريكي أن يكون مستعدا لذلك، لكنه لم يكن"، بحسب "نيويورك تايمز".

وقال المسؤولون العسكريون إن البنتاغون خصص موارد ضخمة لإيقاف الطائرات بدون طيار، لكن بعض الوحدات العراقية والكردية حصلت على أجهزة متطورة توقف هذه الأسلحة، مضيفين أنهم منحوا "منظمة الدفاع ضد التهديدات المتطورة المشتركة"، التابعة للبنتاغون، عشرين مليون دولار من الكونغرس، للمساعدة في مواجهة هذه المشكلة.

متوفرة تجاريا

بدورهم، قلل نشطاء سوريون من أهمية التقرير الذي نشرته وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) مؤخرا، حول امتلاك تنظيم الدولة لطائرات مسيرة تقوم بالتصوير ورصد المواقع، مؤكدين أن معظم القوى الموجودة على الأرض السورية تمتلك هذا النوع من الطائرات.

وقال الناشط الإعلامي محمد درويش، إن "الطائرات المسيرة التي تقوم بالتصوير ومراقبة مواقع وتحركات العدو؛ أصبحت سلعة متوفرة، ومن السهل الحصول عليها، والأمر لم يعد اكتشافا هاما يستحق كل هذا التضخيم الإعلامي".

وأضاف لـ"عربي21"، في تقرير سابق، أن "الكثير من الشركات تقوم بتصنيع هذه الطائرات وبيعها؛ لتصل بسهولة إلى كل من يحتاجها من فصائل عسكرية، سواء في سوريا، أم في أماكن أخرى من العالم". 

وأوضح أن "الأمر زاد عن كونها سلعة تجارية ورخيصة نسبية، إلى توفرها بشكل جعل الحصول عليها أسهل من الحصول على سلع أخرى قد تكون هامة للأهالي في سوريا". وتساءل قائلا: "هل تعلمون أن طائرات فانتوم المسيّرة والمخصصة للتصوير؛ أصبح لها وكلاء ومراكز بيع في الداخل السوري؟".

ورصدت "عربي21" صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" تسمى "طائرات فانتوم في الشمال السوري"، وتهتم ببيع هذا النوع من الطائرات التي تحمل ماركة "فانتوم" المشهورة، والمعروفة بسعر لا يزيد على الألفين و300 دولار للطائرة الواحدة.

"مجرد صعوبات"

بدورها، قللت الكاتبة أولريك فرانك، الباحثة في جامعة "أكسفورد" لاستخدام الطائرات بدون طيار، من أهمية الدرونز، قائلة إنه "لن يغير وجه المعركة، وإنما سيضيف بعض الصعوبات العسكرية".

وقالت فرانك في مقال لها، على موقع "War in the Rocks"، إن هناك إمكانيات أكبر لاستخداماتها على يد الحركات المسلحة، مشيرة إلى أنها تمنح هذه الفصائل القوة الجوية التي تفتقدها.

وأكدت الكاتبة أن هناك مرحلة جديدة من استخدام هذه الطائرات ومكافحتها على يد الأنظمة، خصوصا إن كان المتمردون "الأذكياء" قادرين على التكيف معها ومعرفة طرق استخدامها.